14اكتوبر / متابعات:قتل وخطف وتحرش واغتصاب وإجبار على العمل وتسرب من صفوف التعليم وتسول وتشرد وانخراط في القتال والحروب... من أبرز ملامح الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال اليمنيون، ومع أن اليمن قطع خطوات لا بأس بها في مجال التشريعات والتزام الاتفاقات الدولية التي تكفل حقوق الأطفال، إلا أن الوقائع بعكس ذلك.والراجح أن تحقيق «إستراتيجية الطفولة الآمنة» ما زال في حاجة إلى جهود جبارة. فجرائم القتل والاغتصاب التي يتعرض لها الصغار بات يقلق عموم الأسر. حيث حكمت محكمة يمنية في الآونة الأخيرة ، بإعدام شاب في الثامنة عشرة من عمره، بتهمة اغتصاب طفلة في الخامسة وقتلها وقذف بجثتها من سطح مبنى في مدينة تعز. وكان مقتل الطفلة نسيبة شكل قضية رأي عام، بعدما كشفت اعترافات المتهم والتقرير الشرعي أن الطفلة اغتصبت وقتلت، وأنها لم تمت نتيجة سقوطها، كما كان يعتقد. صفحة الطفولة«قوس قزح» ترصد لكم أحاديث وآراء عدد من المعنيين وذوي الاختصاص وتعرض من خلالهم أسباب هذه المشكلة في مجتمعنا اليمني كالتالي: [c1]أطفال في خضم المآسي[/c]وكان لافتاً تزايد الجرائم التي تعرض لها أطفال خلال العام المنصرم. وفي غياب إحصاءات دقيقة، تباينت الآراء في هذه المسألة. أحمد القرشي، رئيس منظمة «سياج لحماية الطفولة»، يرى أن ما يحدث هو أن الجرائم خرجت من العتمة إلى النور، وبات الناس يعلمون بها أكثر فأكثر. وهو الأمر الذي يوحي بأن هناك تزايداً في أعدادها. لكن القرشي يعتبر ما يتعرض له الأطفال في اليمن، قياساً إلى أوضاعهم عالمياً، هو حال «كارثية» بكل ما تعنيه الكلمة. ويوضّح أن عمليات الرصد التي تنفّذها منظمته تشير إلى تصدر الاعتداءات الجنسية قائمة الانتهاكات، وهذه تطاول أطفالاً يمنيين، يليها القتل والشروع فيه.وبحسب ما قالته الأخت منى سالم، مديرة وحدة «مكافحة عمالة الأطفال» في وزارة الشؤون الاجتماعية،. إن المسح يشمل مختلف المحافظات اليمنية، باستثناء صعدة التي تأجل العمل فيها بسبب القتال الدائر.وتشير إلى أن المسح سيوفر البيانات الضرورية حول واقع عمل الأطفال، منوهة بعدد من الإجراءات الحكومية، منها تعديلات قانونية من قبيل تحديد سن العمل بـ14 سنة، إضافة إلى وضع قائمة بالمهن التي يحظر على الصغار الاشتغال بها، مثل رش المبيدات والاصطياد ... واستمرار حملات التـوعية لـخـطباء المساجد والإعلاميين ومفتشي العمل...وتؤكد فتحية عبدالواسع الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، أن الحكومة اتخذت أخيراً عدداً من القرارات الهادفة إلى تعزيز أوضاع الأطفال وحمايتهم. ومن هذه الإجراءات تشكيل لجنة تضم وزراء وتختص بالإشراف على تنفيذ الخطط والبرامج. وتذكر فتحية محمد عبد الله أن من بين البرامج التي ستنفذ برنامج توعية في شأن ظاهرة أطفال الشوارع وسيحمل البرنامج شعار «حتى لا ينام طفل في الشارع».[c1]الطفولة والفقر[/c]وترى فتحية عبد الواسع أن الفقر من الأسباب الرئيسة لتفاقم الانتهاكات ضـد الأطفال، فـي حـيـن يشدد الـقـرشـي عـلـى دور الأمية، مـوضحاً أن دراسة نفـذتـها مـنـظمته أخـيـراً في منطقة الحديدة، وشملت اسراً يتعرض صـغارها لانـتـهاكـات، بـيـنـت ارتفاع نـسـبة الأمية حتى 96 في المائة بين الأمهات و95 في الـمائة بين الآباء. ويؤكّد أن تفشي الأمـية يـحـول دون إدراك الآبـاء للـمـخـاطـر التـي يمكن أن يتعرض لـها صغارهـم. وما زالت الثقافة العامة تعطي الأب سلطة كبيرة على أبنائه، وتسوغ له «ارتكاب» أفعال عقابية، بعضها يرقى إلى مستوى الجريمة. ويرى القرشي أن مسؤولية حماية الأطفال «تشاركية» ولا تقتصر على الحكومة وحدها، معتبراً أن القصور الرسمي في هذا الجانب، ومنه غياب وسائل تردع مرتكبي جرائم الأطفال، يقع في إطار الأخطاء الفردية ولا يندرج ضمن منهجية رسمية. ويعدد القرشي جملة من مظاهر غياب الردع ومنها حل بعض قضايا الانتهاكات على الطريقة القبلية.[c1]المساعدة القانونية للأطفال[/c]ويذكر القرشي أن عمل منظمته على حماية الأطفال لا يقتصر على مجرد الرصد وإصدار البيانات فحسب، بل أيضاً يمتد إلى المساهمات العملية، منها تقديم المساعدة القانونية للأطفال ضحايا الانتهاك، مشيراً إلى أن نحو 600 حالة انتهاك قدمت لها المنظمة العون، منوهاً باتفاق وقعته أخيراً «سياج» مع نقابة المحاميين اليمنيين.وما زالت مشاكل الكبار تلقي بظلالها على الصغار وتفاقم معاناتهم. ويلفت القرشي إلى مأساة الأطفال جراء حرب صعدة سواء لجهة الزج بهم في أتون الحرب أم الحرمان من التعليم والغذاء، كاشفاً أن أكثر من 70 في المائة من نازحي صعدة هم من الأطفال. أما «حسين» الذي يبلغ عمره السادسة، طالب في الصف الأول يحب الحارة ورفاقه ويحب عمله؛يقول: “أحب عملي لأنني أستطيع شراء ما أشتهي من الأطعمة اللذيذة، مما أجنيه من دخلي اليومي». وعندما سألناه عن أوقات الدراسة قال: “في المساء اكتب وظائفي، وتعلمني أختي». ثم التقينا «عاصم» عمره 12 سنة فقال : أجرتي اليومية 500 ريال ، أحياناً أكثر، وأحياناً أخرى أقل، حسب كمية النفايات، وعدد الأطفال الذين يبحثون عن علب المشروبات الغازية والزجاجية . يساعد«عاصم» أمه في مصروف البيت رغم التزامه بالدراسة، لكون والده مقعدا بسبب تعرضه لحادث مروري تسبب له بفقدان الحركة . يتمنى «عاصم» أن يكمل دراسته، يقول: « أحب المدرسة، لكن ليس لدي الوقت لأدرس».[c1]عمالة الأطفال من منظور علم النفس[/c]والتقينا بالمرشدة النفسية «أحلام كينجو» التي وضحت لنا أسباب عمل هؤلاء الأطفال قائلة: “الفقر السائد في مجتمعنا هو السبب الرئيسي، والدافع الأساسي لعمالة الأطفال بغض النظر عن المستوى الاجتماعي والثقافي للأسرة، اللذين يلعبان دوراً مهما في تفاقم هذه الظاهرة». برأيها الأسرة تلعب الدور الرئيسي في تحديد اتجاهات الطفل، وتحديد ملامح شخصيته،وعلاقته بالمجتمع الخارجي. أما بالنسبة لمفهوم عمل الطفل، ترى الأخت «أحلام كينجو» أن لمفهوم عمل الطفل آثاراً إيجابية وآثاراً سلبية. قائلة: «الإيجابية تكمن في ولادة شعور جديد في نفس الطفل وذاته، وهي إمكانية اعتماده على ذاته، وتحمل المسؤولية، وعدم الاتكال على الآخرين، وإحساسه بالثقة في تأمين احتياجاته، أو احتياجات أسرته». لكن بالرغم من هذه الآثار الايجابية تعتقد الأخت «أحلام «بأن الآثار النفسية السلبية تكون أشد وطأ على الطفل موضحة ذلك: “أولاً تحرمه من التمتع بمرحلة الطفولة، ويكون مقصراً في دراسته،كما أن العمل يكسبه أحياناً اضطرابات نفسية وجسدية، كتأخر النمو العقلي والبدني، واكتسابه السلوك العدواني،و عدم التكيف الاجتماعي، وعدم احترام الذات وتقديرها، أحيانا الانحراف والانقياد من خلال العنف الجنسي، أو الاستغلال الجنسي لأنه الحلقة الأضعف في مكان العمل». تتابع «كينجو» ان هناك أطفالا تظهر عندهم بعض أشكال القلق تجاه الغد والمستقبل، وينظرون للمستقبل نظرة تشاؤمية، وأطفال تغلب عليهم المزاج الاكتئابي. تختم أحلام «كينجو» حديثها قائلة : “أسوأ الآثار السلبية الناجمة عن ظاهرة عمالة الأطفال: تفشي بعض العادات الضارة كالتدخين وتعاطي المخدرات».وفي الختام نتوجه بسؤال أخير للمجتمع وللجهات ذات العلاقة :الطفولة بين الدراسة والعمل.. إعالة الأسرة.. أم عنف صريح؟!