عبده بورجي (مأساة الكذاب ليس في ان الناس لا يصدقونه بل لأنه لا يصدق أحدا).الكذب بشكل عام صفة سيئة وممقوتة نهى عنها ديننا الإسلامي الحنيف وفي زماننا المعاصر ظهرت أنواع مختلفة من الكذب حتى كاد يكون ملونا وصارت له مناسبات غالبا ما أدت إلى سقوط ضحايا ومصائب تحل بأناس يجهلون مناسباته تلك او يفوتهم الحذر من توقيتها حتى لو كان ما يسمعونه فيها صدقا. فالبعض يبيض كذبته السوداء فيقول كذبه بيضاء لتبرير ما فعل والتخفيف من آثارها على غيره من الضحايا على يده ، أو لتحقيق غاية في نفسه ولذا كان حبل الكذب قصيراً ( من تغدى بكذبه ما تعشى بها ) كما جاء في المثل الشعبي اليمني. المصيبة تكون كبيرة اذا تحول الكذب لدى الشخص الى سلوك يصعب معالجته وربط كل تصرفاته بدرجة حياكة الكذب وأسلوب إجادته لخداع غيره من الناس. وما نود مناقشته هنا هو ( كذبة ابريل )، هذه الكذبة التي تحولت في بلادنا العربية مع الايام الى مناسبة اصبح لها محتفلوها وكذابوها المتخصصون والمجيدون دون خوف او وازع من ضمير من النتائج التي يمكن ان يلحقوها بغيرهم والكوارث التي يمكن ان تحل على من يكذبون عليهم ليجنوا منها لحظات كذابة من الضحك المصطنع والمزيف والاستمتاع بتعذيب الاخرين، وجعلهم مبعث مزاح ثقيل لكذبة موسمية تكاد تتحول الى مناسبة كان على الكل الاحتفال بها وممارستها والاستعداد لها من اول العام واختيار ضحاياها بعناية والذين عادة ما يكونون من اقرب المقربين الى كذابي ابريل. فالابن لا يتورع ان يجربها في ابيه او امه والاخ كذلك مع اخوته والصديق مع صديقه والموظف مع اخر ولا اشك في ان من يكذبون في هذه المناسبة قد لا يتورعون عن الكذب في غيرها من الأوقات وتصبح حياتهم كلها كذبا في كذب وشهور السنة وأيامها عندهم سينظرون اليها على انها ابريل . بعض الناس للاسف في بلادنا انقادوا وراء ما يحدث في بلدان اخرى وصار هناك من يخدعك في اول ابريل ويمرر كذبته عليك وقد لا تصحو من هول الصدمة الا اذا كنت منتبها لهذا اليوم وتتوقع وجود مثل هؤلاء ، او ان يستدرك الكذاب ما فعل بعد ان يصعب عليه حالك فيعترف لك بانه كان الاول من ابريل فمن اين جاءت هذه الكذبة الشهيرة في اسمها الكارثية في آثارها.؟ كذبة ابريل لم تكن اختراعا حديثا بل هي تقليد قيدم عمره مئات السنين وان كان اصله غير معروف بالضبط ، لكن الكتب التاريخية ترجح ان يكون فرنسيا ويعود اصله على الشكل التالي: كانت السنة الجديدة من التقويم الجو لياني القديم تبدأ في اليوم الاول من نيسان لذلك كانت الايام القليلة التي تسبق هذا التاريخ مخصصة للاستعداد للاحتفال برأس السنة ، حيث كان الناس يتبادلون الهدايا والتهاني بالعام الجديد . وفي عام 1564م تبنت فرنسا تقويما جديدا يقضي بان تكون السنة الجديدة في كانون الثاني بحيث صار الاحتفال برأس السنة في هذا التاريخ الجديد فكيف بقيت كذبة ابريل بالرغم من ان التاريخ الذي ارتبطت به قد انتهى ؟ .لقد ابقى الناس لرأس السنة احتفاله المزعوم او هدايا زائفة او مقالب مناسبة بمناسبة عام موهوم يترافق باحداث هامة ومع مرور الزمن اخذ هذا اليوم دلالات مختلفة لدى الشعوب باختلاف عاداتها وتقاليدها. والفرنسيون حتى اليوم يطلقون على كذبة نيسان اسم (سمكة نيسان ) للدلالة على ان السمكة الصغيرة تقع في الفخ بشكل اسرع من غيرها بمعنى انه يجب ان تكون الكذبة صغيرة لكي يسهل كشفها .
|
مقالات
مأساة الكذاب
أخبار متعلقة