سميرة المخلافـي:تصدم العقل المسلم مفاهيم وتصوُّرات عديدة تحطُ من مكانةِ المرأةِ اليمنية وتلبس لباس الدين ، وتزداد الصدمة عندما نعرف أن مصادرها غير إسلامية.في كتابه “عشرة عوائق أمام حقوق النساء في الإسلام” الذي نشره ملتقى المرأة للدراسات والتدريب عام 2004م يرى محمد سيف العديني أنّ قضايا المرأة بعد عصر الراشدين تعرّضت لألوان من البُعد عن معطيات المصادر الأولى (القرآن والسُّنة وعمل الصحابة) حيث اختزلت في قوله تعالى “وقرن في بيوتكن”.. سعى الكتاب إلى توضيح مجموعة من التصورات الخاطئة لدى المسلمين التي تمّ توارثها جيلاً بعد جيل .. وبذل شتى المحاولات لتصحيح الممارسة والعَلاقة الخاطئة بين الرجال والنساء.وعند المؤلف (محمد سيف العديني) أنّ تلك التصورات نشأت عنها عشرة عوائق أمام حقوق النساء في الإسلام وأهمها التالي:[c1]تأثير عادات الأمم على حقوق المرأة في الإسلام[/c]إنّ المرأة كانت تُعد بنظر القدماء رمزاً للذلة والخزي والعار حتى أن بعض قبائل العرب، كانت تدفن البنت حية، وكانت بعض الأمم تناقش أسئلة مثل هل الأنثى إنسان، وهل لها روح وهل لها الحق في عبادة الله؟ ولدى اليهود والنصارى تصور أنّ المرأة تمثل حبائل الشيطان، ولا حق لها إذا قرر الرجل بوصفها وسيلة للمتعة والتزويج والمنادمة، ويقول المؤلف : إنّ المرأة في الصين تربت على ثقافة تصوّرها كائناً يقع في آخر سلم الجنس البشري ونصيبها من الأعمال ما هو حقير وفي ثقافة الهند أسطورة تقول : إنّ “مانو” عندما خلق النساء فرض عليهن حب الفراش والزينة والشهوة الدنسة والتجرد من الشرف، وهنّ دنسات كالباقل نفسه، بينما كان اليونانيون يرون أنّ اسم المرأة يحبس في البيت كما يحبس جسمها، وأنّ اليوناني إذا احترم المرأة يتزوجها ليحصل منها على أولاد شرعيين، واعتبر القانون الروماني أنّ الأنوثة سبب انعدام الأهلية كالجنون تماماً، ومعروف موقف العرب الجاهليين من الأنثى فهي رمز العار، وكانت بعض القبائل تدفن الأنثى للتخلص من العار ولدى بعض القبائل أنّ الرجل إذا توفي تصبح زوجته من جملة ما يورثه لأولاده.[c1]أحاديث ضعيفة[/c]يرى المؤلف أنّ العائق الثاني يتمثل في أحاديث ضعيفة أو مكذوبة أثرت في حقوق المرأة في الإسلام مثل حديث : “شاوروهن وخالفوهن”.. عودوا النساء “لـ” وطاعة النساء ندامة .. وهلكت الرجال حين أطاعت النساء.. واتقوا شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر.. واعدى عدوك زوجتك التي تضاجعك.. ونعم الصهر الغير.. وضاع العلم بين أفخاذ النساء.. والنساء مصابيح البيت ولكن لا تعلموهن..” إلى جانب أحاديث أسيء فهمها مثل لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته.. ويقول المؤلف : إنّ هذه الأحاديث بنى عليها الفقهاء أحكاماً خاطئة كرّست مفاهيم خاطئة عن المرأة، - فعلى سبيل المثال : مفهوم أنّ الزواج بالنسبة للمرأة بمثابة الرق مصـدره حديث ضعيف وهكذا..[c1]تفسيرالفقهاء[/c]أما العائق الثالث في نظر المؤلف فهو ما صدر عن بعض المفسِّرين، مثل الإمام الرازي الذي فسر قوله تعالى : “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها”.. أنّه دليل على أنّ النساء خلقهن كخلق الدواب والنبات وغير ذلك من المنافع، كما قال تعالى “خلق لكم ما في الأرض”، وهذا يقتضي أن لا تكون المرأة مخلوقة للعبادة والتكليف.. أو كما فسَّر ابن كثير معنى السفهاء في الآية “ولا تؤتوا السفهاء أموالكم”.. إنّ المقصود هن النساء والأطفال.. ومثل هذه المعاني التي حملها المفسرون آيات القرآن أصبحت ثقافة تتوارث وتحط من مكانة المرأة.[c1]تنصيف الدية[/c]ويرى المؤلف الاجتهاد الذي استقر حول تنصيف دية المرأة اجتهاداً مخالفاً لمكانة المرأة في القرآن والسُّنة .. فالآية التي أثبتت مشروعية الدية وهي في سورة النساء تقول :“وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ وديةٌ مسلمةٌ إلى أهله..” هناك إجماع بين الفقهاء والمفسّرين أنّ هذه الآية تشمل الرجل والمرأة بينما لجأ بعض المفسرين والمجتهدين إلى القول :إنّ الدية نصف دية الرجل استناداً إلى حديثٍ ضعيف نصه “ دية المرأة على النصف من دية الرجل” وأحاديث أخرى وتركوا الآية القرآنية.[c1]الدفاع عن أخطاء المسلمين[/c]ويتمثل العائق الخامس في ما أسماه المؤلف “النص الجزئي الذي يدافع عن أخطاء المسلمين في حقوق المرأة”، فبدلاً من إزاحة المفاهيم الخاطئة والترويج للمفاهيم الصحيحة حول قضايا المرأة إذا بكثيرٍ من رجال الشريعة يعلون من الفقه المغالي المنسجم مع الموروث ومنحه شرعية وقوة من خلال تقديم حجج لدعمه.. وعند المؤلف أنّ هذا الفهم الجزئي لا ينطلق من المسؤولية المشتركة بين الرجال والنساء والتي قررها الإسلام، كما لا يأخذ بالاعتبار خطاب الله الذي يقرر التكليف للرجال والنساء سواسية أكان التكليف يتعلق بالعبادات أو تحمل المسؤولية، والمساواة في الثواب والجزاء.[c1]أحاديث فهمت خطأ[/c]ويُلاحظ المؤلف أنّ بعض الأحاديث الموضوعة التي حملت معاني تقلل من مكانة المرأة حملت هذه المعاني بسبب الفهم الخاطئ لها وبالتالي أدى هذا الفهم وتسويقه إلى التأثير السلبي في الحقوق المعنوية والمادية للمرأة، فالأحاديث الصحيحة التي وردت فيها عبارات أو كلمات مثل الضلع الأعوج، القوارير، نقصان العقل والدين وغيرها من الأحاديث التي تصف طبيعة المرأة وخصائصها، تحث المسلم على احترام وتكريم المرأة بينما اتخذ بعضهم من تلك الخصائص والمكونات الطبيعية لدى المرأة ذريعة للحط من قدرها.. كذلك الأحاديث الموضوعة التي اتخذوا منها ذريعة لحرمان المرأة من حقوقها السياسية والمدنية.
|
فكر
حقوق المرأة بين التعاليم والتقاليد
أخبار متعلقة