* كوكب الوادعي:لم يفرق النص القرآني بين رجل وامرأة وساوى بينهما في الخطاب القرآني ووجه لكليهما في قوله تعالى (يا أيها الناس) و(يا أيها الذين آمنوا) و(يا بني آدم).والكثير يستندون إلى المساواة السياسية للمرأة في الإسلام في قوله سبحانه وتعالى(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وقوله صلى الله عليه وسلم(النساء شقائق الرجال) فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقع على عاتق الرجل بمفرده. فالولاية العامة مسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة في قوله تعالى(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) صدق الله العظيم.ولا ننسى الإسهامات التي قامت بها المرأة في بيعتي العقبة الأولى والثانية, ودورها الفعال في الدعوة الإسلامية ومشاركتها في الوقائع الحربية والتمريض والسقاية والقتال.وذكر القرآن الكريم الأهلية السياسية للمرأة في قصة الملكة بلقيس مع سليمان عليه السلام واتباعها مبدأ الشورى مع قومها.والتاريخ الإسلامي يشهد على دور المرأة المسلمة الريادي ومشاركتها بفعالية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية.ورغم ذلك تشعبت آراء المؤيدين والرافضين للمشاركة السياسية للمرأة من قبل التيارات الإسلامية المختلفة فمنهم من يحرمها من أي حقوق سياسية ومنهم من يمنع عنها الولاية, وآخرون يعطونها جميع الحقوق السياسية من انتخاب وترشيح إلى كرسي الوزارة ورئاسة الدولة.ورغم أن جميعهم يستندون إلى مرجع واحد(الإسلام) إلا أن التناقض يتم إرجاعه إلى:- الإسلام- النص: المتمثل في القرآن والسنة النبوية الصحيحة.- الإسلام-الفقه: المتمثل في فهم وتفسير وتأويل القرآن والسنة من قبل الفقهاء والعلماء من تيارات وحركات إسلامية مختلفة.- الإسلام - التاريخ: المتمثل في الممارسات المختلفة من قبل الحكام ورعايا وأنظمة واتجاهات ومؤسسات وتيارات.في الوقت الراهن الجماعات الإسلامية تتلون بتضاريس كل بلد تجاه مشاركة المرأة السياسية وقضية المرأة بشكل عام وباختلاف تركيبة البلاد السياسية وعاداتها وتقاليدها المتعارف عليها,فما هو مسموح به للمرأة في قضية الحجاب أو الخروج للعمل أو الترشيح والانتخاب يختلف من بلد إلى آخر,فمن كان بالأمس يمنع مشاركة المرأة السياسية من عمل حزبي ونقابي وبرلماني يتغير (180) درجة ويفتح الباب على مصراعيه.كما أصبحت قضية المرأة ومشاركتها السياسية تخضع لإرادة السلطة الحاكمة وجسر عبور للاتجاهات السياسية المختلفة في بلد ما نحو (الآخر) في بلاد الفرنجة.بينما آخرون يرون مشاركة المرأة السياسية” استفزازا ومؤامرة كبرى تحاك ضد الأمة الإسلامية, والديموقراطية شرك وكفر ويكفي أن” تتعلم المرأة القرآن الكريم في بيتها وتتزوج في سن الثانية عشرة”.ولو رجعنا للوقائع في بعض البلدان الإسلامية للاحظنا أن عمل المرأة السياسي مرهون بمزاجية السلطة الحاكمة وموقفهم من المرأة سلباً أو إيجاباً.بعد انهيار وتقهقر الحضارة الإسلامية وتقطيع أوصال الأمة وتغلغل الاستعمار في البلدان ومحاولة اقتلاع الهوية والقومية خيم الجهل وعشعش التخلف في العقول وسيطرت عادات وتقاليد اعتبرت من الدين, والإسلام منها بريء.مع حركات التحرر وانبثاق الصحوة الإسلامية بدأت المرأة العربية في المطالبة بحرية بلادها وحقوقها في منتصف القرن العشرين في محاولة للتخلص ممن احتل الأرض, وتنفض عنها احتلال العقول وما عشعش فيها من خرافة وشعوذة وما علق في الدين من شوائب نتيجة سنين الجمود الذي واكب عصر الاحتلال.وكان للمرأة العربية دور رائد في الحركة السياسية و حركات التحرر, وبعد التخلص من الاستعمار انقسمت الدول العربية نفسها بين دول تعترف بحقوق المرأة السياسية كحق التصويت والانتخاب ودول لا تعترف بحقوقهن السياسية وتحرمهن من التمتع بها.ولم تيأس المرأة العربية فتدرجت في نيل حقوقها السياسية بدءاً من الاعتراف بالحقوق السياسية وتدريجياً إلى العضوية النيابية سواء بالتعيين أو الانتخاب أو المشاركة بالمراقبة.والملاحظ أن ممارسة المرأة حقها السياسي في الوقت الحاضر، ليس بسبب أن القرآن والسنة النبوية كفلا لها هذا الحق منذ مئات السنين أو لأن المرأة المسلمة مارست السياسة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ولكن لأن العالم العربي منذ العصر الحديث أصبحت له مرجعية حديثة يستقي منها أفكاره هي المرجعية الغربية.-----------------------[c1]* نقلا عن جريدة “الوطن” السعودية [/c]
المرأة تحكم
أخبار متعلقة