يتفق الكثيرون على أن مشروع وفكرة حزب «الإخوان المسلمين» هو حركة فتنة لصفوف المسلمين، وخلط خطير وخبيث بين السياسة والدين، والمحصلة لمشروع الإخوان السياسي حتى اليوم هي تعصب وتفتيت وتشدد، ووصل في بعض المراحل للقتل وسفك الدماء (مع الاعتراف التام بوجود حالات لا يمكن فهمها، وبالتالي قبولها، من الاستبداد والعنف السياسي الرسمي في أكثر من دولة).والآن يسعى تنظيم الإخوان المسلمين «لتطوير» مشروعه السياسي بتطوير البرنامج المعلن في مصر كبالون اختبار عام، وأبدى فيها استعداده لإنشاء «هيئة علماء» لتكون مستشارة للبرلمان. وقد أدرك الكثير من المراقبين أن هذا المشروع يتشابه (إن لم يكن يقلد تماماً) المشروع الموجود في الثورة الإيرانية ونظامها القائم، وتحديدا «هيئة الخبراء» ودوره الفعال والمؤثر على سائر مؤسسات الحكم هناك.والإصلاح والتطوير اللذان تنشدهما حركة الإخوان المسلمين يكونان ترجمة لتخبط وحيرة شديدتين، أصابتا قلب الحركة والتي بدأ بعض قيادتها في الإدراك أنهم قد يكونون خارج إطار الزمن، وأن خطابهم المطروح بات لا ينسجم ولا يتوافق مع الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للدول والأوطان والناس ومجتمعاتها. مشاريع الإخوان السياسية في ظاهرها تبدو علامات الانعزال والانفصال واضحة، فهي مشاريع لا تجمع ولا تضم الأطياف المختلفة، ولكنها تقدم الحل المعتق والتقليدي إما معي أو ضدي.وهذا الطرح أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه سطحي وشديد التطرف وخالٍ من أي واقعية. وحتى أكثر مؤيدي حركة الإخوان المسلمين وطرحهم السياسي، حينما يراجعون إخفاقاتهم ومنهجهم في التعامل مع الأحداث المختلفة في مصر وسورية والأردن وفلسطين، يجدون أن المحصلة النهائية كانت تقدم فكرا «متمردا» في كثير من الأحيان لأجل التمرد فقط لا غير. لم يعد من المقنع ولا المقبول أن يكون الطرح السياسي لأجل أن يلقى القبول، وإحسان الظن المطلق أن يتم تغليفه بالعباءة الدينية ليكسب وينال جدارة الاستحقاق، الناس لم تعد ساذجة، وباتت تتطلب المزيدَ، وهذا المزيد له علامات واضحة وصريحة، لعل أوضحها القدرة الجادة على إحداث تعايش عقلاني ما بين أطياف المجتمع نفسه بكافة أشكاله وتياراته، وما بين سائر العالم بمختلف قبائله وشعوبه.سواء سعى هذا المشروع الإخواني لتقليد إيران أو الاتحاد السوفيتي، فهذه أفكار انعزالية ومتطرفة، ولا يمكن قبول ترويجها باستغلال الدين الحنيف. الإسلام تعرض ولا يزال يتعرض للكثير من الحملات المؤذية ممن يستغل إقبال الناس عليه، ومن خلال هذا الاندفاع والإقبال، يأتي المشروع السياسي «الخاص». فرضية مشروع الإخوان الأساسي فيها خطأ فادح فهي تفترض أنها وحدها (مثل غيرها) لديها الملكية الحصرية باسم الدين، وهذا وهم ستظل الحركة تدفع ثمنه حتى تفيق من الفتنة التي سببتها.[c1]عن / صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية[/c]
فتنة !
أخبار متعلقة