بلا توصيف .. بلا نقابة .. وبلا مبادرات :
مشروع الكادر الإعلامي ذهب مع الريح .. بعد جدل استمر لعدة سنوات حتى كاد المشروع .. طيب الله ثراه .. يحظى بإجماع الوسط الإعلامي وقيادات المؤسسات الإعلامية الحكومية وقيادة وزارة الإعلام وكذلك بعض المتعاطفين من الوزراء وأعضاء البرلمان ، وبقيت العثرة التي وقفت أمام تنفيذ المشروع وتحقيق حلم الزملاء والزميلات في الوسط الإعلامي هي عدم وجود ( توصيف وظيفي ) . وحين وصلنا إلى هذه النقطة التي تصلبت عندها مواقف الحكومة كان الجميع ينتظر المبادرة من أي طرف لإعداد تصور أو مشروع توصيف وظيفي للعاملين في المؤسسات الإعلامية الحكومية .. لكن هذه المبادرة لم تأت من أحد .. وظل الجميع ينتظر الجميع . وإلى ما قبل المؤتمر العام الثالث لنقابة الصحفيين (فبراير 2004م) كانت النقابة تضع هذا الموضوع ضمن قائمة مفردات الخطاب الإعلامي المناسباتي ، وكانت ثمة أطروحات وأفكار بأن تتبنى النقابة مشرعاً للتوصيف الوظيفي ولو من باب المناورة .. غير أن مثل تلك الأفكار ظلت قيد التشاور ولم تتحول إلى مشروع عملي . ومنذ انعقاد المؤتمر العام الثالث غاب مشروع الكادر الإعلامي والتوصيف الوظيفي مع كثير من القضايا المهمة والمصيرية والإستراتيجية التي غابت عن اهتمامات قيادة النقابة الجديدة التي أحلت القضايا الهامشية محل كثير من القضايا الجوهرية التي إن جاء أحد على ذكرها في خطاب أو تصريح أو فعالية فليس الا للمزايدة ليس إلا .. وهاهو العمر الافتراضي لمجلس النقابة يوشك على الانتهاء دون أن نشهد جهداً أو مبادرة أو فعلاً يستحق الذكر ، ليس فيما يتعلق بكادر الإعلاميين والتوصيف الوظيفي وحسب ، بل وفي كل قضايانا الإعلامية .الجديد الذي يمكن إضافته إلى الرصيد السيئ لقيادة نقابتنا قبل أن تغادر أنها تخلت عن زملاء وزميلات المهنة الموظفين في المؤسسات الإعلامية الحكومية ، ولم تسجل موقفاً محترما إزاء الظلم الواقع عليهم جراء تنفيذ قانون وإستراتيجية الأجور ، الذي لم يعط للصحفيين والعاملين في الإعلام أية امتيازات كما هو الحال بالنسبة للتربويين وأساتذة الجامعات والأطباء وغيرهم من الفئات الوظيفية التي استطاعت أن تنتزع حقوقها بجهود حثيثة ومشهودة من نقاباتها المهنية وقيادات المؤسسات والجهات التي تعمل فيها .. ثم بوجود القوانين الخاصة بهذه المهن والتي اعتمدت كمقاييس لمنح بدل طبيعة عمل وفقاً للتوصيفات الوظيفية التي تضمنتها تلك القوانين الخاصة . اليوم وبعد مرور عامين تقريباً على صدور قانون الأجور وما يقارب العام على بدء تنفيذ واعتماد وصرف بدل طبيعة عمل لبعض موظفي الدولة تبدو كل المؤشرات أن الزملاء والزميلات الموظفين في المؤسسات الإعلامية الحكومية لن يحصلوا على أية امتيازات ، وأن بدل طبيعة عمل سوف يمنح لهم بالتساوي مع أي موظف حكومي في أي مرفق آخر مالم تكن هناك مبادرات وجهود وتحركات تسبق المفاجأة يعلم البعض من الزملاء والزميلات وخاصة قيادات المؤسسات الإعلامية أنها قادمة .نعلم ويعلم كل الزملاء والزميلات أن مهنتنا بلا قانون وبلا توصيف .. وأن قيادة نقابتنا غير آبهة بموظفي المؤسسات الإعلامية الحكومية .. ليس لأن غالبية مجلس النقابة ليسوا موظفين في مؤسسات إعلامية حكومية وحسب ، بل ولأن بعض أعضاء المجلس يعتبرون موظفي الإعلام الحكومي خصوماً سياسيين .. نعلم كل هذا ونعلم أيضاً أن المعنيين بتنفيذ قانون الأجور في المالية والخدمة المدنية لن يتعاطوا مع أية مطالب فردية أو جهود غير منظمة وغير مقوننة ، ورغم ذلك لم نلمس أية جهود أومبادرات لا من قبل الحكومة ولا من قبل الزملاء والزميلات المعنيين وأصحاب الحق ، ولا حتى من قبل قيادات المؤسسات الإعلامية الحكومية التي تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية المطالبة بحقوق موظفي المؤسسات التي تقودها وتدير أعمالها . إن قراءة سريعة لمؤشرات مشاريع التعديلات المرتقبة لقانون الصحافة والمطبوعات وكذلك الموقف السلبي المخزي لنقابة الصحفيين لاتنبئ بأية مبادرة قادمة لا للتوصيف الوظيفي للإعلاميين ولا لتفادي المفاجأة التي تحضرها لنا وزارتا المالية والخدمة المدنية فيما يتعلق ببدل طبيعة العمل .. باستثناء مبادرة قرأنا عنها من قبل معالي وزير الإعلام في اجتماع انعقد يوم الأحد الماضي للجنة هيكلة مؤسسة الثورة للصحافة ، أكد فيه معالي الوزير – وفقاً لصحيفة الثورة - أن مشروع هيكلة مؤسسة الثورة سوف يتضمن توصيفاً وظيفياً ، وليس لدي تفاصيل عما إذا كانت المبادرة أو التوجهات التي جرى الحديث عنها تخص مؤسسة الثورة وحدها أم تشمل كل المؤسسات الإعلامية .. ؟ وعلى أية حال نأمل أن تكون المبادرة والتوجهات شاملة ، وأن لم تكن كذلك فلابد من توسيع إطارها على مستوى كافة المؤسسات الإعلامية ، وهو ما يتطلب جهوداً ومبادرات جادة وتحركات عملية ملموسة من قبل قيادات المؤسسات ذاتها إلى جانب قيادة الوزارة لإخراج مثل هذه المبادرة إلى حيز الوجود لتكون المخرج الحقيقي لمأزق بدلات طبيعة العمل الحلً المناسب لمشكلة مشروع الكادر الإعلامي المنتقل إلى رحمة الله ..؟!