غضون
* الضجة العربية والإسلامية التي نشأت أوائل عام 2006م وبعد ثلاثة أشهر من نشر تلك الرسوم الكاريكاتورية في صحيفة دانماركية ومجلة نرويجية والتي اعتبرت مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كانت قد فجرت. وقبل أسابيع ألقت الشرطة الدانماركية على ثلاثة متطرفين كانوا يخططون لقتل رسامين وصحفيين مشاركين في تلك الإساءة، الأمر الذي دفع نحو 17 صحيفة لإعادة نشر الرسوم من جديد على سبيل التضامن أو التحدي. وهكذا عادت مظاهر الاحتجاج ولكن بصورة اضعف هذه المرة، ومن حق المسلمين أن يحتجوا على الإساءة للرسول باعتباره ثاني المقدسات بعد الله.. ولكن عندما يعبرون عن مواقفهم ينبغي أن يضاعفوا العبء على أنفسهم ولايضروا مصالحهم.. ففي المرة الأولى قتل مسلمون في بيروت وباكستان والصومال وافغانستان بسبب الفوضى في أسلوب الاحتجاج، وأحرقت سفارات وخربت ممتلكات وعلت دعوات مقاطعة الدانمارك سياسياً واقتصادياً، وهذه المرة يتكرر نفس الموقف الداعي إلى مقاطعة السلع الدانماركية بشتى أصنافها.. ولا أدري ما إذا كانت هذه المقاطعة تشمل العلاج الذي يستخدمه المصابون بمرض السكر الذي يأتي أكثره من الدانمارك.* إن تلك الصحف مصدر الإساءة لا علاقة لها بحكومة الدانمارك، وينبغي أخذ هذا الوضع في الحسبان، فالحكومة أدانت الإساءة وكذلك مجلس القساوسة، وفي المرة الأولى اعتذرت صحيفة “هلاند بوستن” عن الإساءة، وبالمقابل استغل اليمينيون الدانماركيون الأضرار التي لحقت باقتصاد بلادهم جراء المقاطعة الاقتصادية وراحوا يحرضون ضد المسلمين في ذلك البلد الذي يعيش فيه أكثر من 130 ألف مسلم.. وينبغي أن نلاحظ أن الدعوة إلى مقاطعة الدانمارك سياسياً واقتصادياً يجعلنا نخسر دولة صديقة وداعمة للتنمية في اليمن، كما أن هذه المقاطعة ستضر بمصالح وكلاء وتجار ومستهلكين للسلع الدانماركية.. كون صحيفة أو عدة صحف تسيء للرسول أو للإسلام لا يتوجب رد فعل من قبلنا يتعارض مع التزاماتنا بالعهود والمواثيق والعلاقات التي تربطنا بالعالم.* لا نقول إن السكوت أو الصمت مطلوب ـ رغم أن ذلك ممكن ـ ولكننا ننبه إلى ضرورة اللجوء إلى خيارات أخرى أكثر فاعلية لمنع الإساءة للأديان والرسل.. ومن هذه الخيارات مثلاً أن يخرج رجال الدين المعتدلون والعاملون في الحقل الإسلامي عن صمتهم ويقدموا للآخرين صورة عن الإسلام غير الصورة التي رسمها في أذهانهم المتطرفون والإرهابيون.