أضواء
ما كان يدور طوال عام ونصف العام من صراع الغرف المغلقة داخل تنظيم “الجيش الإسلامي” في العراق، بات علناً وصريحاً في الشهر الأخير. صراع كشف عن حقيقة انقسام ثاني أكبر وأقوى تنظيم سني في العراق إلى فريقين.الجيش الأميركي في العراق لم ينل أذى أكثر من الذي لقنه إياه تنظيم “الجيش الإسلامي” منذ تأسسه في النصف الثاني من العام 2003، على أيدي مجموعة دينية تجمعهم راية عشائرية، حتى لاحت نذر الانقسام، الذي بات واقعاً اليوم.قادة التنظيم المختلفون فيما بينهم أغلبهم أبناء جيل واحد، من مواليد الستينيات، ويمكن، حسب المصادر داخل التنظيم، القول إن طالب العلم محمود الجنابي، المكنى بأبي أطياف، هو المعني الأول بفكرة التأسيس وجمع فريق المسلحين تحت راية التنظيم، وهو صاحب التجربة الأفغانية قبل أكثر من عقدين، إلا أن قيادة التنظيم ذهبت إلى أحد أقاربه، أمين الجنابي، المكنى بأبي خديجة، وبقي منظّراً شرعياً ومسانداً للعمل الميداني. قاد أمين الجنابي التنظيم المحلي بقوة داخل العراق، خالياً من أي إضافات بشرية عربية، متحاشياً العمليات الانتحارية، ليشكل قلقاً للقوات المحتلة، حتى انتقاله للإقامة والاستقرار في العاصمة السورية دمشق، كحال قادة الكثير من التنظيمات، ليوكل الأمر إلى فرحان الخليفاوي، المكنى بأبي حنان، قيادة العمل الميداني داخل العراق، في ظل الغياب الطويل للجنابي. ومع قيادة الخليفاوي بدأ التنظيم في إستراتيجية عمل ميدانية تخالف سلفه، حيث عمل على مكافحة “القاعدة”، التي آذت العراقيين كثيراً، الشيعة منهم والسنة. والجميع يذكر الكم الهائل من السيارات المفخخة، التي كانت تتفجر بالانتحاريين العرب في المعاقل السنية الصرفة، خاصة الأنبار. سياسة التركيز على طرد “القاعدة” من المواقع السنية، فتحت باباً للصراع داخل الأروقة، ليتطور أمر قيادة التنظيم في الداخل العراقي بفتح نافذة للحوار مع القوة المحتلة، مع الحفاظ على خصومة الحكومة العراقية. كان ذلك في منتصف العام 2006.اشتد الصراع أكثر بعد الشروع في الدخول جزئياً ضمن مشروع “مجالس الصحوة” العشائرية، التي قامت في كثير من المواقع على أكتاف قيادات وكوادر التنظيم. والمعارك بين القيادتين تدار اليوم بين بغداد ودمشق، فقيادة التنظيم المقيمة في سورية، ترفض مقاتلة “القاعدة”، وتعارض “مجالس الصحوة”، وتعزز مكانتها بالسيطرة على الماكينة الإعلامية (النشاط الإلكتروني)، حيث المسميات الوهمية “علي النعيمي” والبقية، تخرج وتصرح في عدة مناسبات. لا شك لدي أن الكيان المحلي للتنظيم يعمل وفق خطين؛ خط يقاتل القوات الأميركية وآخر يجالسها ويقاتل “القاعدة”، كحال تنظيمات عالمية عرفها التاريخ، وليس آخرها “منظمة الجيش الجمهوري الإيرلندي”.[c1]* عن / صحيفة “الرياض” السعودية[/c]