مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بوزارة الصحة العامة والسكان لـ “ 14اكتوبر ”:
من الاجتماع الخاص باعداد الخطة الوطنية لمكافحة الايدر ( ارشيف )
لقاء/ وهيبة العريقي:ما أحوجنا إلى معرفة المزيد من المعلومات عن هذا الداء وإلى التمسك بأخلاقيات ديننا الحنيف الذي دعانا إلى التحلي بكرم الأخلاق وحسن معاملة الآخرين .. يقول المولى جل وعلا :”يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب” “سورة الحجرات، الآية 11”.هذا القدر من التعامل الخلاق الذي أمرنا به وحثنا عليه ديننا الحنيف وهو بمثابة قاعدة أخلاقية نبني عليها جسور تواصلنا وتعاملنا مع مرضى الإيدز. فلا يكفي أن يعلم الناس أن الإيدز خطير لا علاج يشفي منه وأن عدواه تنتقل عبر العلاقات غير الآمنة أو عبر نقل دم ملوث بفيروس المرض من دون محو المفاهيم المغلوطة والخاطئة عن هذا المرض التي تحمل الكثيرين على النفور الشديد من المرضى حتى وصل الأمر بالبعض إلى ممارسة الوصم والتمييز ضدهم والتجرد من إنسانيته وأخلاقه لدى تعامله مع هذه الشريحة من المرضى، لتحل محل النظرة المشوشة عن المصابين بالإيدز التي تجذرت في أذهان وعقول الكثيرين والتي ساهم فيها تدني الوعي الصحي في أوساط المجتمع.ننتقل إلى التفاصيل عبر لقاء جمعنا بالدكتور/عبدالحميد الصهيبي - مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز بوزارة الصحة العامة والسكان، لبيان حقيقة الإيدز وأسبابه وأعراضه ومضاعفاته وكل ما يتعلق بهذا الداء الخطير من معلومات صحية وقائية مفيدة للمجتمع، مع توضيح قواعد وأسس التعامل والتعايش مع المرضى وما توصل إليه العلم وتجارب العلماء إلى الآن من انجازات على الصعيدين الوقائي والعلاجي.مؤشرات الخطورة
د. عبد الحميدالصهيبي
* تبديداً للبس وسوء الفهم .. ما أصل ومصدر مرض الإيدز؟ وما وضع الإصابة ومؤشراتها محلياً وعالمياً؟- البعض معلوماته عن الإيدز للأسف منقوصة، قد تلتبس ببعض الأحكام الخاطئة والمفاهيم غير الصحيحة.وقطعاً لا يمكن إنكار هذا الواقع، فهو يشمل قطاعاً واسعاً من أفراد المجتمع وفيهم - للأسف الشديد - شريحة واسعة من المتعلمين.الإيدز مرض ينجم عن فيروس يضعف جهاز المناعة في جسم الإنسان فيصبح عرضة للأمراض المزمنة والأورام السرطانية.تسميته جاءت مشتقة من الحروف الأولى للاسم العلمي باللغة الانجليزية لهذا المرض “A.I.D.S” واسمه باللغة العربية “متلازمة العوز المناعي المكتسب”ووفقاً لآخر التقديرات هناك “33 مليون” مصاب بعدوى الإيدز في العالم حتى نهاية 2007.أما عدد حالات العدوى الجديدة المقدرة يومياً فهي على الأرجح “14ألف” حالة.بينما يصل العدد التراكمي للوفيات الناجمة عن العدوى الإيدز - عالمياً - إلى نحو “29.9ميلون” وفاة.وفي اليمن بلغت حالات الإيدز المسجلة حتى نهاية شهر مارس المنصرم من هذا العام “2651 حالة” لكن هذا العدد لا يمثل كل حالات الإيدز، سواءً على المستوى المحلي أو العالمي فبحسب مؤشرات منظمة الصحة العالمية فإن مقابل كل حالة إصابة مكتشفة توجد عشر حالات إصابة لا يتم اكتشافها.حاملو العدوى* ماذا يقصد بحاملي عدوى الإيدز؟ وما أوجه الفروق بينهم وبين المصابين بالمرض؟- من غير المعلوم لدى الكثيرين أن انتقال عدوى الإيدز من مصاب بعدوى المرض إلى شخص سليم، لا تظهر على إثره لدى متلقي العدوى أعراض تدل على أنه مريض بالإيدز وذلك لسنوات طويلة، لأن فيروس الإيدز عقب انتقاله إلى الجسم يدخل إلى الخلية، فيتحد مع الموروثات، وقد يبقى كامناً فيها لعدة سنوات، تصل لدى بعض الحالات إلى أكثر من عشر سنوات، ويبقى خلالها حامل العدوى ناقلاً للمرض شأنه في ذلك شأن المريض، مع أنه يبدو سليماً في الظاهر.ويمكن تأكيد إيجابية العدوى بالفيروس في “99%” من الحالات خلال ثلاثة أشهر من التعرض للعدوى، عن طريق إجراء الفحوصات المخبرية.وعندما تظهر أعراض الإيدز لا حقاً في مرحلة الإصابة، حينها يهاجم الفيروس جسم الإنسان ويبدأ بإتلاف جهازه المناعي، ما يجعله عرضةً للإصابة بالعديد من الأمراض الإنتهازية والأورام التي تؤدي - لاحقاً - إلى الوفاة.أعراض ودلالات* كيف تبدو أعراض الإصابة بالإيدز؟ وهل وجودها يعطي دلالة أكيدة على الإصابة بهذا الداء؟- للإصابة بالإيدز أعراضاً تضع المريض أمام احتمال إصابته بهذا الداء ولا تؤكد الإصابة قطعاً، فالأمر يحسمه الفحص المخبري للدم وليس مجرد ظهور الأعراض، وأهم ما يمكن ذكره هنا:- تضخم العقد اللمفاوية لا يعرف سببه وخاصة الموجودة في العنق والإبط وثنية الفخذ.- ارتفاع درجة حرارة الجسم مع تعرق ليلي غزير يستمر لعدة أسابيع من دون سبب معروف.- إسهال سببه ليس واضحاً يستمر عدة أسابيع.- سعال جاف يستمر عدة أسابيع من دون سبب معروف.ويصاحب هذه الأعراض في بعض الأحيان اعتلال عام في الصحة وشعور بالإنهاك.
شعار الايدز
غير قابل للشفاء* أما من بصيص أمل في التوصل إلى علاج شاف أو لقاح على الأقل للحد من الإصابة بالإيدز؟* لا علاج يشفي من الإيدز، لكن سلاح المعرفة كفيل بالتصدي له، وعلى الرغم من تواصل محاولات الباحثين والعلماء لتطوير علاج يحقق الشفاء من مرض الإيدز، إلا أنهم لم يتمكنوا من تحقيق ذلك حتى الآن، وما يتوافر من أدوية حالياً تساعد فقط في الحفاظ على استقرار حالة الإصابة وعدم وصولها إلى مرحلة المضاعفات من دون القضاء نهائياً على المرض.وبالتالي تبقى الوسيلة الفعالة للوقاية من الإيدز هي التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية التي تحصر الممارسة الجنسية في إطار العلاقة الزوجية الشرعية، وكفى بالقرآن واعظاً، حيث يقول الخالق سبحانه وتعالى:”ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا” “الإسراء، الآية 23”.تعدد وسائل العدوى* يجهل كثير من الناس تعدد الوسائل والوسائط التي تنتقل من خلالها فيروس الإيدز وكل ما يعملونه عنه أنه أحد الأمراض المنقولة جنسياً .. أليس الأجدر توضيح هذه المسألة لأهميتها في الوقاية من الإصابة، بما في ذلك بيان وتوضيح الوسائل التي لا تنتقل من خلالها عدوى المرض؟-بالفعل .. توضيح هذا الجانب ضروري وأعتبره الجانب الأهم لاتقاء هذا المريض وتجنبه. حيث أن الاتصال الجنسي غير المأمون، سواءً بين أفراد الجنس الواحد أو أو الجنسين، كالزنا واللواط هو الأبرز والأكثر شيوعاً لنقل ونشر فيروس الإيدز، ومع ذلك فالعدوى يمكن أن تنتقل بصور أخرى مغايرة، عبر نقل دم متبرع به ملوث أو مشتقاته، أو نقل أعضاء متبرع بها من إنسان مصاب إلى آخر غير مصاب، أو من خلال استعمال الحقن الملوثة، أو تداول استخدام الأدوات الثاقبة أو الجارحة للجلد وذلك مع حاملي الفيروس.كذلك ينتقل فيروس الإيدز نتيجة عدم تعقيم الأدوات التي يستخدمها أطباء الأسنان والأدوات التي تستخدم في المجارحة والحجامة والوشم وكذا أداة خرص أو ثقب الأذن.يدخل أيضا تحت هذا النمط من العدوى إدمان المخدرات، فهي قضية ذات صلة وثيقة بانتشار الإيدز، لاستعمال متعاطي المخدرات إبراً ملوثة يشتركون في استخدامها سوية لتعاطي المخدر عبر الوريد.ووارد حدوث العدوى من الأم الحامل إلى جنينها أو وليدها أثناء الحمل ومع الوضع أو أثناء الرضاعة، ويتراوح خطر انتقال الفيروس بهذا النمط من العدوى ما بين “25 - 40%”.وللعلم فإن النساء اللواتي لا يستخدمن الأدوية التي تقي من انتقال فيروس الإيدز أثناء الحمل أو الولادة يفسحن المجال لانتقال العدوى إلى مواليدهن، فإذا استخدمت الأم الحاملة للفيروس هذه الأدوية فإنها تقلل من نسبة انتقاله إلى جنينها إلى أقل من “2%”.ومن حسن الحظ أن عدوى مرض الإيدز لا تنتقل إلا من خلال الممارسات غير المأمونة، ولا تنتقل مطلقاً عن طريق: - المخالطة العارضة،أو الاتصالات الشخصية في محيط الأسرة أو العمل أو المدرسة،ولا من خلال المصافحة أو العناق.- الأكل أو الشرب أو من خلال صنابير المياه أو المسابح- استعمال وسائل المواصلات العامة،أو استخدام أجهزة الهاتف،أو من خلال الملابس.- العطس أو السعال ،أو بواسطة الحشرات كالذباب والبعوض. لا للإساءة والوصم* كيف تترجمون شعار نبذ الوصم والتعبير ضد مرضى الإيدز على الواقع المعاش؟- المسالة مسألة أخلاق وقيم حثنا عليها ديننا السمح وليس مجرد شعارات،كما أن جهل الناس بحقيقة مرض الإيدز يقودهم إلى الإساءة إلى المرضى وممارسة الوصم ضدهم.ونجد أنه من غير اللائق الإساءة لأي إنسان،فكيف بالمرضى وقد نزل بهم من البلاء ما نزل.فليس من الإنصاف وصف المصابين بالإيدز بأي وصفٍ سيئ أو نعتٍ ممقوت،أو التعسف ضدهم والإسفاف والقهر،أو طردهم من أعمالهم،أو حرمانهم من حقوقهم المادية والاجتماعية،لأن هذا الأمر ينكره الإسلام دين الرحمة،وما كان ليقبل به رسول الهداية (صلى الله عليه وسلم) وهو الذي قال:(الظلم ظلمات يوم القيامة)،ويقول المولى عز وجل في الحديث القدسي على لسان نبيه الكريم (صلى الله عليه وسلم)(يا ابن أدم أني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرماً بينكم،فلا تظالموا).بالتالي والوصم والتمييز والممارسات التعسفية ضد مرضى الإيدز سببها ضعف الوازع الديني والجهل بحقيقة هذا الداء.فالأحرى أن يبدأ كل منا بداية جديدة لا ظلم فيها ولا قدح ولا وصم لدى التعامل مع هذه الشريحة من المرضى،وما أروع بدء هذا الالتزام والتحول الإيجابي مستشعرين في أنفسنا آلام المصابين بالإيدز ومعاناتهم غير مبدين إشفاقنا عليهم،فحسبهم وما يعانون جراء هذا المرض الوخيم.فهذا أسلم للعيش بصورة إيجابية..يهون على مرضى الإيدز وحاملي العدوى مصابهم،ويعد حافزاً لهم للعيش بسلام ويقلل مخاوفهم ويزيل عنهم الاكتئاب والشعور بالمقت أو الوصم.