أضواء
فور قراءتي خبر إجبار رجال الهيئة للسيدات البريطانيات المشاركات في أجنحة معرض (التعليم في بريطانيا 2009) الذي تم تنظيمه بكلية اليمامة بالرياض، على الرحيل منعا للاختلاط وإجبارهن على تغطية الوجه، وما سبق ذلك من تهديدات كما نشرت «الوطن» قبل يوم أمس، وأنا أفكر ما الذكرى السلبية التي سيحملنها معهن أثناء مغادرتهن للمملكة عنا، وبماذا سيتحدثن لوسائل الإعلام البريطانية والعالمية عن ثقافتنا الدينية؟!، نتيجة تصرفات بعض المحسوبين على جهاز الهيئة غير الناضجة، والتي تمثل مأزقا اجتماعيا في ظل اندماجنا العالميالحضاري محاولين إصلاح ما تم إفساده خلال سنوات ضيق الأفق التي من خلالها اتهمنا بالتعصب والإرهاب، خاصة أن قيادتنا الحكيمة تعمل جادة في التصحيح والإصلاح لإضاءة وجهنا الإنساني الإسلامي، ممثلة في مبادرة خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ لتفعيل الحوار الوطني أولا تحقيقا للتعايش داخليا بين المختلفين الذين تجمعهم راية الدين ووطنية الأرض، ومن ثم مبادرته العالمية السباقة لتفعيل حوار الأديان والحضارات من أجل تحقيق التعايش والسلام العالمي.أتساءل هل سيستوعب البريطانيون والبريطانيات أن هؤلاء مارسوا نوعا من السلوك المتعصب غير الواعي بأبسط الاختلافات الفقهية كجواز كشف الوجه، والفرق بين الاختلاط العام والخلوة غير الشرعية؟! هل فعلا ثبتنا في رؤوسهم اتهام الإسلام بما مارسه هؤلاء بإقصاء المرأة وتهديد مصلحتها ومتطلباتها العصرية بعد طردهم ومنعهم السعوديات من الاطلاع على برامج التعليم بالمعرض؟!هل ثبتنا بذهنهم أننا تجاه المرأة نعيش مأزقا اجتماعيا يمنعنا من التقدم الحضاري الراقي ويصمنا بالتناقض ما بين الداخل والخارج، فمنعهم للسعوديات من معرض التعليم البريطاني لا يتطابق مع توجهات الدولة بدعم المبتعثات خارجيا مع زملائهن المبتعثين، والذين يجلسون في قاعات دراسية واحدة معا وبذات الجامعات بالخارج، فيما زميلاتهم هنا يتعلمن بواسطة دوائر تلفزيونية تمنعهن من التفاعل الدراسي الواعي مع أساتذتهن في أهم العلوم، وذلك منعا لافتتان الطالبات بأساتذتهن المحصنين!وبصراحة، بعد الحوادث والأخطاء التي صدرت من بعض منسوبي جهاز الهيئة من المتعصبين غير الواعين للاختلافات الفقهية وتنقصهم الحكمة في شرع الله مما تابعته صحفنا المحلية، وذهبت بسببها أرواح وفضحت بيوت وشوهت سمعة أسر، تتزايد العثرات يوما بعد يوم، وأتساءل : هل أصبح جهاز الهيئة مأزقا ثقافيا ومصدر إحراج اجتماعي يعيق مشاريع الدولة التطويرية وهي على عتبات المدن الاقتصادية والاستثمارات العالمية؟ هل أصبحت مطبا حواريا يعيق تفعيل مشاريع الدولة الإصلاحية الفكرية داخل الوطن وخارجه ونحن السباقون لمبادرة الحوار الداخلي والعالمي لتعايش مسالم، لرفضهم النموذج المختلف عنهم والذي يفرق بينهم وبينه مجرد اختلافات فقهية ومذهبية اختلف فيها علماء مسلمون أجلاء.إن ذلك يطرح على الدولة إعادة النظر بها وبما أعطيت من صلاحيات وما حدد لها من نظام، ولهذا أشيد بدعوة إمارة الرياض إلى التحقيق بما حدث، وأتمنى هذه المرة خروج نتائج التحقيقات بعقوبات صارمة، فالمسألة ليست مع مواطنين سعوديين اعتادوا تصرفات الهيئة، وإنما مع ضيوفنا البريطانيين ممن نريدهم أن يحملوا معهم وجهنا الحضاري المتسامح لا ذلك الوجه المتعصب المتهم! *عن/ صحيفة «الوطن» السعودية