عدن/ سحر عبد الكريم الشعبي التسول آفة اجتماعية وظاهرة مشينة نهانا الله تعالى عن الاتيان بها حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ان الله كره لكم ثلاثا ( قيل وقال واضاعة المال وكثرة السؤال ) رواه البخاري ومسلم .لقد غدت ظاهرة التسول إحدى المشاكل الاجتماعية المنتشرة في المجتمعات العربية بشكل عام ومجتمعنا اليمني بشكل خاص لكن ما يلفت الانتباه في هذه الظاهرة القديمة الجديدة دخول العديد من الاطفال والنساء هذا المجال الذي يوشك ان يتحول الى مهنة يحترفها الكثيرون ..فكثيرا نقرأ في الصحف والمجلات العربية عن إلقاء القبض على متسول يمتلك الملايين جراء التسول والتظاهرامام الناس والمارة بأنه صاحب عاهة مستديمة وكثيرا ما يستوقفنا منظر طفل يبكي يستدر عطفنا لتقديم ما يسد به جوعه. ولم يعد التسول لسد الرمق فحسب وإنما أصبح ظاهرة واحترافاً لما يدره من مداخيل في واقع تفشى فيه الفقر والبطالة والأمية. ومع اقتراب المناسبات الدينية لا يكاد زقاق أو باب مسجد يخلو من أياد تمتد تطالب الناس بالصدقة، مستخدمة عدة أساليب وعبارات للاستعطاف.“فالشحاذة”، ظاهرة مزعجة للغاية، في العديد من مجتمعاتنا ، والأكثر إزعاجا هو استغلال هؤلاء الشحاذين للدين في التأثير على الناس، وخاصة في المناسبات الدينية مثل رمضان، حيث التعبد وحرص المسلمين على التقرب إلى الله، وبسط أيديهم في الصدقات، وخاصة أن نهاية شهر رمضان يتزامن مع إخراج زكاة الفطر، فضلاً عن حرص الكثير من الأغنياء على إخراج زكواتهم -الفريضة- قبيل نهاية شهر رمضان. شحاذ ومتشرط هناك بعض الشحاذين يمدون أيديهم بوقاحة تقول الأخت سهى جلال طالبة في كلية الاداب فهناك من المتسولين من لايرضى بالقليل فعند إعطائك له القليل من المال لايرضى فيرجعها ويشتكي ان هذا المال غير كاف لشراء شيء . فيماتحكي المهندسة منال / كنت مأرة في احد الأسواق فتفاجات بإحدى المتسولات تمد يدها فعندما تأخرت في إعطائها النقود وجهت لي الشتائم التي يعجز اللسان عن ذكرها . اما والية بجاش اعلامية فتقول هناك من يكون قادر على العمل ولكن يستغل التسول لغرض كسب حطام الدنيا والتمول من أموال الناس والعجب ان ترى رجلا وشابا يافعا وهو يردد كلمات قد سئم منها الجميع اذا عكف على حفظها أياما طوال وساعات عديدة مدفوعا من قبل فئة أوجهة عاطلة إيمانها ضعيف تريد المساس بأمن المجتمع واستقراره.[c1]التسول دليل على ضعف الموارد الاقتصادية [/c] وفي حين يرى الاخصائيون ان انتشار التسول دليل على الضعف في إدارة الموارد الطبيعية والاقتصادية والبشرية في البلاد يرى المسؤولون في الحكومة الظاهرة بكونها مشكلة اجتماعية خطيرة ساهمت إلى حد كبير في تفاقم المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة ان معظم المتسولين هم من العاطلين عن العمل ناهيك عن أنهم يشكلون اليوم بيئة مناسبة لانتشار ثقافة الفقر التي تمثل عدم الاهتمام بالتعليم والصحة .و يعتبر التسول في اليمن بالنسبة للكثير من الشرائح الفقيرة في المجتمع مصدرا وحيدا للرزق خاصة في ظل المشكلات الاقتصادية الطاحنة التي يعانيها مجتمنا [c1]وانتشار معدلات الفقر والبطالة. [/c]فمن خلال التقرير الذي صدر عن التكافل الاجتماعي حصلت وكالة الانباء اليمنية سبأ على نسخه منه اوضح ان الفقر من العوامل الرئيسية التي تدفع معظم الافراد إلى التسول، تليها المشاكل الاجتماعية المترتبة بالدرجة الأولى على الزواج ,الطلاق، الإهمال، السجن , وعن المرض أو وفاة الآباء أو سوء المعاملة، إلى جانب العوامل الثقافية المتمثلة في التعود على التسول أو الانتماء إلى عائلة تحترف التسول. فقد بلغ عدد المضبوطين خلال الحملات التي قام بها مركز التكافل الاجتماعي خلال عام 2008م /536 / متسول فيما بلغ عدد المرحلين الى النيابه حسب منطقة الضبط من الاطفال الاحداث 259 منهم 126 احداث و133 من الراشدين .فيما توزعت اسباب التسول على /175/ للفقر والدخل المحدود و/78/ للعلاج و/61/ لوفاة المعيل و/58/ للتفكك الاسري و/20/ عجز و/7/ لاسباب اخرى .. مبينا انه تم ترحيل /126/ حالة حدث الى النيابة منهم تسعة وخمسون من الذكور وسبع وستون من الاناث فيما تم ترحيل /133/ حالة من الراشدين الى النيابة منهم /112/ من الاناث ..وأوضح التقرير ان هذا الترحيل جاء وفقا للقانون والنظم واللوائح التي يسير عليها المركز. فبعض هؤلاء المتسولين غير راضين عن أوضاعهم، فقد دفعتهم ظروف قاهرة لمد اليد، مما ولد لديهم الشعور بالإهانة والدونية والاستياء، أحيانا تترجم إلى سلوكيات عدوانية وانتقامية. ولذلك فإن شعور الناس تجاه المتسولين يختلف من شخص لآخر، ما بين الشفقة أو التقزز والاشمئزاز أو الضغينة والحقد.[c1] الإسلام يرفض التسول [/c]وحول هذا الموضوع يقول رجل الدين الشيخ صادق محمد العيدروس رئيس جمعية علماء اليمن فرع عدن وامام وخطيب مسجد العيدروس بمحافظة عدن الاسلام يرفض التسول؛ ولكنه افترض على الأغنياء الزكاة والصدقات، لرعاية الفقراء لقول رسولنا الكريم اكرموا السائل حتى وان اتاكم على خيل مشيراً إلى أن “الواقع المخالف للشريعة أتى بهؤلاء الذين احترفوا مهنة التسول وقد توعد الرسول من يتسول دون حاجة بنزع لحم وجهه يوم القيامة”.. مبينا ان على المسئولين العمل للحد من هذا السلوك واستدل على ذلك بموقف الفاروق عمر بن الخطاب إذا رأى متسولاً ضربه ونهاه عن هذا الفعل وعندما وجد متسولاً بأحد الأيام سأله ، لم تفعل ذلك؟ فقال له الرجل الشيبة والجزية والحاجة فعلم أنه غير مسلم فأمر بيت المال بإعطاء الرجل أموالاً بشكل دوري وإعفائه من الجزية والبحث عن امثاله والقيام بهذا الأمر حيالهم . وهذه بعض الأدلة التي تحرم التسول وسؤال الناس من غير حاجة : في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر في صحيح مسلم عنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره فيتصدق به ويستغني به عن الناس : خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه ، ذلك بأن اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول “.[c1] نبي الأمة يقدم العلاج [/c]وعن علاج ظاهرة التسول قدم نبينا الكريم حلاً لهذه الظاهرة عندما أتاه رجل من الأنصار وهو جالس بالمسجد يسأله ووجده النبي سليما معافي لا يشكو من أية علة, فقال له “أما في بيتك شيء ؟”، قال له “بلي نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب به الماء” .قال الرسول إئتني بهما فآتاه الرجل بهما وكان النبي حوله بعض الصحابة فنادى النبي عليهما من يشتري هذين؟ قال رجل أنا اشتريهما بدينار, وقال آخر أنا اشتريهما بدينارين , فباعهما النبي بدينارين وأعطاهما للسائل قائلاً”خذ هذين الدينارين أشتر بأحدهما طعاماًً وانبذه لأهلك واشتر بالآخر قدوماً وأئتني به”، وأتي السائل بالقدوم للنبي فركب له عوداً وقال له أذهب واحتطب , وأطاع السائل رسولنا الكريم واحتطب فحصل على عشرة دراهم اشتري ببعضها ثوباً وبالآخر طعاماً .فقال له رسول الله هذا خير لك من أن تسأل فيعطيك هذا ويمنعك هذا وتجئ المسألة نقطة سوداء في وجهك يوم القيامة.التسول .. انحطاط في الأخلاق اوضحت الاخصائية النفسية الاكلينكية /شفيقة علي نعمان عبدالرب بمستشفى الامراض النفسية والعصبية ورئيسة جمعية المرأة للتوعية الصحية والارشاد والتثقيف بعـدن ان التسول ظاهرة كثر فيها الجدل عند الكثيرين وايقظت الغيرة عند الغيورين فلا يكاد الناس يصلون في المساجد الا وايدي المتسولين تطاردهم في بيوت الله حيث وان المساجد ليست بمكان لكسب المال او سبل الارتزاق لجمع حطام الدنيا .. ويقول المولى عزوجل: (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال ) مبينه الأثار النفسية التي تترتب عليها هذه الظاهرة من انحطاط نفس المتسول وحضارته وضعف دينه وعقيدته وانه يورث انحطاطا في الاخلاق والقيم وانتزاع البركة من المال وبالتالي يودي الى عدم اجابة الدعاء كما تظهر بشاعة التسول واضراره على الفرد والمجتمع من حيث انه يؤدي الى موت الهمم ودفن النبوغ والابداع والتطور فيكون سببا ومظهراً من مظاهر تخلف المجتمع. فالمتسول يظلم نفسه اذا استمر في التسول فإنه اراق ماء وجهه وذل لغير خالقه وانزل نفسه ادنى المنزلتين ورضي لها بأخس الحالتين ورضى بإسقاط شرف نفسه وعزة تعففه وراحة قناعته وباع صبره ورضاه وتوكل وقناعته بما قسم له واستغنائه عن الناس وإذا وضعها في غير موضعها فصغرها وحقرها ورضى ان تكون نفسة تحت نفس المسؤل ويده تحت يده.منوهه ، ان دور الحكومة يتبلور في الجانب التشريعي وذلك بسن القوانين لغرض التصدي والمكافحة لهذه الظاهره من خلال خلق فرص العمل للعاطلين والاعفاء من الضرائب لفترة زمنية محدودة من اجل تمكينهم من تنفيذ المشاريع المرة للدخل والنهوض بها ، بالاضافة الى تقديم بعض التسهيلات لغرض تشجيعهم على تحقيق النجاح والاستمرار حتى يضمن هؤلاء الافراد العاطلين لقمة العيش الكريمة ومن اجل التثقيف وعزة وكرامة النفس البشرية التي قد كرمها الخالق العظيم جل في عٌلاه ويقول الرسول صلى الله علية وسلم “ من سأل وعنده مايعينه فأنما يستكثر من جمرجهنم “ وقالوا يارسول الله وما الغني الذي لاينبغي معة المسألة قال “ قدر ما يغديه ويعيشه “ رواه ابوداود والامام احمد.. لافتة إلى أن دور الشؤون الاجتماعية يكمن في تفعيل دور جمعيات المجتمع المدني الخيري وذلك من خلال تقديم المساعدة للاسر الفقيرة من كافة الجوانب متمثلة بالتوعية الشاملة دينياً واجتماعيا وأن توضح لهم بأن ظاهرة التسول وخاصة في بيوت الله حرام حيث اتفق علماء الاسلام على ذلك اي ان التسول حرام لغير ضرورة ولايجوز إعطاء المتسولين في المساجد لان فيه تشجيع لاستمرارهم في هذا المسلك القبيح وفية تعطيل للطاقات البشرية عن المكسب المشروع، ويعتمد التحريم على الادلة والنصوص الشرعية من الكتاب والسنة بالاضافة الى توعية الافراد العاطلين على كيفية الاعتماد على النفس والسعي لكسب المال المشروع وإشراك القطاع الخاص لتقديم بعض التسهيلات ودعمهم كل حسب قدرته وامكانياته اذ تعتبر تلك المساعدات كبدائل ينبغي بذل الجهود من اجل تحقيقها لغرض القضاء على ظاهرة التسول.وفي الاخير لا بد أن نجد حلاً لهذه الظاهره المورقه بالتعاون مع الحكومة والجهات المختصة وستبقى اليمن عزيزة ورائدة في مجال الحضارة والفكر والأدب بتضافر جهود الحكومة مع الشعب.
|
اتجاهات
التسول..انحطاط في الأخلاق و مهنة يحترفها الكثيرون
أخبار متعلقة