يمثل المدى الذي يجري به إهمال حقوق الانسان او تعزيزها احد العوامل الرئيسية التي تحدد كيفية توزع إصابة السكان بفيروس نقص المناعة البشرية والسرعة التي تتطور بها الاصابة بالفيروس الى اصابة بالايدز ثم الى الوفاة.فحقوق الانسان مافتئت تشكل عاملاً أساسياً في مواجهة وباء فيروس نقص المناعة البشرية والايدز منذ وضعت أول استراتيجية عالمية للايدز في عام 1987م ، كما ان الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والهيئات الأخرى التي تتولى رصد معهدات الأمم المتحدة لحقوق الانسان ولجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة ، تواصل تأكيدها المتكرر على الروابط القائمة بين فيروس نقص المناعة البشرية والايدز وحقوق الانسان وتعمل على زيادة توضيحها على النحو الوارد في معاهدات حقوق الانسان الرئيسية ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ، واتفاقية حقوق الطفل وفي إطار القانون الدولي لحقوق الانسان، وثمة التزام قانوني من جانب الحكومات التي تصدق على المعاهدات الدولية لحقوق الانسان بكفالة مطابقة قوانينها وسياساتها وممارساتها الوطنية للحقوق المشمولة بهذه المعاهدات ، ويستلزم هذا الالتزام ايضاً القيام بانتظام بابلاغ هيئات رصد المعاهدات ، وقد أكدت كل هيئة من هذه الهيئات اهتمامها بان تقوم الحكومات بادراج مسألة فيروس نقص المناعة البشرية والايدز عند الوفاة بمتطلباتها في مجال الابلاغ ، وفضلاً عن ذلك تضمنت المبادئ التوجيهية الدولية التي وضعتها الامم المتحدة بشأن فيروس نقص المناعة البشرية والايدز وحقوق الانسان نهجاً عملية مفصلة الى حد ما لضمان احترام حقوق الانسان وحمايتها واعمالها في سياق فيروس نقص المناعة البشرية والايدز . ومثل هذه الاهمية المعلقة على ان تكون السياسات والبرامج المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية والايدز متمشية والقانون الدولي لحقوق الانسان ، تنعكس عموماً في بعض السياسات والبرامج الوطنية والدولية ، غير ان تنفيذها لايزال للأسف غير كاف في الواقع .. ومن الضروري ان تقوم الحكومات والمجتمع الدولي بتعزيز حقوق الانسان وحمايتها ، ولمواجهة هذا الوباء بفعالية يلزم إيلاء الاهتمام بالروابط بين فيروس نقص المناعة البشرية والايدز من ناحية والقانون الدولي لحقوق الانسان من ناحية أخرى ، واساس ذلك كله هو مبادئ عدم التمييز ، والمساواة والمشاركة في الاستراتيجيات والنهج الرامية الى الحد من خطر فيروس نقص المناعة البشرية والايدز على الأفراد والسكان وتقليل التعرض للإصابة به وتخفيف تأثيره عليهم ، ورغم ان درجة التوازن الامثل بين هذه الاستراتيجيات تختلف باختلاف البلدان والمجتمعات إلا أن التناول المتزامن لهذه المبادئ الثلاثة مع إيلاء الاهتمام الكافي لمبادئ حقوق الانسان ، أمر حاسم في جميع الظروف .. ويتيح القانون الدولي لحقوق الانسان إطاراً حيوياً لمواجهة تحديات فيروس نقص المناعة البشرية والايدز لان نهجه ملائم لجميع البلدان في جميع مراحل النمو، بما فيها البلدان الفقيرة من حيث الموارد. ويقتضي وضع السياسات والبرامج اللازمة للحد من تفشي تأثير فيروس نقص المناعة البشرية والايدز واحترام حقوق الانسان القيام على الجانبين التقني والتنفيذي للأنشطة الصحية بإيلاء الاهتمام للعوامل المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المحيطة ، ولذلك فان مواجهة خطر فيروس نقص المناعة البشرية والايدز ينبغي ان تراعي فيه بشكل صريح عوامل من قبيل العلاقات الجنسانية، والمعتقدات الدينية وكراهية الجنسية المثلية وممارسيها ، والعنصرية التي تؤثر منفردة او مجتمعة على مقدار حماية الاشخاص والمجتمعات من التمييز، واللامساواة، والاقصاء ، ومدى قدرتهم على الوصول الى الخدمات واتخاذ وتنفيذ القرارات المستنيرة فيما يتعلق بحياتهم ، وتقع على عاتق الحكومات بصورة مباشرة مسؤولية عدم انتهاك هذه الحقوق وتهيئة الظروف الملائمة لأعمال الحقوق كاملة قدر الامكان ، ويعني ذلك في سياق فيروس نقص المناعة البشرية والايدز ان الحكومات ملتزمة باحترام الحقوق ، فالدول لا تستطيع انتهاك الحقوق بصورة مباشرة في القوانين والسياسات والبرامج او الممارسات ، وعلى سبيل المثال ، يزداد اعتراف الحكومات بمسؤولياتها عن كفالة حماية سرية الاشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية ، وعن تلقي المساجين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية لنفس الرعاية الطبية التي تقدم لغيرهم من المساجين .. الحماية فيجب على الدول ان تمنع ارتكاب الآخرين للانتهاكات وان توفر سبيل ذلك تعويضات معقولة وممكنة ، وعلى سبيل المثال: يجب على الدول ان تكفل عدم ممارسة أرباب العمل في القطاع الخاص التمييز ضد العمال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية وان توفر الوسائل الكفيلة بالتعويض للأفراد الذين يطردون من عملهم أو العاجزين عن ضمان الحصول على السكن او العمل بسبب إصابتهم بفيروس نقص المناعة البشرية ..[c1]أعمال الحقوق : [/c]فيجب على الدول ان تتخذ تدابير إيجابية متزايدة لاعمال الحقوق ـ بما في ذلك تدابير الميزنة والتدابير التشريعية والإدارية وغيرها ، وعلى سبيل المثال ينبغي للدول "ان تتخذ إجراءات عاجلة لتوفير التثقيف والخدمات اللازمة لمنع انتقال فيروس نقص المناعة البشرية ، وان تتخذ الخطوات اللازمة للتخفيف من تأثير الايدز على جميع قطاعات المجتمع وشرائحه، من أجل مواجهة العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تزيد خطر الاصابة بفيروس نقص المناعة البشرية ومدى التعرض للإصابة به .. ويستلزم ادماج حقوق الانسان في جهود التصدي لخطر فيروس نقص المناعة البشرية والايدز الاعتراف بان العناصر الثلاثة للالتزام بمعايير الحقوق ، هي احترام الحقوق وحمايتها واعمالها، هي عناصر اساسية ومترابطة وغير قابلة للتجزئة ، وينبغي ، كخطة أولى سن قانون يحظر التمييز في العمل على أساس الاصابة بفيروس نقص المناعة البشرية ، غير ان عدم القدرة على توفير آلية للتنفيذ يعني ان الالتزامات المتعلقة بحقوق الانسان في سياق وباء فيروس نقص المناعة البشرية والايدز لم تتحقق بصورة كاملة ، ويؤثر وباء فيروس نقص المناعة البشرية والايدز على الرفاه البدني والعقلي والاجتماعي للافراد فضلاً عن الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لمجتمعاتهم المحلية ويرتبط اهمال الحقوق وانتهاكها بخطر الاصابة بفيروس نقص المناعة البشرية ومدى التعرض للاصابة به ، فكلما كان تأثير الوباء أكبر في منطقة معينة ، كلما زاد مقدار التحدي الذي يواجه الافراد والاسر والمجتمعات في التصدي له بفعالية ، وفي حين لاتزال عوامل التمييز واللامساواة وعدم المشاركة تزيد من حدة وباء فيروس نقص المناعة البشرية والايدز ، فان اهمال باقي الحقوق او انتهاكها يؤثر أيضاً تأثيراً كبيراً في مدى التعرض للإصابة به وتأثيره وهو ما يدل على نوعية الحلول التي يمكن ان تكون فعالة في مواجهته .
فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) وحقوق الإنسان
أخبار متعلقة