«د. ناصر محمد ناصر» ترى ما مدى مصداقية مطالبة رأس الإصلاح بإصلاح النظام السياسي؟ وهل هو بعيد عن السفه الذي اتهمت به قيادات الحزب الحاكم أم أنه واحد منهم؟ ألا يفترض أن يبدأ الإنسان بإصلاح ذاته قبل مطالبته بإصلاح الآخرين؟ وكيف يمكن أن تتفق دعاوى الإصلاح مع حصول نجله على مليوني دولار من أرض قام ببيعها في مدينة المكلا سبق أن حصل عليها كمنحة من النظام؟ ألا يفترض أن يبنى على تلك الأرض مجمع سكني أو مصنع أو مؤسسة إنتاجية يعتاش منها العاطلون والمعدمون والبؤساء من أبناء المكلا؟ وكيف سيقوى الرجل في حالة وصول حزبه إلى السلطة على محاربة السفه الموجود في مؤسسات الدولة، في حين أنه لا يقوى على محاربة السفه الموجود في داخل حزبه؟ لماذا لم يقدم الرجل على الضرب على يد نجله ويحول بينه وبين الحصول على أرض لا يستحقها، لا سيما وهو يعلم أن الهدف من منحه إياها هو تحويل الابن إلى ورقة ضغط ومساومة في يد المركز؟ ألا تدفعنا هذه الواقعة بالذات إلى وضع علامة استفهام حول حجم ومصادر ومشروعية ثروة رجل يجيز لنجله أن يحصل على مليوني دولار دون أن يبذل أي جهد أو يدفع أي مقابل؟ وما حكم هذا الكسب في إطار المبادئ والقيم والشعارات الدينية التي يصدع بها في وجوه الآخرين؟ ألا تفسر لنا هذه الواقعة حرص الرجل على المشاركة في العملية الانتخابية القادمة رغم علمه بأن المقاطعة باتت خياراً وحيداً لا سيما في حالة ميل غالبية المحافظات الجنوبية للمقاطعة؟ أليست المصلحة الذاتية وحدها للرجل الذي يتصدر قيادة أكبر حزب معارض تملي عليه أن يضفي المشروعية بالمشاركة على النظام الذي تمطر سماؤه ملايين الدولارات عليه وعلى أنجاله؟ [c1]كلمة أخيرة[/c]هل المرء مجبر على التعامل بشكل لائق مع من وضعوا أنفسهم في مكان غير لائق؟، لو رأيت لصاً يعطي دروسا ًومحاضرات عن الأمانة والنزاهة والأخلاق والقيم، هل ترك لك هذا الشخص من خيار آخر سوى أن تبتسم من هذا السلوك؟ وبالمثل إذا رأيت شخصاً أو أشخاص يملؤون الدنيا ضجيجاً بحديثهم عن الأممية والإنسانية والعالمية والثقافة الكونية وقيم العصر، وفجأة يحدثونك عن القروية والمناطقية والخصوصية والفروقات بين بني البشر وبين أبناء الوطن الواحد، ألا ترون في سلوك هؤلاء ما يبعث على الضحك والسخرية؟ هل بوسع المرء حينئذٍ إلا أن يحتقر هؤلاء ويزدريهم؟ وهل تركوا لك من خيار غير هذا؟ أليس هذا هو الوضع الطبيعي الذي موضعوا أنفسهم فيه؟ وهل بوسع المرء أن يتنكر لتاريخه وينقلب عليه ويتحول من النقيض إلى النقيض ويظل في نفس الوقت محتفظاً بمكانته في أعين الناس؟ ألا ترى أن من المستغرب ومن غير الطبيعي والمنطقي أن يطالبك البعض بأن تحفظ لهم مكانتهم؟ فكيف لك أن تحتفظ لهم بمكانة أضاعوها وأعادوا موضعتها في الحضيض؟ أليس المطلوب من هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم وأن يراجعوا مواقفهم وأن يعيدوا الاعتبار لأنفسهم قبل أن يطالبوا الآخرين بإلباسهم ثوباً فضفاضاً هم أقل من أن يملؤوه؟ [c1]-------------------------* عن / صحيفة ( الوسط )[/c]
صحيفة (14 أكتو بر) يو م الأربعاء الموافق 22 أغسطس 2007 ، العدد (13856)