الإهداء : إلى الكاتب عبدالرحمن أنيسلقد قرأنا مقالتك المطولة حول أفكار جماعة السلفيين في بلادنا والتي نشرت في عددي صحيفة (14 أكتوبر) (14873) و(14877) تلك الأفكار التي وردت في كتاب أحد دعاة الجماعة بعنوان : (تحذير الدارس من مخالفات المدارس) وهذا الكتاب ليس في الحقيقة لأبي أمامة عبدالله الجحدري بل هو لمؤسس جماعة السلفيين في صعدة خاصة واليمن عامة، وقد ذهب إلى جوار ربه وبقيت أفكاره يتوارثها تلامذته وأتباعه بعد أن أفرغوها من أشرطتها فكان ذلك الكتاب الذي نسبه الحجوري لنفسه وزكاه الجحدري وقدم له، ونتفق معك في كل تحليلاتك للكتاب وأنه يشبه إلى حد كبير أفكار تنظيم القاعدة بل وأشد من أفكار طالبان أفغانستان أو شباب المجاهدين في الصومال، ولكننا نختلف معك في طلبك من الجهات المختصة في الثقافة والهيئة العامة للكتاب بأن تقوم بمصادرة هذا الكتاب، لأن إلغاء الأفكار المخالفة وغير المرغوب فيها معناه وأد الديمقراطية الناشئة في بلادنا ومعناه تكميم الأفواه وانعدام حرية الرأي والتعبير والوصاية على آراء الناس في الوقت الذي نسمح لأنفسنا أن نقول ما نشاء.وهذا معناه القمع والاستبداد وعدم التسامح الديمقراطي ومعالجة هذه القضية ليس بتجاهل وإلغاء وتهميش ومصادرة الأفكار والكتب بل بالرد عليها وفضحها وتعريتها وتفنيذ أقوالها وتوضيح تناقضاتها بالدليل والبرهان والحجة والإقناع والمنطق حتى يتبين للناس تهافت مثل هذه الأفكار البعيدة عن واقع الناس وقيمهم وما يتعارفون عليه في كل زمان ومكان والذي أتاح لهذه الأفكار الظهور هو النظام الديمقراطي الذي نعيشه وتعيشه بلادنا في الوقت الراهن.أما الأنظمة الدكتاتورية والقمعية فلا تسمح بأن يخطر بال أي من مواطنيها سماع كلمة واحدة عن ذلك الكتاب الذي تحدث عنه الكاتب عبدالرحمن أنيس، وقبل مجيء الوحدة المباركة والقبول بمبدأ النظام الديمقراطي كنهج في بلادنا كانت هناك رقابة صارمة وشديدة على الحريات والأفكار والكتب والمطبوعات والمصنفات الفنية لأن النظام قبل الوحدة كان شمولياً ويعتقد أنه يمتلك الحقيقة كاملة فكان إقصائياً لأي فكر مخالف، أما اليوم فنحن نعيش في ظل الانفجار المعلوماتي الذي تجاوز الحدود ومناطق التفتيش وأصبحت المعلومة تأتيك من كل مكان حتى المعلومة التي كانت سرية للغاية وكان من المستحيل الاطلاع عليها أو مجرد الحديث عنها.صحيح أن الأفكار لها سلطة وتأثير لكنها لا تخيف، فالإنسان اليوم يعيش ويتنفس في بيئة ديمقراطية ولا يمكن أن ترهبه أو تخيفه أفكار غير مرغوب بها أو مخالفة لقيمه ومعاييره وأنظمته وثوابته الوطنية لأنه لا يصح إلا الصحيح، ولأن الزبد سيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، ولا ينبغي أن نخالف ما قاله ولي أمرنا حين قال: “إن للديمقراطية سلبياتها ومساوئها ولكن الأسوأ من ذلك كله هو الاستبداد والقمع والقهر المتمثل في الدكتاتورية والطغيان والجبروت”.فينبغي أن نتعلم مبادئ الديمقراطية ونغرسها في أنفسنا وأن تتسع صدورنا لضريبتها المرة، فليست الديمقراطية في أن تسمح لي بمساحة أعبر فيها بشكل مختلف عنك ولكن الديمقراطية الحقة أن تؤمن بروح الاختلاف وأن الله سبحانه وتعالى قد خلق الخلق على الاختلاف فقد قال سبحانه : “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم” 188 - هود.المحرر :نشرنا هذه المقالة إيماناً منا بتعدد الأفكار وحرية التعبير ، وبالإشارة إلى موضوع الزميل عبدالرحمن أنيس فقد كان مقارنة بين سماح بعض الجهات الرسمية للسلفيين بقول ونشر هذا الكلام الخطير بينما يتعرض بعض الصحفيين والكتاب للمحاكمة والإيقاف بتهمة نشر أفكار تمس بالثوابت الوطنية رغم أنهم لم يقولوا عشر ما يقوله السلفيون بحق الوطن وثوابته.
أخبار متعلقة