اماه .. كم تعاظم وتقادم اقتران روحي بروحك .. وكم احسست بعظيم الحنين والشوق دوما للالتصاق بكبدك!!.. وكم حاولت وزن حبي لك وحبك لي بشتى موازين الوجود .. فنفذت المثاقيل واحدا واحدا، ورجحت كفة الحب دون ان تقدر الاوزان على الرجحان بها!!.كم هي عظيمة رابط الأمومة ؟؟ وكم هو واسع حنان صدرك .. وكم هي عظيمة تلك الكبد التي فلذتني عنك!!.اليس الله قد جعل بطنك قرارا لي .. وغشاني فيها بغشاء مكين كي لاافلت منك ؟؟ وعلمني القيام والقعود في بطنك الواسع الكريم.. وجعل لي متكأ عن يميني فيها .. ومتكأ آخر عن يساري.فاما الذي عن يميني فكبدك المفدى .. واما الذي عن شمالي فطحالك الصبور .. فلما تمت مدتي .. واوصى الله عز وجل الى الملك ان يخرجني منك .. خرجت صارخا محتجا على فراق جوفك الذي استضاف اعقد مراحل تكويني وخلقي .. فلامسني حضنك الحنون .. الذي احسست به لاول مرة .. واجريت على فمي لبنا خالصا من صدرك بسخاء لم اجد مثيله طوال حياتي .. واحسست بعدها ان حبك وحنانك ملك خالص لي .. لايجوز ان يشركني فيه احد.. فتملكتني غيرة الطفولة البريئة .. وكنت مدرسة من يومها لي .. تعلمت منك ما لم تعلمني معاهد العلم ومدارس التحصيل!..تعلمت منك الحياة برمتها .. ومبادئ المروءة والكرم .. وكل خلق يعود خيره عليّ في الدنيا والآخرة .. وكنت كلما تفوقت يا امي في مجال ما.. كان فرحك اعظم من فرحي.. وكلما صادتني الشدائد .. ولبستني نوائب الدهر .. كان حزنك اعظم من حزني .. وكأنك انت انا وانا انت.ويوم ادركك الموت .. لم ار الدنيا من قبل اظلم منها في ذلك اليوم .. اتدرين لماذا ياامي؟ .. لانك لم تعودي حية فتحزني كلما احزن اعظم مما احزن!.. لقد تجرعت الحزن كاملا هذه المرة .. ولم اكن اتصور ان احتراق قلبي لوفاتك والقهر العظيم على فراقك كان اقوى واشد من مرارة الهزيمة في اصلب معارك الشرف والكرامة..!!حقا .. لقد تركت يا امي ابناء رجالا اوفياء .. هم الذين كابدت الدهر من اجل تفوقهم واسعادهم .. بينما كان نصيبك الفقر والالم، لكن برهنت ان الاصرار والعزيمة ومكابدة الشدائد مع الايمان بالله العظيم هو طريق صناعة المعجزات .. وبناء الاجيال السعيدة!!.اليك يا امي اهدي ابيات بشارة سليم الخوري وهي من روائعه في الام.. سائلا الله عز وجل ان يكرم نزلك .. ويحسن وفادتك ويتقبل حسنتك .. ويغفر سيئتك .. ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة .. آمين.ولو ملئت لي الجامات صبراً..ولو جرّعتُ كأس العيش مراً..ففي شفتيّ ينبوعٌ عجيبٌ..يحوّل لي كؤوس الخل خمراً .. فيسكرني.. وذلك ذكر أمي!!..ولو قصفت رعود الموت قصفاً!!..ولو عصفت رياح الهم عصفاففي اذني عند النزع صوتٌ...يحوِّلُ لي زعيق الجن عزفاً..فيطربني .. وذلك صوت امي !!..ولو هجمت على قلبي البلايا .. وهدّت سور آمالي الرزايا .. فان بباب فردوسي ملاكاً..يسلُّ السيف في وجه المنايا..فيحرسني وذلك طيف أمي..ولو اني فجعت بفقد مالي..واعشاري، واصحابي الغوالي..فلي كنز - وقاه الله - اغلى..من الذهب المرصع باللآلي..ألا وهو الحنان بصدر أمي..!!ولو يارب في اليوم العظيم ..تلوت عليّ حكمك بالجحيم..فلي أملٌ بأن ستعود يوماً..فتصفح في جهنم عن أثيم..فأنت الارحم من قلب أمي!!.* الشيخ / انيس الحبيشي
|
مقالات
إلى أمي
أخبار متعلقة