مقدمة :أطلعت في جريدة الصباح الغراء في العدد (446) بتاريخ 1 يناير 2008على مقال لصديقي أديب قاسم بعنوان : (الجنوب العربي غير اليمن عبر العصور) فوجئت من خلالها بشخصية أخرى غير أديب الذي أعرفه منذ عقود وهو ذلك الأديب المثقف والإنسان المتفتح الذي تعلمه التجربة و تصقله المعاناة - ومعاناتنا معا كانت واحدة- ولكني لاحظت تحولا بنسبة 180 درجة وانقلابا مفاجئا في الرأي والشخصية, ووجدت منه تشنجا غير طبيعي إزاء الوطن وهستيريا حادة حيال شيء اسمه اليمن, وحز ذلك في نفسي ولم أتمالك إلا الرد حريصا على أن لا يكون هذا الرد سببا لفراق بيني وبينه مع أن مقاله الخطير باعث للفراق والتفرقة وناشر للكراهية والفتنة وطرحه خطير كقنبلة موقوتة دفعه لوضعها دافع ومنـّاه بسراب المصلحة والمكانة ممني وأنا أعرفه شريفا ونزيها. لقد انقلب فجأة وكأنه لم يستفد من تجارب سابقة فعاد أو أعيد إلى ما قبل المربع الأول في رقعة أو لعبة لا يحب كلانا دخولها فأخرج نفسه منها حيث أراد الدخول. وكانت المقالة حبلى بالتحامل المطلق والأباطيل التي أدحضها هنا بنقاط عشر :1 - يبدو أن صديقي أديب قاسم بمقاله هذا جنوبي أكثر من الجنوبيين وعدني ضد العدنيين . إنه ملكي أكثر من الملك وأخشى أن يكون لا ناقة له ولا بعير ولا شروى نقير في ذلك.2 - يقول صاحبي في قانونه المنتظر فيما سماه (دولة الجنوب العربي ) !! أن العدني المولود في عدن من أبوين يمنيين- من شمال الوطن - سيكون مجردا من كل الحقوق -ويقصد بما في ذلك الحقوق السياسية- وليس له سوى الحق المكتسب في التراب بشهادة الميلاد، وهو الحق الإنساني فقط مثله مثل الهنود والصومال والأفارقة وغيرهم على حد قوله. ثم يعود فيقول أنه لن تكون لهم الأولوية في إدارة وتولي شئون البلاد على اعتبار أنهم عنصر يمني( دخيل ) كما قال. وهنا نلوم الكاتب على ذهابه إلى أبعد مما ذهبت إليه أنكر الأصوات قبل الاستقلال. ونحن نتابع اليوم ترشح شاب أمريكي من أب كيني وهو باراك أوباما للرئاسة في الولايات المتحدة والذي جاء أب من كينيا إلى الولايات المتحدة مهاجرا, فهو ليس من أب أمريكي وإنما إفريقي حديث عهد بالهجرة وبالرغم من ذلك فإن الأمريكان شعبا ونظاما ودستورا قبلوا بترشيحه لمنصب الرئاسة. فأين الأستاذ أديب من هذا؟ إنه يجرد العدني المولود في عدن من أبوين يمنيين من كل الحقوق أو كما قال (سوف يجردون من كل الحقوق ). ما هذا الطرح الذي جاوزت فيه ما ذهبت إليه أقبح نظرة في عهد الاحتلال؟ وهل إذا أراد العدني ممارسة الحق السياسي وهو المولود في عدن والذي أبواه من سناح مثلا والتي تقع في حدود منطقة الضالع سابقا تسمع منها الطلقة والأذان وتمطرهم سحابة واحدة- والضالع منطقة والد أديب رحمه الله- هل إذا أراد العدني ممارسة هذا الحق سيعترض عليه الكاتب أديب ؟أظن الجواب نعم، بحسب قانونه ومقاييسه. لأن ما وصلت إليه أقدام الانجليز واستقرت, تحسب في نظره حد طبيعي وجغرافي وسياسي وتاريخي واجتماعي، فلو تأخرت أقدام الانكليز إلى الوراء ثلاثين كيلومترا مثلا لكان أديب شماليا ولو تقدمت أقدامهم عشرة أو عشرين كيلو مترا لأصبحت سناح وقعطبة وما جاورها في نظر الكاتب جنوبية (ذات حضارة ) .. أما الآن فإنها مثل باقي أهل اليمن كما يقول(إنهم ليسوا أهل حضارة !) ، حـُكم عجيب! فقد أصبحت أقدام الانجليز هي الحــَكم والفيصل. ورغم أن أقدامهم سارت في خط متعرج ومتداخل لا يخضع للتقسيم الطبيعي للتضاريس الجغرافية ، وإنما تخضع لما سارت عليه السياسة وعواملها والمعارك وحدود توقفها مع الإمام أو مع الأتراك أو مع الأهالي، فلم تكن مثلا الجبال للأئمة والسهول أوالتهائم للمحتل، ولكن وقعت يد المحتل على الجبال والتلال والصحراء وأينما استطاع أن يصل بمعاهدة أو بمعركة؛ حتى أن أهالي وادي شعب الأعلى ( الجنوبي) والقبيطة ( الشمالية) يبرحون الماء من بئر واحدة. وهذه طور الباحة سوق للأهالي من الشطرين في كل يوم سبت لقرون. ولكن في عرف أديب أصبح يوجد فرق بين الذين يبرحون الماء من بئر واحدة. ونعلم أن القادة سالم ربيع علي وعلي ناصر محمد والبيض توجهوا نحو الوحدة بعيون محبة غير مرغمين فالأول نحو القائد الحمدي والأخيران نحو القائد علي عبدا لله صالح فهل كان هؤلاء خارج الوعي؟ لا أظن ذلك. 3- وقد حدث أن وصل جيش الإمام إلى الضالع ولكن الانجليز استعادها منه . ولو أن سعيد باشا التركي في عام 1918 استقر في حي الشيخ عثمان -عدن ولم يهزم وينسحب، وقام بتسليمها للإمام لما أصبحت جنوبية أو جنوب عربي في نظر الكاتب بل شمالية وأصبحنا أنا وهو من أهل اليمن (لسنا ذوي حضارة) بل ومصدرا (لرياح السموم ) التي أرادها إسقاطا وتورية كما ذكر في صحيفة( الأيام) في مقال متحامل سابق لا ندري نيابة عن من قد كتبه، والذي عم فيه الجميع دون مبرر ودون استثناء ودون الإشارة إلى فئات معينة أو خواص أو إلى الفساد مثلا.
اديب قاسم
إذن فمقياس الجنسية لديه تحدده أحذية جنود الاحتلال وفضل الحضارة والتاريخ عنده ترسمهما أقدامهم وكأن لديهم ناقة مأمورة حتى قبل أن يصلوا بألف سنة عندما كانوا برابرة في عصور الظلام. ما هذا يا أديب؟ إذا كانت لديك حساسية من شخص ما أو فئة ما فلا ينصب سخطك و جام غضبك على شعب بأسره وعلى تاريخ بكامله, قال تعالى: ( ولا يجرمنكم شـَنــَانُ قوم على أن لا تعدلوا ..) - الآية 8 سورة المائدة- أي لا يحملكم البغض على أن تكونوا غير عادلين مع من تبغضونهم أومع خصومكم من الطرف الآخر . وإن كان سخطك من (غزو) إمامي كما ذكرت على موقع انتمائك الضالع, فإنه على بعد 30 كيلومترا جنوباً منه وقع النازلون في كمين قبلي (جنوبي) و خسروا فعبئت الرؤوس في أكياس أفرغت أمام الضابط الملكي البريطاني عند استقباله كإثبات ولاء أو برهان نصر، وكان ذلك في العام 1929. ( انظر ترجمة كتاب ديفيد ليدجر الرمال المتحركة). وإن كان الأمر كذلك فسيقول البعض أن دبابات وطائرات الضالع قد غزت أو احتلت عدن في 13 يناير 1986. إن هناك أدلة من القرآن الكريم والحديث الشريف على حضارة وأخلاق أهل اليمن وأدلة من كتاب قدماء وحديثين على حضارة ووحدة الوطن بل ومن الموسوعة البريطانية على وحدة الأراضي اليمنية مع تحديدها. 4- ولا أظن أنك لا تقبل الدليل من القرآن والحديث على أن أهل اليمن ذوو حضارة وأخلاق إنسانية بغض النظر عن الدور التراجعي للقبيلة اليوم أو الجوانب السلبية لبعض متغطرسيها أو موقف بعضها السلبي إزاء ثورتي 48م و62م وما إلى ذلك من الارتزاق أو عدم الانصياع للنظام والقانون (بإمكانك طلب كتيبي المخطوط :”الوطن فوق القبيلة”) ولكنا لا نجرد الخلق من تاريخهم أو تاريخ آبائهم , لأننا بذلك نفقد المصداقية, ونتهم بالتحيز والإخلال بالأمانة التاريخية, وفيه استفزاز واستعداء وإنكار, وما هكذا تورد الإبل.. ليس لك أن تقول: اليمنيون ( ليسوا أهل حضارة) واليمن (ظل ذلك المجهول )عبر التاريخ كله، و(الجنوب العربي غير اليمن عبر العصور) ففي هذا إجحاف أعلى من جبل جحاف. وفي الوقت الذي يريد الناس أن يجمعوا الشمل، تقوم أنت بالتفريق بينهم وتصدر قراراتك من الآن بأن (العدني من أبوين يمنيين ليس له حقوق!).
خارطة تبين موقع دولة حمير وعاصمتها ظفار ( جنوب مدينة يريم حاليا ) كما تبين تركز طرق التجارة وذلك على عكس ما أشار إليه كاتب المقال
وإن في قوله تعالى وهو أصدق القائلين، دليل ليس بعده دليل على عهد حضارة وازدهار ورخاء : ( لقد كان لسبأ في مسكنهم آية , جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور) - الآية15 من سورة سبأ- وهذه سبأ مركزها مأرب و صرواح وهما في مناطق شافعية شرق صنعاء، حيث آثار القصر والمعبد والسد الذي لم يسبقه سد في العالم القديم.. إضافة إلى 80 سدا ذكرها الشاعر بقوله :وفي البقعة الخضراء من أرض يحصب ثمانون سدا تدفع الماء سيالاوأما القصور فلا تحصى وقد زار المؤرخ الهمداني بعضها قبل ألف عام وكتب في كل منها قصيدة موجودة في كتاب الإكليل. أما الرسول عليه الصلاة والسلام فله أحاديث شريفة عدة عن فضل أهل اليمن نأخذ منها حديثه: “ أين أصحاب اليمن ؟ هم مني وأنا منهم, وأدخل الجنة فيدخلونها معي، أهل اليمن المطروحون في أطراف الأرض, المدفوعون عن أبواب السلطان، يموت أحدهم وحاجته في صدره لم يقضها.” - رواه الطبراني- وقوله صلى الله عليه وسالم : (أتاكم أهل اليمن أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية.) - متفق عليه- وماذا تريد الحضارة أكثر من هذه الأخلاق والروح، وذلك بدلا عن البداوة الخشنة أو الوجوه القاسية أو الأعراب الذين هم أشد كفرا ونفاقا.وقوله صلى الله عليه وسلم: “إني لأجد نـَفـَس الرحمن صوب اليمن.”- رواه أحمد والطبراني -وهناك مقولة في التوراة أوردها العقاد رحمه الله- والذي نشترك كلانا في الإعجاب به - في كتابه : “إبراهيم أبو الأنبياء”، وهي : (الله جاء من تيمان) وتيمان هنا تعني اسم اليمن عند اليهود باللغة العبرية. ( أنظر كتاب العقاد المذكور, طبعة بيروت 1967, ص 297 تحت عنوان الجنوب). وقد أخطأت خطأ فادحا في التاريخ حين نسبت منبع دولة وحضارة حمير إلى جنوبك الخاص. لقد قامت دولة حمير في الهضبة الوسطى من اليمن جنوب غرب دولة سبأ عام 115 قبل الميلاد، واتخذت ظـُفار عاصمة لها, وهي المدينة الواقعة على جبل ريدان في قاع يحصب جنوب مدينة يريم اليوم. وكان لقب ملوكها عند بلوغها الذروة في قرنيها الأخيرين وذلك عند توحيدها لجميع مناطق اليمن اليوم شمالا وجنوبا مع بقاء عاصمتها ظفار:( ملك سبأ, وذو ريدان, وحضرموت, و يمنات, وأعرابهم طودم, وتهامة) أي سيادته على جميع اليمن حتى الأعراب في الجبل والسهل. وهذه الفترة عرفت بعهد التبابعة (جمع تبـّع)، وتنسب حمير إلى قحطان. أما شكسبير شاعر الانكليز الأول فقد ذكر ملكة سبأ في الفصل الرابع وهو الأخير من مسرحيته “هنري الثامن” صفحة 626 من الأعمال الكاملة, وذلك عند مشهد ميلاد الملكة فكتوريا حيث ذكرت العرافة ملكة سبأ وربطتها بهذه الأميرة المولودة فكتوريا على أنها ستكون بعظمة ملكة سبأ. كما ظهرت عبارة ملكة سبأ في فيلم سينمائي يعرض سيرة هنري الثامن نفسه ولكن تحت عنوان :”آن والألف يوم “(Ann and the one thousand day )بالانكليزية عرضه تلفزيون عدن قبل الوحدة. و مستوى تقدم أو تخلف المرأة يعد مقياسا أساسيا من مقاييس الحضارة. أنظر كتاب عبدا لله الحبشي معجم النساء اليمنيات تجد مئات الأعلام من النساء اليمنيات عبر التاريخ. ولكن تكرم بالنظر إلى أماكن وجودهن وستعرف من هم أهل الحضارة ومن هم أهل البداوة. وأنظر محاورة النعمان بن المنذر لكسرى انوشروان إمبراطور الفرس في العصر الجاهلي, وقصيدتي دامغة اليمن من 150 بيت والتي سبق وأن أطلعتك عليها قبل سنوات ونالت إعجابك، ونشرت في إحدى الصحف. وهذه الموسوعة البريطانية ( ENCYCLOPAEDIA BRITANNICA ) الطبعة 14 في الولايات المتحدة الأمريكية، في العام 1939 الجزء 23 الصفحة 885 تبين جغرافية اليمن في باب التعريف باليمن فتقول تحت عنوان (YEMEN) :
الأحرف العربية تقابلها حروف الخط اليمني المسند التخطيطي (وليس الصوري) كأول خط يكتب برموز تترجم أصوات وليس بصور أو رسوم كما كان لباقي الشعوب, فقد كان لليمن السبق في ذلك.
“ تعد اليمن ثلاث مناطق : محمية عدن البريطانية , وما هو تحت يد الإمام يحيى، وأطراف من الربع الخالي.” و محمية عدن البريطانية يقصد بها المحمية الشرقية - حضرموت والمهرة - والمحمية الغربية - باقي المناطق- أي كافة مناطق الجنوب المحتلة من الانجليز . وتشير الموسوعة أيضا في العمود الثاني من ذات الصفحة إلى أن المؤرخين المسلمين ذهبوا إلى أكثر من ذلك في تحديدها . فما رأيك؟لقد ظللنا نتبادل النقاش كأصدقاء لثلاثة عقود في شتى مواضيع الحياة ، أدب، فكر ، سياسة، فن .. فهل ستمنعني من الخوض معك في هذه المواضيع بعد اليوم لأنه لاحق لي في النقاش كعدني من أبوين يمنيين؟ يا سيدي ليس العلة في الجغرافيا وإنما في الأفراد. وأعرف منك أنك نزلت بصنعاء قبل الوحدة لفترة غير قصيرة في ما ذكرت أنه (الجمهورية العربية اليمنية) وحيث قضى رفاقك ثمانية أعوام فيها وتقول أنها جرداء قاحلة, وهذا القول يخالف الطبيعة والحقيقة والواقع، وهذه الموسوعة السياسية (إشراف د. عبد الوهاب الكيالي وكامل زهيري) خصت تلك الجمهورية باسم العربية السعيدة وهو اللقب أو الصفة التي أضفاها عليها بطليموس. وقد سبقتها الموسوعة البريطانية المذكورة آنفا إلى ذكر ما أطلقه بطليموس على اليمن بأنها العربية السعيدة (Arabia Felix) وذلك في نفس الصفحة من المجلد 23 من الموسوعة البريطانية وتحت اسم ( YEMEN).والغريب في الأمر,أن الكابتن (هنس) الذي قاد عملية الاحتلال ذكر في رسالة رفعها إلى رؤسائه وترجمها ونشرها علي سنان القاضي في الزميلة (الأيام) فقرة يذكر فيها الكابتن (هنس) جماعة الحجرية في تعز بالاسم ، وأنه لابد من عمل سوق منظم في عدن لكي يستمروا في نشاطهم التجاري بينما الأخ أديب لا يطيقهم ويعتبرهم أيادي غير ماهرة , ودخلاء. فما رأي القارئ؟ ألا يرى بأن المحتل كان هنا أرحم من صاحب المقال وأبعد نظرا؟ونعرف أن الذين قلت عنهم أنهم هبطوا من الجبال بعد الاحتلال لطلب العيش وأنهم عمال غير مهرة، نعرف أنهم شاركوا في حملة المخا - تعز ونواحيها - عدن بقيادة السيد إسماعيل ضد الاحتلال البريطاني لعدن بعد وقوعه. أدت الحملة ما عليها ولم توفق مثلها مثل حملات آل فضل والعبدلي وحتى العقربي ولم نعرف غير هؤلاء مشاركا في الحملات غير شريف مكة. 5- وقد ذكر العقاد اسم الجنوب في كتابه المذكور آنفاً وجعله عنوانا للفصل ولم يقل الجنوب العربي ولم نجد هذا الاسم قبل طرح (الرابطة). وقد كان العقاد يعني بالجنوب جنوب الجزيرة العربية أو جنوب بلاد العرب وقد خص اليمن بالذكر لأنه لا جنوب عربي أو جنوب جزيرة بدون اليمن ولعلك أردت اغتراف اليمن بالملعقة ورميها إلى البحر. إن اسم (الجنوب العربي) حديث عهد ترجم عن الانجليزية خرج من رحمها وحملته( الرابطة) ثم ألصقه الانجليز بدولة الاتحاد وكانت عدن دائما ترفض الدمج في هذا الاتحاد ولعلك تعرف الأسباب والفارق بينها وبين الاتحاد وما جرى لعدن بعد الاستقلال يؤكد أسباب رفض الدمج بأثر رجعي. ويبدو أن الانجليز احتاروا في اختيار تسمية للمنطقة لأن القبائل ترفض تعميم اسم إحداها على الكل وهو رفض يدل على حالة الصراع الدائم والمتخلف بين القبائل والذي نتمنى أن ينتهي ويتوقف إلى الأبد.وما أراده الأستاذ أديب من اسم (الجنوب العربي) بدون اليمن إنما يقع في شرق اليمن لأنه لا جنوب عربي بدون اليمن ، إلا إذا كانت اليمن في نظره غير عربية مع أنها مهد العروبة ومهد قحطان وأم اللغة العربية إلى جانب حروف الخط المسند التخطيطي كأول حروف يمكن قراءتها مجردة وترجمتها مباشرة من رموز إلى أصوات وكلمات بدون رسوم وصور توضيحية كباقي الخطوط القديمة، وهذا دليل حضارة. ولا يعني انحراف القبيلة سخطنا على الأصول بل تقويمها وإخضاعها بكل السبل.والجنوب العربي الذي أردت واقع في شرق اليمن وليس في جنوبها وذلك باعتبار معظم مساحاته وليس باعتبار عدن لوقوعها ضمن شريط ضيق يضيق عند باب المندب نسبة إلى باقي المساحة ولعل الذين أيدوا هذه التسمية قبل عقود كانوا في (جلسة قات) في عدن ونظروا من زاوية عدن على أنها في جنوب الوطن فأصبغوا التسمية على ما برؤوسهم. وهل كان المواطن المسافر من عدن إلى الريف يقول أنا ذاهب إلى الجنوب العربي، لم يكن أحد يقول ذلك لسبب بسيط هو أن الاسم كان غير واقعي وغير مألوف وكان متكلفا . كذلك لا يقال دولة الجنوب الكوري أو الشرق الألماني والجنوب الفيتنامي سابقاً لأن هذه صفة للجهة وليس لإسم العلم والدول لا تقوم أسماؤها على الجهة لأنها لا تكون محددة بدقة ولكن بتحديد الاسم القومي أو اسم الأمة والوطن.. وبهذا التحديد يكون الأمر واضحا ودقيقا لتحديد الجنسية بين الشعوب وإلا ظهرت المشاكل والأزمات لعدم التحديد بدقة وبسبب الاختيار العشوائي. والصواب هو كوريا الجنوبية وألمانيا الشرقية وفيتنام الجنوبية أو الشمالية وجمهورية اليمن الجنوبية سابقا وهكذا، والخطأ واقع من ضعف في الترجمات في مثل هذه الحالات. وعلى الرغم مما قد يبدو من التطابق والتماهي في الحالتين (كوريا الجنوبية أو الجنوب الكوري) إلا أنه عند الجواب المطلوب بكلمة واحدة فقط على سؤال: من أنت أو ما جنسيتك؟ ستحدد القومية وليس الجهة ، وترد:أنا كوري. أو سوري أو مصري وغيره, وذلك على سبيل المثال.وإذا قلت الجنوب العربي معنى ذلك أنك تفترض وجود دولة أخرى اسمها الشمال العربي وهذا غير موجود لأنه اسم ناقص يتوهنا ويشتت الذهن؛ بل إن ذلك قد يثير حساسية أو إساءة إزاء دولة مجاورة، باعتبار أنك توحي لها بأن تغير اسمها وهذا مخالف للاحترام المتبادل وللذوق والعرف.
علم عدن من 1964حتي 1967
6- وما دام الأخ أديب يصر في دولته( المرتجاة!!) على أنه لا حقوق للعدني من أبوين يمنيين في عدن، فقد تعدى بذلك الحدود ومنها حدود نظرة المحتلين أنفسهم من الكابتن هنس إلى همفري تريفيلين الذين كانوا مقارنة به أرحم منه بعدن والناس وأكثر منه رأفة واحتراما لهم ؛ لأنه لا يعلم بالتأكيد أن السلطة البريطانية في عدن عام 1964 سلمت علم عدن ذا النجمة الخضراء والألوان الثلاثة (أبيض، أزرق،أحمر) للحاج محمد علي مقطري والذي لم يكن قد ولد في عدن بل في الحجرية - تعز من شمال الوطن. بل إن الرابطة (رابطة أبناء الجنوب )جعلت ابنه علي محمد علي مقطري المولود في عدن من أبوين يمنيين أمينا ماليا للرابطة عندما صار اسمها (رابطة أبناء الجنوب العربي) وليس التعامل بمسقط الرأس بل بالأخلاق والمكانة وما يقدمه الإنسان للآخرين وللوطن، وبما يعطي وليس بما يأخذ، وبما يبني ويعمر ويخدم ويقدم وليس بما يدمر ويخرب ويفسد وينتهك ولا يريد إلا أن يكون حاكما وليس محكوما ولا يجيد من العمل إلا العسكرة أو سائق سيارة، وينظر إلى عدن كأنها غنيمة أو مجرد سوق أو محطة, ضاربا عرض الحائط بكيان وكرامة وحقوق أهلها. 7- ومن الخطأ والعيب أن يعيد أديب ألقاب (جبلي) والتي قابلها( بدوي) وغيرها في عهد المستعمر ، وحسب تلك النظرة القاصرة فهو يندرج ضمن اللقب الأخير الذي كان يطلق على سكان الريف الجنوبي عموما وليس من اللائق الشخصنة ، كما ليس من اللائق أن يزعم ويعمم بأن الأيدي اليمنية العاملة كانت رخيصة وغير ماهرة . لقد كان منهم التجار الذين بنوا عدن والعمال الذين عمروها بعرقهم بما في ذلك مسكن أديب, ولم يعملوا مع الجيش الذي صنعه الانجليز ضد الشعب وصنعه ليوم مثل يوم 6 نوفمبر 1967. ومثلما شكلت تلك الأيدي العاملة التي يحتقرها أديب, أول نواه للطبقة العاملة والحركة العمالية بدورها النضالي فإن أولئك التجار أيضا ساهموا في تمويل الثورات الثلاث 48 و62 و63 كالحروي والعريقي والأغبري والأسودي والناشري والنونو وغيرهم، وما العلاقة بين المرحومين سالم ربيع علي وعلي محسن النونو في الدرين بالمنصورة, وتسفير السلطات للمرحوم الحاج هائل سعيد انعم من عدن إلا أبسط دليلين على ذلك ( إقرأ كتابي دور عدن في الثورتين الذي لديك) في الوقت الذي كان تجار مما كان يسمى بالمحمية الشرقية بعيدين عن ذلك رغم عيشهم في عدن أما ما سمي بالمحمية الغربية ومنها أديب فلا نعرف منهم تجارا, عدى واحد أو اثنين أو السلاطين والأمراء وقلة من المشائخ. 8- وإذا أراد الأستاذ أديب أن نجرد ابن عدن الذي من أبوين يمنيين من جميع الحقوق عدى شهادة الميلاد فمعنى ذلك أننا نقيم الحجر والحظر على معظم وأبرز الرموز الخيرة من ساسة وشعراء وكتاب وفنانين أو نلغي تاريخهم ومواقفهم التي مثلت تاريخ الوطن بل ربما يحاكمهم أديب إذا وصل للسلطة يوما على تدخلهم باعتبارهم دخلاء في نظره، فنحاكم لطفي أمان على قصائده أخي كبلوني، و يا بلادي ، وفي قصر السلطان, لأن أسرته جاءت من جدة والشاعر الجرادة لأنه من بعدان والشعراء من آل السقاف لأنهم عدنانيون من أهل البيت من مكة والمدينة وأحمد الأصنج الذي ينحدر من دبع حجرية- تعز، ولا يسعني إلا أن أقول لك بيت للمرحوم الأصنج :تقولون أخطأنا فهاتوا صوابكم[c1] *** [/c]وكونوا بناة قبل أن تهدموا الصرحا أما الساسة والمناضلون فنبدأ بآل خليفة وفيهم المجاهد الكبير محمد حسن خليفة أحد ممولي ثورة 48 مرورا بمن ألقى قنبلة المطار الفقيد خليفة عبدا لله حسن خليفة الذي قص شريط الكفاح المسلح في1963 قبل جبهة أديب (القومية)- التي من المفترض أن تكون أشمل من الجنوب العربي لأنها (قومية) ، والشهيد أرسلان محمد حسن خليفة ونقول لهم جدكم مصري أبعد من اليمن عودوا من جديد وتوقفوا عن السياسة أو عودوا إلى النيل وآل لقمان نقول لهم: جدكم من همدان ، ولماذا قاد والدكم حركة النهضة والتنوير منذ العام 1924 وأصدر فتاة الجزيرة التي عرفت باسم منبر الأحرار السياسي وشارك في ثورة 48 وأرسى مداميك التحرر والليبرالية وطالب بالحكم الذاتي لعدن ثم بالاستقلال وتصفية القواعد في خطابه الشهير في مبنى الأمم المتحدة عام 62 قبل ثورة سبتمبرلذلك عودوا وانسفوا هذا كله لأنكم لا تملكون الحق السياسي بمنظار أديب ومن يؤيده؟!!. وآل المكاوي الذين جاؤوا من مكة ومنهم محفوظ مكاوي الذي قدم دارا لأحرار ثورة 48 والشهيد ماهر محفوظ مكاوي وأخيرا الشهداء أولاد عبد القوي مكاوي الثلاثة عادل وسمير وجلال وعادل - هذا كان صديقا لأديب- فما رأيك يا أديب هل تريد أن تقلب التاريخ رأسا على عقب في ساعة انفعال وحالة إنكار تتنكر فيها لكل شيء؟ ونقول لعبده اسماعيل جاوي أنت من عسير ولقبك جاوي فلماذا منحت للأحرار مقرا في التواهي وللمناضل الكبير شيخ مشائخ عدن عبده حسين الأدهل نقول والدك من إب وجدك من الزيدية قرب الحديدة.. فضلا انسف نضالك، ولآل العطاس ولآل الحسني أنتم سادة أحفاد الحسن بن علي انطلقوا إلى الكوفة ومرقد الإمامين. ونقول لمن أمهاتهم هنديات كأول أمين عام لجبهتك وآخر أمين عام للحزب في 94, لاِ شأن لكم بالسياسة ,ونقول ونقول ونخلط الحابل بالنابل إكراما لمقياس أديب الجديد. ونشكك بذوي الملامح الإفريقية كباذيب والأندونوسية كالعملاق باكثير ونقول لعبدالله فاضل وعبدالله محيرز ويوسف مهيوب سلطان وسلطان ناجي لا تكتبوا شيئا ، وحتى كبار الفنانين الوطنيين كالمرشد الذي أنشد : امنعوا الهجرة ،وخلي الحمام ، ويا جمال يغني ، ويا بلادي ، وأنا فدى السلال بكر ينادي .. فنقول له والدك شمالي فلماذا غنيت في السياسة؟ وكذا الفنان محمد عبده زيدي وغيرهما. وهكذا فالحال ينطبق على 70 - 80 % من مواليد عدن قبل الاستقلال.ونلتفت لسيدات المجتمع الجليلات والناشطات في عدن في الخمسينات أمثال السيدات سعيدة باشراحيل، وأم صلاح لقمان، وماهية نجيب.. لنقول لهن آباؤكن وأمهاتكن من البيضاء شمال الوطن ولا حق لكن بالنشاط ومؤازرة أزواجكن في السياسة أو الصحافة!أما في مجال الصحافة فسنكتفي بأخينا وأستاذنا الصحفي الوطني والمناضل سعيد الجريك وهوعدني من مواليد الشيخ عثمان ومن أبوين يمنيين - الحجرية - تعز- وصاحب صحيفة الصباح التي نشر الكاتب فيها مقاله الحالك من باب حرية الرأي لنقول لكاتب المقال : عد بعد حين وقل لصاحب جريدة الصباح :” لماذا نشرت مقالي؟ ليس لك الحق في إصدار صحيفة سياسية في عدن ولا في نشر مقالتي السياسية التي طلبت منك أن تنشرها، سأحاكمك فأنت من أبوين يمنيين!” ماهذا يا أديب؟ 9- وأخيرا نخرج من صوابنا ورشدنا لنقول لقبائل شبوة وأبين أنتم عدنانيون من الأعراب من بني إسماعيل عودوا إلى نجد وأطراف مكة،وهذا غير معقول ولا واقعي بل مستحيل. أما الجارة الشقيقة عمان والتي ذكرها أديب فهو لا يعلم أن حكامها هم قحطانيون من الأزد خرجوا من مأرب بعد خراب السد ،وكذا حال الشيخ زائد وإمارته رحمه الله وهو الذي أعاد بناء سد مأرب الجديد تأكيدا وإيمانا منه على أن أرض مأرب هي أرض الأزد أجداده ، ووضح ذلك في كلمة ألقاها بعد قص شريط الافتتاح وهذه الأسر الكريمة في الإمارات من عادتها أن تحتفظ بالأنساب وتحفظها. أما كندة الحضرمية التي ذكرتها فهي أزدية أيضا وهي الوحيدة من بين قبائل الجنوب التي خرجت مع قبائل الشمال القحطانية الخمسين لنصرة الإسلام في قارات العالم القديم الثلاث. ولعلك تعلم أن قبائل الأزد الذين خرجوا من مأرب منهم الأوس والخزرج أنصار الرسول الذين أقام الله بهم الإسلام ودولة الإسلام وفيهم أحاديث شريفة.وأما عن التضاريس الجغرافية التي ذكرتها فإن هضبة الحجرية هي أقرب إلى عدن من هضبة الضالع ويافع وغيرهما ، أنظر الخارطة أو اركب خطوط المواصلات إليها وأنت تنظر إلى الساعة في يدك وقارن الوقت المستهلك إلى معبق جارة طور الباحة وبداية الحجرية. وأما عن بيع الأراضي فنعلم أنه تم تبادلها مقابل أراضي نفطية شمال مأرب لصالح اليمن وليس هذا دفاعاً ولكن الخارطة الجديدة تبين ذلك بعد اتفاق أخوي سلمي، بيد أنا لا نعلم عن جزر الحلانيات والشرورة والوديعة أين تركها رفاقك, هل ابتلعها البحر أو غرقت بين الرمال؟10- ولكن ليس اللوم عليك إنما اللوم على من لم يعط للشرفاء من مواليد هذه المدينة الطيبة وغير العدوانية والمحبة للجميع- وأنا أقول أن أديبا منهم - لم يعطهم الفرصة والمجال للقرار والحركة والمسئولية والمنصب والأمن والدفاع والقوة والقدرة على حماية كيانها ضمن الوطن، ولو كان فعل ذلك لما كان الصامت دهرا لينطق كفرا ، ولما عاد الطامع ليطمع ولما أتيحت الفرصة لفوضى غير خلاقة وأفواه غير مصداقة يعلم الله همها. ولأن عدن كبني عبد المدان في القديم لا تبدأ أحدا بظلم ولا تسمح بظلم إذا كانت قوية، هي أم المسكين وقاعدة الثورة والتنوير منذ عقود منها نصيب الأسد في حرب التحرير ودورا رئيسا في فك حصار صنعاء في معارك نقيل يسلح ولم يذكرهم أحد، وكانت دائما وقودا للمعارك، وفيها الإنصاف وتحب الجميع وخيرها للجميع ، مع أن الكثيرين يطمعون فيها.. منهم من أساءوا إليها أو يسيئون إليها بقصد أو بغير قصد. وقد أصبحت مقصدا للطمع وسببا للفتنة لضعفها ولو أنها قويت لذابت محاور الطمع والشر وخمدت الفتنة وأزيح الطامعون وعم الهدوء والأمن والسلام والاستقرار والرخاء لأهلها وبقية الوطن. والله من وراء القصد.