ليس من عادتي أنظر للناس طويلاً ولست من ذلك النوع من البشر الذي يهتم بملامح وتصرفات الاخرين .. ولكنني أسافر كثيراً في ملامح من أحب ولايفيني أبداً أن أرصد عدد الاسراب من الطيور حولي ولكنني يمكن ان أكون سعيدة بطائر واحد يشعرني بالدفء والأمن والحياة .وفي الاسبوع الماضي جلست على احد الشواطىء ووجدت نفسي مشدودة إلى أن ارصد ظاهرة غريبة فكنت اتابع وجوه القادمين إلى الشاطىء ممن جلسوا عليه وممن استراحوا على دفء المياه الزرقاء لفت نظري شيء غريب أن هناك نسبة كبيرة وكبيرة جداً من الرجال الكبار والكبار جداً في السن متزوجون من فتيات صغيرات جداً والبعض منهن في بداية العشرينات وقلت لنفسي ربما كانت حالات فرديةولكن بعد أيام اكتشفت انها تمثل ظاهرة وفي الجانب الاخر لفت نظري أمهات كبيرات في السن يجلسن مع شباب في اعمار ابنائهن .. وسألت نفسي لماذا اختلت العلاقات بين الناس ؟ وما الذي يجع فتاة صغيرة في العشرين من عمرها تعيش ربيع أيامها وتتزوج كهلاً في السبعين يعيش خريف أيامه ؟وما الذي يجعل شاباً صغيراً في العشرينات يتزوج عجوزاً شمطاء في عمر أمه ؟قلت لنفسي انه الحب وكانت الاجابة ان الحب يحتاج إلى نوع من التكافؤ في العمر والظروف والفكر والثقافة .. لا أتصور صاحب فكر يحب امرأة جاهلة اننا قد نتغاضى في العلاقات الانسانية عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية ولكن ما الذي يجعل فتاة صغيرة تحب كهلاً عجوزاً ؟!ّوكان الرد الحاسم انه المال هذا الشبح المخيف الذي يجعل الناس تقلب موازين العمر والاشياء .. ان ابنة العشرين التي تزوجت رجلاً في عمر ابيها تريد بيتاً مستقراً وحياة سعيدة ورجلاً يوفر لها مطالبها الكثيرة ولن تجد ذلك مع شاب صغير كما انها تريد الاشياء جاهزة وليس لديها استعداد أن تشارك شخصاً اخر رحلة تعب وشقاء حتى تصل السفينة إلى بر الأمان انها تريد كل شيء في صفقة واحدة .وإذا سألتها واين الحب ؟ سوف تقول لك ماذا فعل الاخرون بهذا الحب فصديقتي فلانة انتظرت زميلاً كان يدرس معها في الجامعة خمس سنوات ثم افترقا .وجارتي فلانة أحببت من طفولتها جارها الذي سافر في رحلة عمل وتزوج أجنبية ولم يعد وابنة خالتي فلانة مازالت تجمع راتبها مع راتب زوجها ووصل الاثنان إلى سن اليأس ولم يوفر ثمن الشقة .. ولهذا يجب ان نختصر الطريق .هذا الزوج العجوز يوفر لي اشياء لن يوفرها شاب صغير أحبه ويحبني وماذا سأفعل بالحب في زماننا .. ان هذا الحب لن يوفر لي حياة كريمة اريدها ولكن زوجي العجوز قادر على ان يوفر لي كل ما اطلبه ابتداء بأغلى الفنادق وانتهاء بالمجوهرات والثياب والشكل الاجتماعي والرصيد الكبير في البنك .وفي جانب آخر يذهب الشاب الصغير ويتزوج ارملة أو امرأة مطلقة في عمر أمه ومعها لن تكون هناك مشاكل مادية أنها توفر له كل مايريده ولا مانع ابداً ان يحب فتاة صغيرة في عمره بجانب زوجته العجوز !!ومابين لقاءات الخريف والربيع تدور أسئلة كثيرة عن الحب والمال والظروف وكيف ان الناس خلطت الاوراق وان الحب الطائر الجميل الرقيق هو أول وأخر الضحايا في هذه المأساة ولهذا يصبح الحديث عن الحب شيئاً من الرفاهية والرومانسية التي كثيراً ما تتهم أصحابها بالجنون هذا زمن الفصل الواحد الذي يسمى المال وعلى بقية الفصول ان تخضع تحت اقدامه صاغرة لانه صاحب القرار .
عندما يلتقي الربيع والخريف !
أخبار متعلقة