انتشار جرائم الأحداث سببها التفكك الأسري
لقاءات : ايفاق سلطان سيف : جريمة السرقة على رأس قائمة جرائم الأحداث في بلادنا وتتدرج الجرائم التي يرتكبها الأطفال من القتل إلى الإدمان، مرورًا بجرائم انتهاك الشرف، وبين هذه الجرائم جرائم أخرى كلها تنذر بكارثة تهدد مستقبل بلادنا الذي سيكون أحد هؤلاء الأحداث مشاركًا بلا شك في صنعه.، مما وتؤدي الظروف النفسية المحيطة بالحدث دورًا كبيرًا في توجيهه، إلا أن حالات التفكك الأسري ذات تأثير كبير على سلوكه، ونتائجها أوصلت الكثير من الأحداث إلى ارتكاب جرائم قد تكون جسيمة. *- الطفل / احمد صالح / 12عاما يقول : توفى والدي وتركتنا والدتي وتزوجت برجل أخر، ونحن ثلاثة أولاد وذهب كلا منا في طريق ولا احد يعرف شئ عن الأخر، وفجأة وجدت نفسي في الشارع مع مجموعة شباب نعمل في المطاعم وبالفنادق ننظف الغرف والحمامات ، ونمضغ القات ونشتنشق{ البوستيك أو الشلك } يقول: “ترتيبي في العائلة الثالث، والأصغر، ولم ألتقي بأحد من أهلي منذ فترة طويلة”. يفتخر عبد الله بأنه اعتمد على نفسه “كنت أعمل في إحد محلات التطريز مقابل تسعة آلاف ريال”. يتحدث بصراحة عن احترافه لـ”تخزين القات” و”شرب السجاير”، ويقول “أشعر بالراحة إذا شممت الشلك”. ومثل عبد الله الكثير من الأطفال الذين يسلكون سلوكا خاطئا ولا يعرفون عواقبها، بالذات أولئك الذين يدفعهم اليتم لمصارعة أوضاعا معيشية واجتماعية صعبة في عمر يحتاج فيه إلى دفء ورعاية الأسرة. [c1] في الشارع يبدأ الانحراف: [/c]سامي طفل في الحادية عشرة من عمره، قتل والده عن طريق الخطأ قبل 3 سنوات، لكنه كان أفضل حالاً من سابقه احمد ، فأمه لا تزال ترعاه، ، لكنها تؤكد أنه كان في “بداية طريق الانحراف”.فتقول أم سامي: “لاحظت عليه كثيرًا من التصرفات الغريبة، فهو أصبح يقنع بالمصروف الذي أعطيه له على غير عادته إذ كان يطلب المزيد”. وتضيف: “كان يذهب إلى أماكن غير معروفة مع أصدقاء يحرص جيدًا على عدم كشف هويتهم”.وبفضل سماع أخته التي تكبره بعامين لاسم ردده سمير في اتصال هاتفي تمكنت الأم من إنقاذ ابنها. تقول أم سامي : “الاسم كان لطفل آخر من الجيران، معروف بسلوكياته الخاطئة التي جرجر على إثرها والده إلى أقسام الشرطة أكثر من مرة”. تضيف: “لم أتخذ أي إجراء عقابي ولم أشعره بالمعلومة التي عرفتها أو حتى مجرد السؤال عن علاقته بذلك الطفل.. لقد راقبته عن قرب وبحذر شديد، حتى أصبحت مطلعة على جميع تحركاته واتصالاته، وتعرفت على جميع الأطفال الذين كان يختلط بهم، وتعاملت مع الموضوع بأسلوب وحكمة، وبفضل الله، تمكنت من إخراجه من الوسط الذي كاد يسوقه إلى الانحراف”. عبد الله الخولاني- طفل في الـ15 من عمره- ذهب إلى أحد أقسام الشرطة ليبلغ بآخرين أكبر في السن ، وفي عمر الشباب اشتبك معهم وضربوه ، يعمل منير في احد الفنادق السياحية وينام فيها لان والده ووالدته منفصلين فكان عايش مع والده فتطربه زوجته حتي لاتطعمه وذهب ليعيش مع والدته فطرده زوجها ورفض إن يعيش معهم ، وتعرفت على أولاد واصبحت امضغ القات معهم { ونتناول الحبوب } المنومة ولكنها تنشطنا إثناء القات وهي أنواع كثير مثل الرستيل ، والمجدون ، والديزبامب وغيرها الطفل / عارف حسن / يقضي ساعات طويلة” في الشارع مع أطفال الحارة، إنه في العاشرة من عمره ويهوى لعبة “كرة القدم فيقول: أحب لعبة كرة القدم في الشارع؛ لأن جدتي تمنعنا من اللعب في البيت”. كرر كثيرًا هذا الطفل اسم جدته، ولم يحضر اسم والده أو والدته، إلاّ حينما سألناه: “أمي في بيت جدي الثاني مختلفة مع أبي منذ عامين”. يتحدث بطفولة بريئة عن ترك أمه له ولأخوته “ما نفعل.. هي مصممة تسير وتتركنا”. فسألته أين تقضي كل وقتك؟ “” فيشير إلى شارع مقابل لمنزله.ويقول هناك. تقول عمة الطفل “ع. ح”: “بدأ ينخرط مع أطفال آخرين، ودخل معهم في قضايا عدوانية كان يقوم بها مع هؤلاء الأطفال”.، هناك سلوكيات خاطئة، وتصرفات توحي لي ببداية انحراف، زادت عقب خروج أمه.. لقد أصبح عنيدا جدا؛” ؛ لأنه الطفل الأكبر، وكان مدللاً، وغياب أمه أثر كثيرًا على نفسيته وعلى عدم تجاوبه مع بقية أفراد الأسرة”. [c1]اليتم والتفكك الأسري: [/c]تشير الأخصائية النفسية،/ هدية علي صالح/ ، إلى “تقسيمات وضعها الباحثون” لمعرفة الأسباب التي تدفع الحدث إلى ارتكاب جرائم.فتقول : من الأسباب المتعلقة بالحدث: “عدم إحساس الحدث بالمسؤولية والانتماء الاجتماعي، وافتقاده للطرق السليمة في التعبير عن تفسير واثبات هويته، وافتقاده أيضا لتقدير الذات واحترام الآخرين، وإصابته بمرض “دهاني” مثل القلق العصبي”. وترى أن هناك أسبابًا أخرى متعلقة بالحدث منها: “انعدام الثقافة الجنسية وضوابطها الاجتماعية من المناهج الدراسية”. وحول العوامل الخارجية والمتعلقة بالمحيط الذي يعيش فيه الحدث تقول الباحثة النفسية: “ أثبتت الدراسات أن فقدان أحد الأبوين أو كليهما ذات تأثير في تكوين شخصية الحدث، ومن تلك الدراسات دراسة نفسية “ أثبتت أن 60 في المائة من الأحداث الذين ارتكبوا جرائم فقدوا أحد الأبوين”. وتضيف : إن “هناك دراسات أخرى كثيرة لخصت نتائجها إلى أن عدم ثبات الآباء واتفاقهم على طرق التربية وطرق تعليم الأطفال يسبب تذبذبا في تأديب الطفل أو انعدام التأديب من أصله، وأن غياب القدوة الحسنة والالتزام الأخلاقي لدى الوالدين يؤدي إلى إصابة الأطفال بالأعصاب والذهان مما يسبب اضطراب السلوك لديهم”.وتشير إلى “عوامل وراثية لا يمكن إغفالها.. حيث أن النزعة العدوانية توجد لدى الفرد إذا وجدت الظروف المناسبة”. [c1]القانون اليمني والقوانين الدولية: [/c]القاضية أفراح باد ويلان- رئيس محكمة الأحداث- “ تشير إلى قانون الأحداث الذي صدر عام 1992، عقب توقيع اليمن على اتفاقية حقوق الطفل مباشرة: “بلادنا من أوائل الدول التي وقعت على الاتفاقية التي تشتمل جميع الحقوق القانونية للطفل ونتج عنها صدور أول قانون خاص بالأحداث عام 92؛ لأن من أحد التزامات الاتفاقية إنشاء نظام حماية متخصص للأحداث”. وقد عرف القانون الحدث بأنه “كل شخص يرتكب فعلا أو جرما قانونيا ما بين السابعة والخامسة عشرة يمثل أمام المحاكم المعتادة، ولكن في إطار خصوصية معيَّنة.. /من سن 16 إلى 17 سنة/ لا يوقع المشرّع اليمني العقاب على هذه الفئة، كالقتل مثلا: لا يقع القصاص على هذا السن. وتشير إلى أن المشرّع اليمني أعطى للصغار ربع المدة المقررة للكبار: “إذا كانت جريمة السرقة ثلاث سنوات، فالصغير يأخذ تسعة أشهر، وليس شرطا أن يوقع كل التسعة الأشهر”. وتضيف رئيسة محكمة الأحداث: “قضاء الأحداث يتمتع بذاتية خاصة فيما يتصل بسياسة الجزاء، الذي تبعده عن قانون العقوبات؛ لأن قانون الأحداث نهج إصلاحي قد نكتفي بالمدة، وقد نكتفي بتدابير معيَّنة”. وتؤكد أن قانون الأحداث يلزم القاضي قبل النطق بالحكم على الحدث “العودة إلى تقرير الخبير الاجتماعي الذي يقرر الحالة الاجتماعية لأجل اقتراح التدابير المناسبة”. ،”من ميزات القانون، أيضًا، أنه أعطى القاضي صلاحيات كبيرة جدا وواسعة، فإذا جاء تقرير الخبير الاجتماعي بعد مضي نصف الفترة التي قضاها الحدث في الدار يقوم القاضي بتدبير آخر قد يكون أنفع وأجدى للحدث”. وتشير القاضية إلى أن هناك مشروعًا مقدمًا لمجلس النواب من اجل رفع سن الحدث إلى 18 عامًا: “لكنه لم يحظى هذا التعديل إلى حد الآن بالتأييد من قبل مجلس النواب”وإن معظم الدول حددت “سن الحدث الأعلى 18 ض1عاما، والسن الدنيا فيه اختلاف، فاليمن حددته سبع سنوات”. وإن “المشرّع اليمني اشترط ألاَّ يقع على الحدث بين 7 و10 سنوات أي تدبير كإيداعه في السجن، حتى لو ارتكب جريمة قتل، ونكتفي بتدابير أخرى، بمعنى أن لا ينشأ له ملف جنائي، ويعامل مثله مثل المجنون أو عديم الإدراك؛ لأن الحبس أو احتجاز الأطفال له مضار كبيرة. ومن الجرائم الذي يرتكبها الأحداث هي “السرقة بدرجة أولى، و القضايا المخلة بالعرض والشرف بالدرجة الثانية، والإصابات الجسدية بالدرجة الثالثة”. “, وتقول: إن القضايا المخلة بالعرض والشرف ازدادت في السنوات الأخيرة “هناك تطور في أسلوب الجريمة بسبب الانفتاح على التكنولوجيا الحديثة كالانترنت وغيرها دون رقابة”. وتطالب باد ويلان السلطات المحلية للانتباه إلى ما يجري وما يحدث بين هذه الشريحة “لخطورة وحساسية المرحلة التي يعيشونها”. وإن ذلك “يتطلب تكاتف جهود الجميع، وبالذات الأسرة؛ لأن من الصعوبات التي يواجهها قضاء الأحداث غيابالأهل عن المحاكم، ومتابعة القضايا، ممّا يحتم على القضاء إبقاء الحدث في دور الرعاية حتى لا يجد الطفل نفسه مشردا في الشارع”.