شجرة دم الاخوين
عبدالقوي الأشول حين كنت أتجول في نواحي سقطرى الجزيرة العملاقة الخلابة والطبيعة البكر بكل ماحباها الخالق من جمال لم أجد على صدرها مايوحي يمثل هذه التجهيزات رغم أعداد السواح الاجانب التي تصادفهم في أنحاء الجزيرة .رغم إن جزيرة سقطرى أقدر على استيعاب منتجعات سياحية في نواحيها المختلفة خصوصاً تلك المناطق المعروفة بطقسها الجميل ومياهها العذبة ونباتاتها المتنوعة .جزيرة بحجم الأرخبيل السقطري مدهشة ملهمة في تكوينها بين شواطئ رملية وامتدادات المياه الزرقاء شديدة النقاء .وسفوح جبلية هي بين السهل والجبل .. الشاطئ والارتفاعات المحاذية التي تقودك دروبها الى مرتفعات جبلية وعرة المسالك شعاب وأودية خصبة يمكنها أن تجود بأنواع الخضروات والفواكه وبالمناسبة .. بعض التجارب الزراعية أظهرت نتائج مدهشة في سقطرى نظراً لطبيعة التربة الحمراء الغنية التي تتميز بها أرض الجزيرة التي تبدو بفراداتها اسطورة إلاهيه خص بها الخالق سقطرى دون غيرها .. كيف لا وهي الارض المباركة وفق الديانات القديمة لما عرف عنها من انتاج المر واللبان والبخور الذي ظل يستخدم على نطاق واسع في أديرة المعابد والكنائس .. كما هو حاضر اليوم .في تمائم التعاويذ والشعوذات والاعتقادات التي مازالت تسكن عقول ابناء الجزيرة .. إذ تهدأ هواجس المس الشيطاني والاعتلال الجسدي لديهم .. بتلك الاكاسير المستمدة من رموزهم إحداها شجرة دم الاخوين ونباتات الجزيرة الاخرى .. ونبع الماء المنبثق من عيون الارض المسكونة بطبيعتها الربانية الاولى وبفطرة الانسان مع محيطه الجغرافي الاخاذ .حسناء ملهمة وتغريدة زمنية لاتضاهي .. لكنها لم تحظى بالاهتمام مازالت محطتها بعيدة عن أمواج السياح وعشاق الطبيعة ممن يودون قضاء اوقاتهم بين ظلال الشجر وفي الغيوم العابرة المستعرضة بزياراتها تلك لنباتات الاسطورة السقطرية هنا يمكنك قضاء أمتع وأعذب اللحظات واستعادة صورة أمنا الارض قبل إن يغض الانسان العابث بكارتها ويعبث بجمالها ويسيء الى سحرها الرباني بكل ماحباها الله من تنوع واعجاز .[c1]سماء وماء .. وهضبة جبال تكلل عقدها [/c]حقاً أنت بين السماء والماء عندما تكون مشاهداتك الاولى لارخبيلها .. سماء تحوم في أفقه نوارس سقطرية يبدو فيها طير الرخام الابيض وكأنه ملك تلك الطيور التي تعلن باصواتها المتداخلة عن صفاء هذه البقعة الجغرافية من الارض .. سماء صافية ومياه شديدة النقاء بلورية تحاذيها نتواءات صخرية حيناً .. ورمال شاطئيه أحياناً أخرى .. صخور توحي بمظهرها الذي تبدو غبرية اللون وكأنها أستمدت لونها هذا من افرازات صوت العنبر الذي كثيراً ما يصادف الاهالي مخلفات كنوزه على صدر تلك الشواطئ الخلابة عطاء البحر وفير الى درجة يمكنها أن تغطي احتياجات هؤلاء لو أحسن استغلال هذه الثروة ونظم نشاط الصيادين السقطريين وأوجدت أسواق لتصريف منتجهم اليومي .. وفرت الحماية الحقيقية لهذه الثروة من العبث .. أحلام يمكن تحقيقها لتبعث تحولاً ملموساً في حياة هؤلاء وحبذا لو أن تشجيع العمل في مهنة الاصطياد يأتي على حساب مهنة الرعي أو تربية الماشية لما اصبحت تشكل خطراً على البيئة إذ حذرت العديد من الدراسات من خطر الرعي الجائر على نباتات الجزيرة بل دعت صراحة الى تقليص تربية الماشية حتى لايضر الرعي الجائر وتكاثر الماشية بنباتات الجزيرة الفريدة .[c1]حيوانات سقطرى [/c]الغريب إن تلك البيئة إحتفظت بخصائصها بمعنى أن الحيوانات التي وجدت منذ تكوينها هي ذاتها .. لم يحدث إن دخلت عليها أنواع أخرى إلاّ فيما ندر فأنت لاتسمع عواء الكلاب في أي من أجزاء الجزيرة ولاترى قوارض الارانب التي لو وجدت لوسعت جمال الارض بتكاثرها السريع ، وهو مايدعو للمحافظة على مميزات كهذه وتشديد منافذ الرقابة مينائها البحري والجوي بعدم إدخال حيوانات جديدة الى الجزيرة حتى لاتنقلب هذه المعادلة التي ميزتها منذ الآف السنين .أما المفلت للنظر وربما ما يبعث الامل المحافظة على الطبيعة السقطرية هي تلك الجهود المبذولة والحس لدى سكان الجزيرة وربما هي الغيرة على مكونات أرضهم التي عشقوها وادمنوا العيش في ربوعها وخبروا تقلبات طقسها واحشاء مدها الازرق فعند زيارتنا لمركز حماية البيئة السقطرية في عاصمتها حديبو .. شاهدنا تعامل عدداً من ابناء الجزيرة مع أجهزة الكمبيوتر بعد أن تلقو معارف عملهم من قبل بعض الهيئات العاملة في سقطرى ..حيث قالت لنا الحسناء العراقية الاصل القادمة الى سقطرى عبر إحدى الهيئات الاوروبية المهتمة بالبيئة أن العمل مع سكان كهؤلاء يحفزنا على البقاء وبذل مزيداً من الجهد حفاظاً على كنوز الجزيرة في حين اعتبرت صديقتها الشابة الالمانية التي زودتنا بـ "سيدي صور عن الجزيرة" أنها تشعر بمساحة من الصفاء الذي يعنيها على إنجاز ماتود كتابته عن سقطرى .