هل حان الوقت ليتدخل العقلاء بعد أن نجح الغوغاء في الإثارة وتشويه صورتنا رداً على الرسوم الكاريكاتيرية البغيضة. لقد أرسلت شعوب إسلامية عديدة رسالة متحضرة للعالم بأنها ترفض الإساءة للنبي العربي، وشعر الرأي العام الأوروبي بحجم الإساءة التي يمكن أن تلحق بالناس عندما يتم الاستهانة برموزهم ومعتقداتهم، واضطر أكثر من مسؤول أوروبي للاعتذار، ونجحت دول عديدة من بينها بريطانيا بالتفاهم مع صحافتها لمنع إعادة نشر تلك الرسوم، وأدانت أميركا وروسيا ومعظم دول أوروبا هذه الرسوم العنصرية، وهو أمر يجعل المتطرفين في أوروبا يفكرون ألف مرة قبل القيام بمثل هذه الأعمال. هناك قلة من المسلمين أساءت لهذه القضية وتاجرت بها، وحاولت استخدامها من أجل نشر ثقافة الكراهية والعداء بين المسلمين وغيرهم، وتطرفت في السلوك إلى درجة أساءت كثيراً لثقافتنا وسمعتنا. لقد حان الوقت للعقلاء في الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني للتحرك وطرح مشروع دولي يعتبر الإساءة للرموز الدينية لكل الأديان عملاً عنصرياً، ويجعل معاداة أي دين أو ثقافة مثل معاداة السامية التي نجح اليهود في استصدار قرارات دولية بشأنها. وعلى العقلاء إجراء حوار ثقافي وحضاري مع الأمة الأوروبية التي تربطنا بها علاقات كبيرة، والتي تحتضن مجتمعاتها ملايين من العرب والمسلمين، لا نريدهم أن يعيشوا في أجواء الكراهية والعنصرية بسبب المتطرفين في الجانبين.تخريب علاقاتنا بأوروبا ليس في مصلحتنا، فالموقف الأوروبي من قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي هو موقف متوازن على عكس الموقف الأمريكي، ولا نريد موقفاً عدائيا تجاه أوروبا يضر بقضايانا. كما أن الدول العربية ترتبط بعلاقات مصالح مشتركة مع الأوروبيين، وعلينا تعزيزها وليس تخريبها، كما أن ما حدث من تصرفات عنصرية لدى قلة من الأوربيين وقلة من أبناء جلدتنا يجب ألا تدفع ثمنه شعوب المنطقة ولا يفترض أن نضحي بمصالحنا مع أوروبا، ولا أن ندفع ملايين العرب والمسلمين الذين يعيشون في أوروبا إلى الاحتكاك بمجتمعاتهم الجديدة، وتحويلهم إلى أقليات مكروهة ومضطهدة. مطلوب حوار جاد بيننا وبين أوروبا، ومطلوب حوار جاد بين الأقليات المسلمة في أوروبا وبين مجتمعاتها.---------------------نقلاً عن صحيفة (الشرق الأوسط)
|
مقالات
مطلوب تدخل العقلاء
أخبار متعلقة