في وفاة شيخ التربويين : محمد سعيد شمسان
أحمد راجح سعيدنعم : “ الموت حق ولكل أمة أجل وكل من عليها فان “ لقد فجع حقلنا التربوي والتعليمي برحيل القامة التربوية والشخصية الاجتماعية والوطنية محمد سعيد شمسان وذلك بعد حياة حافلة في خدمة العلم والوطن وكان واحداً من أولئك الذين وضعوا اللبنة الأولى للنهضة التربوية والتعليمية الحديثة وذلك في بداية النصف الثاني من القرن الماضي انطلاقاًَ من الصرح التربوي العريق (المدرسة الأهلية) والتي تم إنشاؤها في مدينة التواهي على نفقة أهل الخير وفي طليعتهم الحاج حمزة محمد ناصر أحد أعيان مدينة التواهي في ذلك الوقت ولقد ظل الفقيد أحد رموز هذه المدرسة الرائدة حتى عام 1971م من القرن الماضي وهي الفترة التي تم فيها ضم المدارس الأهلية إلى قائمة المدارس الحكومية ومن أولئك الذين عاصروه وعملوا معه في المدرسة كوكبة من الأساتذة الأجلاء نذكر منهم على سبيل المثال في الإدارة المدرسية الأخويسن : إبراهيم عبده حمزة، وأحمد عبده حمزة وفي هيئة التدريس كل من سعد قائد القعطبي، وعبد الوهاب الوشلي، وعلي عبده نصر، وموسى الكاظم “عراقي”، وعلي الصوري، وجعفر عبده حمزة، وعبدالله عبد العزيز عثمان، وعبده عبدالله سعدان، وعبده عبدالله رشيد وآخرين لا يتسع الحيز لذكرهم.ولقد تخرج على أيدي هؤلاء قوافل من طلاب العلم المتميزين والذين أصبحوا يحتلون أرقى المناصب في مفاصل الدولة اليمنية الموحدة.. كما كان للمرحوم إلى جانب تخضرمه العلمي في مادتي اللغة العربية والرسم أنشطة متعددة من ضمنها الرياضة وخاصة لعبة كرة القدم التي مارسها لفترة زمنية واعتبرو واحداً من فرسانها المرموقين كما لعب حينها لعدد من الأندية الأهلية إلى جانب التحكيم حتى نهاية الخمسينات من القرن الماضي حينما اضطر للاعتزال الاضطراري نتيجة الإصابة البليغة التي تعرض لها في أحد ساقيه.كما تقلد أستاذنا الجليل العديد من المواقع القيادية في المدارس الحكومية إلى جانب النشاطات الإبداعية اللاصفية التي كان يشرف عليها حتى استقر مديراً لدائرة التوجيه التربوي في مكتب التربية والتعليم م/ التواهي وفي عام 1986م أحيل للمعاش براتب ضئيل لا يليق بمكانته التربوية ولا يفي بمتطلباته المعيشية فاضطر للعمل في احد مكاتب الشركات التجارية المحلية (بطريقة أدبية) أي براتب (مراسل) حتى هيأ الله له واحداً من طلابه القدماء وكم كانت دهشة هذا الطالب حينما رأى أستاذه القديم فسأله: هل عرفتني يا أستاذي من أنا؟ فرد عليه نعم عرفتك منذ زمن طويل، فقال الطالب الذي أًصبح في الوقت الحاضر من كبار الأطباء اليمنيين : ما الذي جاء بك إلى هنا : فقال له كما ترى يا ولدي أعمل حارساً أو قل مراسلاً فما كان من هذا الطالب إلا أن طلب رقم هاتف أستاذه ليتواصل معه مستقبلاً وحينما وصل هذا الطالب إلى العاصمة استطاع الاتصال بالجهات المسئولة في وزارة التربية والتعليم واستصدار قرار يقضي بالتعاقد مع الفقيد كموجه تربوي في مكتب التربية والتعليم م/ المعلا وظل يمارس عمله بكل إخلاص واقتدار حتى داهمه المرض الخطير إلى أن توفاه الله في صباح يوم الخميس 2008/7/11م.نعم : لقد عاش أستاذنا القدير بصمت ومات بصمت وخلف لنا أجيالاً من النابغين والذين استقوا من عمله ونهجه وقيمه لخير الوطن كما كان إنساناً متواضعاً ومحباً للخير متعاطفاً مع الصغير والكبير ويخاطب الناس على قدر عقولهم زادنا الله من أمثاله وتغمده بواسع رحمته وضمه إلى قوافل الصالحين في جنات النعيم.