* وجد الإنسان ليسعد ، وجزء من سعادته ونجاحه أن يستهلك ، ولكن استهلاك الإنسان ظل آلاف السنين متشابها في الطعام ، وفي الثياب ، وفي اساليب الترفية ، فالانسان حيوان مستهلك ، ومختار ومجدد لما يستهلك.* ولكن مايسمى اليوم بالمجتمع الاستهلاكي يقصد به شيء آخر تماماً انه تلك الادوات الانتاجية الضخمة التي تمطر الفرد كل يوم بآلاف السلع الجديدة ، انها الفرق بين مايجده المرء في دكان البقال الصغير ، ومايجده في ( السوبر ماركت ) من آلاف الاصناف والانواع ، بكميات هائلة ، وبطريقة جذابة في العرض تصعب مقاومتها ، واذا ذكر ( السوبر ماركت ) في مجال الاستهلاك ، فلأنه المكان الذي تشترى منه ماتريد ، وما لاتريد ايضاً ، بفعل تأثير مشهد العرض ، والتكدس ، والاقبال والوفرة . * والمجتمع الاستهلاكي يقوم على هذه العناصر كلها ، إنه مجتمع الشراء والاستغناء ، كل سلعة تحل محلها بعد قليل سلعة احداث ، ترغمك على القاء مالديك هذا الجديد ونظرة إلى التلفزيون في المجتمعات الاستهلاكية تؤكد هذا المعنى ، فالشاشة بكل اغراءات فنون العرض تقترح عليك عشرات الاصناف من كل نوع ، من السيارة إلى معجون الاسنان .* والقاعدة المعروفة هي ان ظهور سلعة جديدة يشعرك بنقص جديدة لم يكن في بلد ما - مثلاً - تلفاز ثم ظهر التلفاز ، وصار طبعاً عند بعض الناس ، وبالتالي فالآخرون يشعرون بحاجة جديدة بأن شيئاً جديداً ينقصهم وهو التلفزيون ، ثم يظهر التلفزيون الملون ، فيتكرر الشعور بحاجة جديدة إلى القاء الجهاز القديم وشراء جهاز جديد .* هكذا يلهث الإنسان دائماً لملاحقة مجتمع قائم على هذا المنطق ، وهذا يجعل الفرد او رب الأسرة دائماً تحت ضغط مستمر ، عليه ان يعمل اكثر او يكب اكثر ، اويفعل اي شيء اكثر ، لكي لاتخذ له موارده في هذا السباق الرهيب المحيط به . * ثم ان وجوه الاستهلاك هذه صارت بحكم وجود وسائل الاعلام الحديثة ، مقروءة ومرئية ومتحركة امام الجميع .. وجوده تمتع القادرين معروضة على الناس جميعاً .ولاننسى ايضاً التطور الهائل الذي حدث في عالم اجهزة التكنولوجيا الحديثة وعالم الاتصالات الفضائية ، فأصبح العالم قرية صغيرة نتيجة هذه التطورات العلمية الحديثة ، قتنوعت القنوات الفضائية ، ونزلت إلى الاسواق مختلف اصناف وانواع ( الديشات ) اي صحون البث الفضائي عبر التلفزيات ، مما يفتح شهية الإنسان في اقتناء مايريد منها بأسعار تناسب كل مستهلك لكي يشاهد كل مايحدث في العالم في بيته . وجاء هذا كانة في عصر انتشار الديمقراطية الهائل ، ولا اقصد هنا الديمقراطية كنظام سياسي للحكم بتفسيراته المختلفة ، ولكن اقصدها بمعنى انتشار الشعور العام لدى كل الناس بالمساواة ، وبحقهم في نيل قسط معقول مما تقدمه الحياة ، وقد اصبحت الحياة تقدم اجراءات لا آخر لها . وتولد هذه الامور كل ضغوطاً على الشباب اكثر من سواهم ، وليس الكل سواء في الموارد ، ولكن الكل سواء في التطلع ، فهو اما أن يحاول ان يحصل على مايراه بطريق منحرف ، واما أن يعادي هذا الذي يراه لأنه غير قادر على الاستمتاع به .* من هنا جاز القول حقاً أن المجتمع الاستهلاكي سبب من اسباب انتشار العنف في الدرجة الأولى لأنه خلق قيما ًاخرى صار الفرد فيها يقاس مقداره ما يملك من سيارة او يرتدي من ثياب او يجاري من موضات وتقاليد ، وفي الدرجة الثانية ، لاية حيث يتكدس هذا كله في المدينة ، ويتكدس الناس في نفس المدينة بنجاحهم وفشلهم وشراهتهم او تعجلهم او نقمتهم . بعضهم يرتكب العنف ليكدر على هؤلاء الآخرين صفو حياتهم ، الآخر يرتكب الجريمة ليحصل على اي مال سريع يحصل بواسطته على مايريد ، ويطفئ به بعض شهوات نفسه التي يثيرها كل شيء ، والبعض يفلسف الامور ، فتتكون الجماعات المنظمة للسرقة وتزوير العملات التي لاترى سبيلاً لها وسط هذا الخضم الهائل الا العنف .[c1]سلال السيد محمد [/c]
هل أدركنا أضرار المجتمع الاستهلاكي
أخبار متعلقة