في منتصف القرن العشرين طرأت تغييرات مهمة وجذرية على الدراسات الأدبية وأدت تلك إلى إعادة الطابع الأدبي للدراسات الأدبية .وجعلتها تركز على العناصر الفنية في النصوص ومهدت تلك التغييرات إلى ظهور اتجاه جديد في الأدب المقارن . ويطلق عليه بالاتجاه النقدي الأمريكي وجاء هذا الاتجاه نتيجة للمحاولة التي قام بها الدارسون والباحثون الأمريكيون من خلال سلبيات الاتجاه الفرنسي وتلافيها . ومن ناحية أخرى جاء هذا الاتجاه كما ستجابه للمتغيرات الفكرية والمنهجية التي برزت خلال النصف الأول من القرن العشرين من الدراسات الإنسانية . وأهم هذه التغييرات ظهور أو نشؤ المنهج الشكلي وتطوره وسمي فيما بعد منهجاً بنيوياً .فالمنهج الشكلي في النقد ظهر في روسيا سنة 1916م في صورة حركة معارضة للنزعة التعليمة السائدة في النقد الأدبي الروسي في ظل الفلاشفة ( الشوعيين أصحاب الدنيا ) . وقد عرف الشكليون ( الروس ) العمل الأدبي بأنه مجموعة العناصر المركبة له كالموضوع والشخصيات والحبكة وكل الرسائل المستخدمة فيه كالأسلوب والبنية والتي تهدف إلى تحقيق اثر جمالي ما ترتكز عليها ( أدبية النص الأدبي ) لكن المنهج الشكلي لم يزدهر الا بعد أن استقر ( رومان وجاكيسون ايا كبسون ) Jokouson احد ابرز الشكليين ( الروس ) في براغ ( عاصمة تشيكو سلافيا ) حيث نظمت هناك حلقة لغوية تبنى أعضاؤها المنهج الذي طوره الشكلية بمصطلح جديد هو (البنيوية ) .وانتشر المنهج البنيوي بعد أن هاجر جاكيسون إلى أميركا واستقر في جامعة (هازيك ) التي أصبحت مركزاً لبث أفكار حركة ابراغ وبعض مبادئ نظرية الاتصال.ويرتكز هذا المنهج البنيوي على أساس عمليه التحليل والتركيب فبواسطة هاتين العمليتين ينظر للعمل الفني كبنية وهذه البنية تبرز كشبكة تتماسك ومن هذا المبدأ تتركز الدراسات الأدبية على النص الأدبي نفسه وتسعى إلى تحليل بنيته إلى العناصر الوظيفية وفي مرحلة أخرى يقوم الدارس بتوظيف تلك العناصر بالبحــث عن أدبية النـص .واستطاع هذا المنهج البنيوي الذي يهتم بالنص الأدبي نفسه بعكس المنهج التاريخي الذي يركز على الظروف المحيطة بالعمل الأدبي إن يستفيد من رد الفعل ضد تاريخية المناهج النقدية الموروثة عن القرن التاسع عشر واستطاع إن يسود في فترة وجيزة ويصبح المنهج المتبع في معظم دراسات العلوم الإنسانية ، ومنها الأدب وساعد على ظهور الاتجاه الأمريكي في الأدب المقارن مقابل لاتجاه وليد معطيات الثقافية والمنهجية السائدة في القرن التاسع عشر .الاتجاه الفرنسي كان في القرن التاسع عشر والاتجاه الأمريكي في القرن العشرين .المنهج الأمريكي ارتكز على :1- رد فعل للمنهج الفرنسي 2- معطيات القرن العشرين .ومن أشهر التعريفات التي نشرها الأمريكيون للأدب المقارن .* تعريف هنري ريماك الذي جاء فيه (الأدب المقارن دراسة لأدب فيما وراء حدود بلد معين ، ودراسة للعلاقات بين الآداب من ناحية وبين مجالات المعرفة الأخرى كالفنون ، رسم ، ونحت وموسيقى ، والفلسفة والتاريخ والذين من ناحية أخرى . باختصار الأدب المقارن هو مقارنة أدب بأدب آخر أو آداب أخرى ومقارنة الأدب بمجالات التعبير الأخرى ) .ومن خلال هذا التعريف يتبين أن الاتجاه الأمريكي للأدب المقارن يتميز عن الاتجاه الفرنسي بمسألتين . الأولى : أنه سعى إلى تفادي سلبيات الاتجاه الفرنسي التي لخصها ( رينه ديلك ) صاحب نظرية الأدب وكتاب مفاهيم نقدية ، في النقاط الثلاث لآتية :1- عدم تحديد مادة الأدب المقارن ومناهجه بشكل جيد .2- عدم الاهتمام بالعمل الأدبي عند التطبيق .3- الاندفاع لعوامل قومية وأحيانا جو فنية ( عنصرية ) على الرغم من إدعائه أنه يسعى لدراسات العلاقات الروسية بين الآداب أو الأمم .الأخرى : سعى الاتجاه الأمريكي للأدب المقارن إلى توسيع مجالات الدراسات المقارنة في اتجاهين فمن ناحية أدخل المقارنون الأمريكيون للدراسات المقارنة تناول العلاقة بين الأدب وأدوات التعبير الفنية الأخرى كالسينما والرسم والموسيقى وكذلك العلاقة بين الأدب والمعارف الأخرى كالتاريخ والذين والفلسفة . ومن ناحية أخرى أضاف الأمريكيون إلى دراسات علاقة التأثر والتأثير التي ترتكز على وجود علاقات تاريخية مؤكدة بين طرفي المقارنة ، وأضافوا علاقات دراسات التوازن .[c1]سلبيات الاتجاه الأمريكي [/c]1- على الرغم من أن نشأة الاتجاه الأمريكي للأدب المقارن يستند على دوافع إصلاحية للاتجاه الفرنسي فالاتجاه الأمريكي نفسه وقع بعض السلبيات التي وقع فيها الاتجاه الفرنسي حيث استبدل النزعة القومية التي سيطرت على الاتجاه الفرنسي بتكريس الدعوة إلى المركزية الغربية لاسيما الأمريكية منها .2- توسع مجال الأدب المقارن ليشمل المقارنة بين الأدب وبقية مجالات المعرفة يمكن أن يؤدي إلى تحول الأدب المقارن إلى فلسفة مقارنة للثقافة والخروج بالباحث من إطار الأدب .
|
ثقافة
الاتجاه الأمريكي للأدب المقارن
أخبار متعلقة