أ.مشارك د.محمد عبده هادي / جامعة عدن :[c1] توطئة:[/c]نحاول من خلال هذه الورقة المتواضعة- مفهوم ومقومات الحكم المحلي من منظور التعديلات الدستورية استيعاب الواقع وتحولات العصر والمكرسة لمبادرة فخامة الأخ/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية ان نقدم قراءة متأنية لمضمون المبادرة، ونركز تحديداً على جانبين مهمين يجمعهما رابط يندرج في سياق نظام الحكم- أي الانتقال من نظام الحكم المختلط إلى النظام الرئاسي، ومن السلطة المحلية الى الحكم المحلي واسع الصلاحيات.وقدمنا إضاءة لصورة نظام الحكم الرئاسي بوصفه احد أشكال الأنظمة السياسية الدستورية في البلدان الديمقراطية الحديثة، وله الكثير من المزايا في مضمار التعزيز المستمر لمبادئ وقواعد وآليات الديمقراطية السياسية.وفي الجانب الآخر من الورقة تعاطينا مع موضوع الديمقراطية وآثرها في تعزيز المشاركة الشعبية الواسعة من خلال الانتخابات النيابية" التي شهدتها البلاد في أعوام 2003.97.93 والرئاسية وآخرها انتخابات سبتمبر 2006م وما شكلته من نموذج رائع في مجرى الممارسة الديمقراطية وانتخابات السلطة المحلية في المحافظات والمديريات، هذه التجربة التي أضافت بعداً مهماً وعمقت من التفاعل الشعبي الايجابي ومضمون الحكم المحلي واسع الصلاحيات المطروح ضمن المبادرة الرئاسية سيشكل نموذجاً متقدماً يلبي آمال وطموحات اليمنيين في بناء دولتهم الحديثة دولة المؤسسات والقانون.فالورقة في مضمونها محاولة عملية جادة في وضع الأفكار والآراء والمقترحات كمساهمة متواضعة لاغناء وإثراء المبادرة إلى جانب الأوراق والدراسات والبحوث الأخرى المشاركة في الندوة.[c1]* ملخص الدراسة:[/c]تنقسم الدراسة الى جزئين: الجزء الأول: بعنوان قراءة متأنية في مبادرة فخامة الأخ الرئيس علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية بهدف تطوير النظام السياسي الديمقراطي، وفي هذا الجانب تم تناول النظام الرئاسي كأحد أشكال الأنظمة السياسية الدستورية ومقارنته مع النظامين البرلماني والمختلط، ولمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وفوائد النظام الرئاسي، والجزء الثاني: تناول المفهوم الشامل للديمقراطية وعلاقتها بالسلطة والمعرفة، وجهود الدولة ومؤسساتها في تعزيز السلطة المحلية- الحكم المحلي في التعديلات الدستورية المقبلة ومقومات الحكم المحلي من منظور التعديلات الدستورية مع الإشارة إلى مراحل تطور أدوات وآليات الحكم المحلي من خلال ماشهدته البلاد من انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة في محافظات ومديريات الجمهورية.[c1] * مشكلة الدراسة:[/c]التعمق في مبادرة فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية وما تضمنته من نقاط أبرزها الانتقال من النظام المختلط الى النظام الرئاسي الكامل، ومن السلطة المحلية الى الحكم المحلي واسع الصلاحيات، بنوع من المقارنات العلمية لجوهر ومضمون هذه التعديلات الدستورية المقترحة وإبداء الآراء والمقترحات لإغنائها وإثرائها.[c1]* منهجية الدراسة:[/c]هذه الدراسة تحليلية، تستند الى القراءة الموضوعية لحيثياتها وللتطور التاريخي للنظام السياسي القائم(المختلط) ولمزايا الانتقال لنظام سياسي آخر (النظام الرئاسي) واستخدام المقارنات العلمية بهدف الوصول الى استنتاجات موضوعية.[c1]* هدف الدراسة:[/c]تهدف هذه الدراسة إلى إغناء وإثراء مبادرة فخامة الأخ/ الرئيس للتعديلات الدستورية.[c1] الفصل الأول[/c]* قراءة متأنية في مبادرة الأخ- علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية لتطوير النظام السياسي للبلاد.[c1]1- المبادرة وحيثياتها[/c]أعلن فخامة الأخ/ علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية عن مبادرة للتعديلات الدستورية بهدف تطوير النظام السياسي في البلاد. ونقاط هذه المبادرة التي طرحت للحوار والنقاش وإبداء الآراء والمقترحات حولها من قبل الأحزاب والتنظيمات ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات المختلفة والجامعات مراكز البحوث والدراسات والأساتذة والباحثين والمفكرين وغيرهم. وندوة جامعة عدن هذه تحت عنوان التعديلات الدستورية: استيعاب الواقع وتحولات العصر والدراسات والأبحاث المقدمة للندوة تأتي كمساهمة علمية فاعلة لإبداء الآراء والملاحظات والإسهام في وضع المقترحات العلمية بهدف إغنائها وإثرائها.والمبادرة قد تناولت:-النظام السياسي للحكم يكون رئاسياً كاملاً.-مدة رئاسة الجمهورية خمس سنوات.-تتكون السلطة التشريعية من غرفتين تشريعيتين هما مجلس النواب ومجلس الشورى.-انتخاب مجلس النواب كل أربع سنوات.-انتخاب مجلس الشورى كل أربع سنوات.-يستبدل مسمى السلطة المحلية إلى الحكم المحلي.. ويكون رئيس الحكم المحلي منتخباً من هيئة الناخبين وفقاً للقانون ويكون لمجلس الحكم المحلي صلاحيات يحددها القانون ويصدر قرار من رئيس الجمهورية لكونها صدرت من إرادة وطنية حرة ومستقلة بعيداً عن الاملاءات والتأثيرات وهي في الأساس تهدف في المقام الأول إلى تحقيق الصلة العليا للشعب والوطن.-المبادرة تستهدف إجراء تغييرات جوهرية في النظام السياسي للجمهورية اليمنية ليصبح رئاسياً وإنشاء برلمان بنظام الغرفتين التشريعيتين وهذا التعديل يرمي إلى توسيع قاعدة المشاركة في اتخاذ القرار ويضمن أداء تشريعياً على مستوى مقدم من الفعالية والكفاءة العالية- وتغيير جوهري آخر يتعلق بنظام السلطة المحلية ليصبح نظاماً خاصاً بالحكم المحلي بصلاحيات أوسع في الجانبين الإداري والمالي.-المبادرة تمثل حدثا نوعيا وايجابياً سيكون لها مردود ايجابي ومؤثر في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وستعزز من التجربة الديمقراطية في اليمن وستتيح فرصة مشاركة أوسع في اتخاذ القرارات.-والمبادرة كمشروع وطني لتطوير النظام السياسي الديمقراطي يحمل معه الطموحات والحلول ضمانا لمستقبل الوطن وأجياله كون المحرك الرئيس للمبادرة هي (الديمقراطية) ضمان التداول السلمي للسلطة.[c1]2-1 النظام السياسي للحكم رئاسياً:[/c]نتناول في سياق هذه الورقة ماهية النظام الرئاسي للحكم في اليمن لمبادرة فخامة الأخ/ علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية التي أعلن عنها خلال شهر رمضان المنصرم في إطار الحوار الديمقراطي الذي دعا إليه بمشاركة الأحزاب والتنظيمات السياسية بهدف إجراء إصلاح سياسي جاد يتناول جوانب دستورية عديدة وخاصة الانتقال الى النظام الرئاسي الكامل.كما هو معروف فان النظام السياسي القائم هو نظام مؤسس على الخلط بين النظامين البرلماني والرئاسي- بمعنى انه يقوم على حكومة تمارس مهام السلطة التنفيذية إلى جانب رئيس الجمهورية، والحكومة مسؤولة في أعمالها وبرنامجها الحكومي أمام البرلمان وأمام رئيس الجمهورية، كما ان البرلمان يقوم بوظيفته التشريعية والرقابية على أعمال السلطة التنفيذية، هذا التعامل يتم عمليا وفي ظل انعدام نص في الدستور صراحة على الآخذ بمبدأ الفصل بين السلطات."النظام الرئاسي هو احد أشكال الأنظمة السياسية الدستورية في البلدان الديمقراطية الحديثة التي تعرف اشكالاً ثلاثة من الأنظمة السياسية الدستورية وهي:1.النظام الرئاسي، نموذجه الرئيسي نظام الولايات المتحدة الأمريكية.2.النظام البرلماني، ونموذجه الرئيسي نظام المملكة المتحدة-بريطانيا.3.النظام المختلط، أي ذلك النظام الذي يجمع بين ملامح النظام البرلماني وملامح النظام الرئاسي ونموذجه الرئيسي نظام الجمهورية الفرنسية.وجميع هذه الأنظمة هي أنظمة حكم ديمقراطية تأخذ بجميع مبادئ وقواعد وآليات الديمقراطية السياسية والمتعارف عليها عند جميع الشعوب مثل مبادئ الشرعية الدستورية وسيادة الشعب بوصفة مصدر السلطات وحكم القانون، والفصل بين السلطات، وآليات الانتخابات والاستفتاء والتعددية الحزبية وحرية الصحافة وحقوق الإنسان.والفرق بين هذه الأنظمة فقط يكمن في كيفية تنظيم العلاقات والصلاحيات والمسؤوليات بين السلطات الدولة الثلاث التشريعية، التنفيذية والقضائية، وموقع رئيس الدولة وعلاقته الدستورية مع هذه السلطات"(1).فالانتقال من نظام دستوري إلى آخر، كالانتقال من البرلمان إلى الرئاسي أو العكس أو من المختلط إلى آخر وهكذا- هذه عملية لا تتم بصورة عشوائية أو بطريقة انتقائية، فهي تتأثر بعوامل موضوعية واهم هذه العوامل:-المحافظة على تعزيز مبادئ وقواعد وآليات الديمقراطية السياسية، والحرص على أن لا تتأثر هذه المبادئ بفعل الانتقال من نظام إلى آخر.-تفعيل أوسع لمؤسسات الدولة الحديثة وهيئاتها الدستورية.-تعزيز وتحسين بنية الدولة لخدمة المواطنين ورفع مستوى حياتهم ومعيشتهم.-مراعاة ان يتم الانتقال بواسطة الهيئات الدستورية القائمة وبحسب النصوص الدستورية النافذة، بل وعبر الاستفتاء الشعبي العام.إذا كان ضرورياً.-عند الانتقال إلى نظام ينبغي أن يرى في ذلك خصوصية التجربة ومستوى التطور الراهن.-مراعاة تقاليد المجتمع وعلاقته بسلطات الدولة، وموقع ومسؤولية وأهمية الرجل الأول فيها، حيث نجد هنا أهم مبررات الانتقال إلى النظام الرئاسي الكامل.فالانتقال إلى النظام الرئاسي كما هو مطروح يحتاج إلى تعديل في دستور الجمهورية اليمنية يتضمن الآتي:1-النص يشير بوضوح إلى الآخذ بمبدأ الفصل بين السلطات واعتماده اساساً لتنظيم سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وكذلك اساساً يستند إليه الدستور في تنظيم علاقات التعاون والتكامل بين السلطات، وهو مالم يكن منصوصاً عليه في الدستور النافذ وان كان العمل والتقاليد الدستورية تسير غالباً بموجبه.2-استبعاد مجلس الوزراء من بين الهيئات الدستورية الحالية ، والنص على إناطة السلطة التنفيذية برئيس الجمهورية الذي يتولى اختيار الوزراء وكبار مساعديه ويشرف على أعمالهم ويتولى مراقبتهم محاسبتهم مع ضرورة عرض هؤلاء على البرلمان عند تعيينهم للمرة الأولى.3-ضرورة الإشارة في النص الدستوري الى وجود بديل لمجلس الوزراء ويتمثل في جهاز تنفيذي كفء يتبع رئيس الجمهورية ويتملك القدرة على تنفيذ المهام وبالكفاءة المطلوبة.4-ضرورة النص الدستوري على ان اختيار رئيس الجمهورية نائبه ويعلنه عند إعلان ترشحه لمنصب الرئيس، وبذلك يتم انتخاب الرئيس ومعه نائبه وبذلك يصبح نائب الرئيس ومهامه جزءاً اساسياً من مؤسسة الرئاسة ومهامها الدستورية.5-زيادة مهام وصلاحيات ومسؤوليات رئيس الجمهورية كما هو قائم حالياً بحيث يصح هو ومعه جهازه التنفيذي على دراية واطلاع بكل مايدور في هيئات ومؤسسات وأجهزة الدولة، الأمر الذي يمكنه من اتخاذ ما يلزم من إجراءات ومعالجات فورية ومباشرة وفقاً للقوانين النافذة.6-النص على إلغاء حق رئيس الجمهورية في حل مجلس النواب وكذلك إلغاء حق البرلمان في جلب الثقة أو سحبها من الحكومة وكذلك إلغاء صلاحية البرلمان في إقرار السياسة العامة للدولة.7-إعادة تنظيم مسألة استقالة رئيس الجمهورية وتنظيم عملية انتقال السلطة بعد الانتخابات الرئاسية بحيث ينص على جواز أن يقدم رئيس الجمهورية استقالته ولكن ليس إلى البرلمان كما هو حالياً وإنما إلى الشعب بإعلان عام، وكذالك النص في دستور الأول مرة على كيفية انتقال السلطة إلى الرئيس الجديد. بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية وذلك تحديد نوعية الإجراءات اللازمة لتنظيم عملية الانتقال.8-الإبقاء على كافة على النصوص الدستورية المتعلقة بالديمقراطية والتعددية الحزبية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة الواردة في الدستور.الى جانب ما يتمتع به النظام الرئاسي من مزايا معروفة لدى الباحثين والمهتمين بشؤون الأنظمة السياسية والدستورية وأنظمة الحكم الديمقراطية، فان النظام الرئاسي في مشروع التعديل الدستوري الجديد يتميز بمزايا إضافية أهمها مايأتي:-ان هذا النظام يأتي مراعياً لخصوصياتنا الوطنية كدولة وكمجتمع، وليس مجرد نقل آلي لتجارب الآخرين . فمن المعروف ان تجارب الحكم في اليمن وما تركته من تراث وماتعود عليه الناس من التقاليد في العلاقة بين المواطن والحاكم إنما تؤدي إلى اعتبار الرجل الأول في الدولة مسؤولاً عن كل شيء يخص شؤون الحكم، دونما اعتبار لمستويات المسؤولية في تراتبية هيكل الدولة وهيئاتها، ولذا فان طبيعة النظام الرئاسي بكل ماتتضمنه من إناطة أهم واكبر المسؤوليات برئيس الدولة الذي هو رئيس السلطة التنفيذية تأتي منسجمة مع ماتمت الإشارة إليه من تراث وتقاليد.-كما ان هذه النظام بكل مايترتب عليه من إعادة تنظيم لهيكلة السلطة التنفيذية من شأنه ان يؤدي عملياً إلى وحدة الإرادة والقرار وفي المهام التنفيذية العاجلة منها والآجلة، وهو ما نفتقده الآن ونعاني من غيابه، وما نتج عن ذلك من تداخل في المهام واختلاط في المسؤوليات وتعثر هنا او إخفاق وتقصير هناك.. ان وحدة الإرادة ووحدة القرار في الأمور التنفيذية ستؤدي دون شك الى تنفيذ أفضل لمشاريع التنمية، والى ضبط أدق الإجراءات المعاملات اليومية في كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها والخدمية منها على وجه الخصوص، وسيكون لذلك كله دون ريب اثر ايجابي لدى عامة الناس على صعيد الحياة اليومية وعلى صعيد تقوية علاقة المواطنين بالدولة.-ان تطبيق هذا النظام وبما يتضمنه من وحدة الإرادة ووحدة القرار على الصعيد التنفيذي يصبح أكثر إلحاحاً بالنظر إلى الأوضاع الراهنة، وما هو متوقع في المدى الزمني المنظور من اتساع حجم ونوعية المهام المنتصبة أمام الدولة والمجتمع في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والادارية وعلى صعيد البناء المؤسسي للدولة الحديثة ومؤسساتها ومن تزايد في الأعباء والحاجات الملحة التي تفرضها الحياة ومجرياتها اليومية مع ماهو جارٍ من شحه في الموارد والإمكانيات المادية والبشرية.. ان مواجهة كل ذلك يتطلب فعلاً دوراً استثنائياً لقيادة البلاد السياسية تمكن رئيس الدولة من الاضطلاع بمواجهة تلك الأعباء والمسؤوليات.-ولاشك ان مايعزز عملية الانتقال إلى النظام الرئاسي الكامل هو ما يتوافق معه من تعزيز وتكريس المنجزات الديمقراطية وقيمها الجديدة ويحول دون التراجع عنها او الانتقاص منها. ولا يخفى على احد ان كل هذه المنظومة من الإصلاحات السياسية والدستورية والقانونية والإدارية إنما تأتي في هذا الوقت بالذات تنفيذاً للبرنامج الانتخابي للرئيس علي عبدا لله صالح وبعد عام واحد من النجاح الكبير الذي احرزه الرئيس وبرنامجه في الانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت في العشرين من سبتمبر 2006م.ولتأكيد ارتباط هذه الإصلاحات وطابعها الديمقراطي نقتبس هنا ما جاء في البرنامج الانتخابي بشأن بعض جوانب التعديل الدستوري:وأساسها ترسيخ النهج الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة من خلال:-تعزيز العمل بمبدأ الفصل بين السلطات باعتباره اساساً في تنظيم العلاقات وممارسة السلطات والصلاحيات.-العمل على إجراء بعض التعديلات الدستورية والضرورية بهدف المزيد من تعزيز النهج الديمقراطي التعددي في بلادنا، ومنها تحديد مدة رئيس الجمهورية بخمس سنوات، بدلاً من سبع سنوات وتشكيل السلطة التشريعية من غرفتين بحيث يكون مجلس الشورى في غرفة ثانية إلى جانب مجلس النواب، ويتم انتخاب أعضاء مجلس الشورى بطريقة مباشرة، بحيث تمثل فيه كافة محافظات الجمهورية بعدد متساوٍ من الأعضاء وتوسيع صلاحياته التشريعية، ويحدد القانون طريقة تشكيله وعدد أعضائه وآلية عمله.. وبما يضمن أن يضم في عضويته شخصيات من ذوي الخبرة والتجربة والكفاءة والنزاهة، وممن لهم رصيد وطني في مسيرة الثورة والجمهورية والوحدة، وإسهامات بارزة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها.. وبما يحقق الأهداف المنشودة من هذا المجلس في توسيع المشاركة السياسية وخدمة الوطن.-تطوير النظام الانتخابي وبما يضمن نزاهة الانتخابات العامة وكفالة شفافية كافة مراحلها.-تعزيز تماسك ووحدة العمل التنظيمي للأحزاب والتنظيمات السياسية الوطنية.-مواصلة الاهتمام بالنقابات والاتحادات العمالية والطلابية والمهنية والإبداعية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني، وبما يمكنها من أداء دورها في رعاية منتسبيها وحماية حقوقهم وتطوير قدراتهم وبما يكفل لهم الإسهام الفاعل في المسيرة الديمقراطية والتنموية.[c1]الفصل الثاني:[/c]* النهج الوطني الديمقراطي وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية:[c1]2/1:الديمقراطية ومفهوم ومقومات الحكم المحلي من منظور التعديلات الدستورية:[/c]ان تشعب مقومات المعنى للديمقراطية وتعدد النظريات بشأنها علاوة على تميز أنواعها وتعدد أنظمتها والاختلاف حول غاياتها ومحاولة تطبيقها في تحديد نمط ديمقراطي دقيق وثابت مسألة غير واردة عملياً(2).وللديمقراطية مكونات عديدة تولي المدارس الاجتماعية المختلفة أو المتصارعة تركيزاً خاصاً على بعضها على حساب المكونات الأخرى، من الناحية الكلاسيكية،وهذا ما تركز عليه المدارس الديمقراطية لليبيرالية- هناك حقوق الفرد التي لابد من توفرها كأساس لتأمين المساواة والمشاركة في الحياة العامة منها حرية الكلام والتعبير والاعتقاد وحق التجمع الاقتراع وحق الترشيح للمناصب العامة، كما تصون الفكرة الديمقراطية والأنظمة الديمقراطية حقوق الفرد من الناحية السلبية فتعمل على حمايته من تعسف السلطة ومن الاعتقال الكيفي، ولا يدان الفرد إلا بموجب مانص عليه القانون إزاء وجود دليل قضائي(3).فالمبادئ الديمقراطية في المساواة والمشاركة تتفاوت في أشكالها التطبيقية وعلى هذا الأساس يمكن تمييز أنماط مختلفة من الديمقراطية. إما أنواع الديمقراطية التي تعتمد جميعاً على حكم الأغلبية فهي:-الديمقراطية المباشرة، حيث يمارس الشعب فهيا بنفسه مهام سن التشريعات والقيام بمهام السلطة التنفيذية من تعيين للموظفين المكلفين بتطبيق القرارات التشريعية ومن إصدار للأحكام.-الديمقراطية شبه المباشرة، حيث يقوم الشعب بانتخاب نواب عنه لمناقشة القضايا والقوانين العامة، وليست التشريعات وتعيين السلطة التنفيذية، يحاسبها على إعمالها ولكن بشروط احتفاظ المواطنين بحق تقدير المسائل الرئيسية فيقرها الشعب بذاته عن طريق عملية الاستفتاء.-الديمقراطية التمثيلية، حيث ينتدب الشعب النواب لممارسة السلطة باسمه دون تحفظ، عدا احترام الدستور والدورات الانتخابية(4).-وعلى الرغم من أن الديمقراطية قد أصبحت أكثر ثباتاً ورسوخاً من أي مثل أعلى سياسي آخر، إلا إنها أكثر الألفاظ غموضاَ في التعريف، وهي تحمل معاني مختلفة لدى الناس مع ان الديمقراطية السياسية اكتسبت معنيين رئيسين فهي من ناحية تعني اساساً نظاماً من الحكم يقوم على مبدأ حكم الأغلبية وتصبح إرادة الأغلبية هي صاحبة السيادة وحكمها هو الصواب والأقلية دائماً على خطأ وهذا هو مفهوم الديمقراطية الذي نما على يدروسو(5).وهنا فان سؤال الديمقراطية ليس سؤالاً سجالياً بين منظومة حضارية أو أيدلوجية وبين منظومة أخرى، وليس انتزاع اعتراف من طرف لطرف آخر أو فرض هيمنة طرف على آخر، سؤال الديمقراطية هو سؤال الذات لنفسها، هو سؤال وجود يتعلق بمقدار ما تحقق وأصبح حقيقة كائنة وعينية.وبهذا لانتحدث عن ديمقراطية جاهزة وناجزه، بل تجربة إنسانية تنسق طريق الحرية لتحقيق من خلالها أعلى مستويات الوجود الممكنة للفرد والمجتمع معاً.وبحثنا في المحور الثاني الخاص بندوة مبادرة فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية والمتصل بالنهج الوطني الديمقراطي وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية ارتباطه بالديمقراطية وممارستها، لايعني الخوض في مقومات الديمقراطية وعناصرها، بل المطلوب- تعزيز أكثر للممارسة الديمقراطية في ضوء التعديلات الدستورية المقترحة المطروحة للمداولات والنقاشات الجادة، وخاصة فيما يتعلق بالحكم المحلي واسع الصلاحيات، والانتقال الى السلطة اللامركزية ، أي بمعنى الانتقال الى الديمقراطية الأوسع والاشمل. أي في تحول الذات من حال الى حال، بهذا المعنى ليست الديمقراطية المنشودة انسلاخاً من حقيقة موجودة او انقلاب الذات من ماهيتها الى ماهية آخرى، بل هي صيرورة ذات وحركة وتاريخ، هي حالة خلق وإبداع لا تأخذ الديمقراطية كوصفة جاهزة، بل كحركة كفاح وفعل وانتزاع ونضال مع الموانع والمعوقات.والمثير والمدهش ان الحديث عن الديمقراطية دائماً ما يقودنا إلى الارتباط بموضوع السلطة، وكأن السلطة هي الوجه الآخر للديمقراطية، دون معرفة ان السلطة هي إحدى تجليات وتعيينات الديمقراطية. ولان بؤس وإفقار الجماهير المعدومة أصبح مقروناً بالسلطة فلا غرابة أن ينظر كثير من الناس، وللأسف بما فيهم بعض المثقفين بان جوهر الديمقراطية ومصدرها بل معيارها الأساسي والوحيد هي السلطة.فالأزمة ليست كامنة في الثقافة العربية المعاصرة، بقدر ما نجدها في المجتمع وفي السلطة في العالم العربي بأسرة.ومن القضايا المثيرة للاهتمام في موضوع الديمقراطية وعلاقاتها بالسلطة تأتي وظيفة المعرفة وهو ما يجعل نظام السلطة الاستبدادي يخضعها لطابع التشويه والتضليل، على اعتبار ان وظيفة المعرفة من وجهة نظر عقلانية هي تقديم الحلول الأكثر نجاحاً للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية الشاخصة أمام الإنسان.إذاً الديمقراطية هي شرط لإنتاج المعرفة الموضوعية، والديمقراطية عنصر داخلي في المعرفة الموضوعية، وهذا مايعطي المعرفة صيغة اجتماعية، إذ أن مفهوم الديمقراطية يجعل المعرفة محصلة لنشاط اجتماعي، ويعمل على تقصير المسافة بين معرفة الإنسان العادي ومعرفة الباحث المختص، ويقبل بالاجتهاد والاختلاف وتعددية الرأي، او بشكل أدق الصراع في إطار المعرفة هو أساس تجديد المعرفة والصراع يكون بين أكثر من طرف، وعلى هذا الأساس فانه لايمكن الفصل بين العقلانية والديمقراطية فلكل فيهما شرط الآخر. فان دور العقل الفاعل هو نفي كل نسق فكري مغلق لان فعل العقل هو ربط النظر والعمل بصيرورة الحياة.من منطلق ان الديمقراطية هي ديمقراطية الحياة اليومية اولاً، التي تجد ترجمتها في جملة المستويات الاجتماعية، الاقتصادية منها والسياسية. وديمقراطية الحياة اليومية هي التي يتساوى فيها الفرد في حياته اليومية مع صورته الحقيقية والأيدلوجية، إذ ان القمع يقسم الانسان الى وجه وقناع، الى وجود فعلي ووجود مجرد، الى مواطن شكلي ومقهور حقيقي، وفي مثل هذا الشرط يرى الانسان نفسه في مواجهة المجتمع وليس جزءاً منه يدخل في نفسه مدمراً، يكره مصالحة الذاتية او في مجتمع غائب، فطلما أنهدم الإنسان عمل حديثة او مصته على هدم المجتمع الذي هدمه وشروط كهذه تقيم فراقاً بين الفرد والمجتمع، بين الوعي البائس والوعي الصحيح.وهذا يقود الى مسألة شكل العلاقة بين المجتمع المدني والسياسي وفي حدود التفعيل المتبادل بينهما او في حدود الفراق بينهما، هذا الفراق الناتج عن مركزية الدولة المتزايدة وتهميش المجتمع المدني- الأمر الذي ينتج عنه نزوع الدولة المركزية المستمر الى الاستغلال الذاتي- وهي في استغلالها المتزايد في المجتمع لاتقوم بدورها المفترض في توحيد المجتمع بل تساهم في انقسام المجتمع الى مجتمعين متناحرين، مجتمع الدولة الكاملة السلطة والمجتمع المدني الذي يبحث عن سلطة بديلة، فمجتمع الدولة يتألف من النخبة السياسية الإدارية التي جاءت من الشعب ثم احتكرت السلطة وتكات عليها كي تصبح نخبة سلطوية، وبهذا تصبح آلة الدولة أداة لإنتاج طبقة جديدة مسيطرة، ولان هذه الطبقة محصلة واثر لآلة الدولة التي تحتكرها فان مسارها الطبقي لا يستمر إلا في ظل اتساع وازدياد الممارسات السلطوية، كلما ازداد التمايز الطبقي لهذه الطبقة ازداد احتكارها للسلطة حتى يصبح احتكار السلطة هي القاعدة الوحيدة لسياستها.ولكن إعادة بناء المجتمع المدني او بشكل أدق تأمين الشروط الاجتماعية لولادة وتطور مجتمع مدني يقتضي إصلاح الجهاز التربوي ومناهج التعليم وإطلاق الحريات وحواراً يفضي الى تغيير جوهري في سياسة الدولة من وجهة نظر مصالح المجتمع وهذا يعني قبول الدولة بالتعددية السياسية والفكرية التي هدفها تدعيم المصالح الوطنية ومن خلال التعددية تتكشف كل الإمكانيات الايجابية المحسوبة على المجتمع المدني(6).[c1]2-2الجهود الرسمية والشعبية في تعزيز الحكم المحلي:[/c]فالمسار الديمقراطي في اليمن شكل انطلاقة موضوعية في مضمار برامج التعبير عن الشعب وتجاوب القيادة السياسية معها بما يلبي مصالح الأمة تجسيداً للترابط الذي أشار إليه فخامة الأخ/ علي عبدا لله صالح رئيس الجمهورية"إلى ان الديمقراطية هي رديف الوحدة ومرتكز انطلاقتها ولهذا ستظل الديمقراطية هي خيارنا الوحيد الذي لن نحيد عنه ولن نفرط فيه ابداً وإذا كان التعبير عنها يتجسد اليوم في المشاركة الشعبية الواسعة والتعددية السياسية تكريساً لمبدأ الحوار السلمي.. فإننا نتطلع بكل ثقة في ان تكون التعددية السياسية من اجل الوطن وتقدمه وازدهاره... وان تكون تعبيراً صادقاً عن واقع جديد، ومرحلة متميزة من التفكير والممارسة، وان تكون مجالاً للمنافسة الشريفة والمسؤولة بين كل الأحزاب والتنظيمات السياسية من خلال البرامج الانتخابية وان تنطلق في ذلك من ولائها المطلق لله والوطن والثورة والجمهورية والوحدة وحرصها على الوحدة الوطنية فالديمقراطية هي خيار بناء ونهضة .. لا وسيلة هدم وتخريب، فالمسؤولية هدم وتخريب فالمسؤولية الوطنية تفرض على الجميع ضرورة ان لاتكون مجالاً للإساءة الى الآخرين او إلحاق الضرر بالوطن وان نحرص على ان تكون الديمقراطية هي الخيار لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان المشاركة المتكافئة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في ظل الالتزام بمبادئ الشرعية الدستورية.وعلى ماتأسس فان رصد مستقبل الديمقراطية والحديث عن تعديلات دستورية يعزز من فعاليتها ومكانتها المجتمعية في الجمهورية اليمنية، ولابد من ان يجري في إطار نظام سياسي محدد الملامح كما جاء في مبادرة التعديلات السياسية لنظام الحكم في البلاد، والى أفراد وجماعات وأحزاب وتنظيمات مجتمع مدني يتفاعلون في إطاره في ظل فصل السلطات وتحديد علاقة الحاكم بالمحكوم وتفاعل السلطة بالمجتمع.فالنهج الديمقراطي هو وسيلة المجتمع الأولى في ضمان وحدته الوطنية فإذا كانت الوحدة الوطنية تعني دائماً، وحدة المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو آرائهم السياسية، فان هذه الوحدة هي النقيض لمختلف أشكال التفتيت والانقسام وهذا ما أكد عليه فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية في حديثة قائلاً:" طالما خيارنا الديمقراطية وحماية الوحدة اليمنية هي الديمقراطية .. إذن نسلم بالديمقراطية المسؤولة ولكن الديمقراطية التي لا تستغل استغلالاً سيئاً.وبالرغم من التحولات الايجابية في مسيرة التجربة الديمقراطية وهو انعكس ايجابياً في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية، إلا ان الكثير في أجندتها لانجازها يبقى قائماً، فمبادرة فخامة الأخ/ رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية تأتي في هذا السياق تجاوزا للتحديات المستقبلية في مسار التحول الديمقراطي المتنافي.فالجمهورية اليمنية قطعت شوطاً لايستهان به في مضمار تعزيز العملية الديمقراطية من خلال مشاركة أوسع للشعب في إدارة سلطات الدولة، وتحديداً في برامج السلطة المحلية للمديريات والمحافظات التي ستنقل الى الإطار الاشمل في إطار منظومة الحكم المحلي الواسع الصلاحيات المطروح ضمن المبادرة الكاملة لرئيس الجمهورية. بهدف تعميق الوعي الديمقراطي والممارسة العملية الفاعلة التي ستحدث تحولاً نوعياً على صعيد الواقع للنهوض التنموي والحراك المؤثر الايجابي داخل المجتمع على اختلفا مستوياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وصولاً إلى مستوى معيشي أفضل للمواطن وتوفير الخدمات والمتطلبات الضرورية من منطلق ان المجتمعات المحلية وإدارة شؤونها من أولويات الديمقراطية للحكم اللامركزية.[c1]3/2:الحكم المحلي واسع الصلاحيات من منظور التعديلات الدستورية[/c]ظلت الجماهير اليمنية أثناء عهود التشطير تفتقد لانتخابات حرة ومباشرة وكانت هذه الظاهرة بمثابة عملية سياسية محظورة التداول في النظام الشمولي القائم في كلا الشطرين إذ كانت الانتخابات، تتم بشكل صوري في النظام القائم في الجنوب، فيما كانت موجهة في النظام القائم في الشمال وفي كل الجانبين لم يكن للصوت ألاقتراعي قيمة حقيقية ينتج عنها تأثير فعلي ينعكس على السياسات العامة ويلقى تأثيراته على حياة المجتمع.والوحدة اليمنية في 22 مايو بعد قيامها شكلت بداية لمرحلة جديدة وتحولاً عظيماً في حياة الشعب اليمني، ويكفي القول ان قيام الدولة الجديدة لموحدة قادرة الى تحقيق مطلب الديمقراطية حيث كفل الدستور والقوانين النافذة قيام انتخابات حرة مباشرة بالمفهوم الديمقراطي الصحيح لاسيما ان هذه الانتخابات ستقوم في ظل النظام التعددي الواسع الذي يعتمد على المشاركة، أكان على صعيد التصويت او التشريع او المساهمة في علمي الإدارة الانتخابية بكل مستوياتها وفي جميع الدوائر الانتخابية إضافة الى كفالة حق المرأة في الترشيح والتصويت وهو ما شهده اليمن فعلا في أول انتخابات تشريعية 27/ابريل/1993م. التي تعد أول انتخابات نيابية عامة يشهدها اليمن في تاريخه الحديث والمعاصر، والأولى التي تتم على قاعدة التعددية السياسية والحزبية منذ إعادة تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في مايو 1990م، حيث نصت المادة(4) من قانون الانتخابات –أ-يمارس كل ناخب حقوقه الانتخابية في الدائرة الانتخابية التي بها موطنه الانتخابي.وهكذا جرت بقية الانتخابات البرلمانية الثانية في عام 1997م والثالثة الاخيرة2003م.كما اكتسبت الانتخابات الرئاسية أهمية بالغة على مستوى تحديد أدوات الديمقراطية وتعزيز مضامينها ومكانتها فضلا عن دعم النظام السياسي التعددي وجعله أكثر فاعلية وحيوية وفي تعزيز الوحدة الوطنية بسبب وجود أكثر من مرشح.وفوائد هذه الانتخابات على المستوى الديمقراطي والوطني تتمحور في الآتي:-تأكيد الحق الدستوري في جعل منصب الرئاسة حقاً لكل مواطن أي انه لم يعد حكراً على شخص بعينه أو محصوراً بأبناء منطقة جغرافية أو مذهب ديني أو سياسي بعينه.-الانتخابات الرئاسية التنافسية لابد من أن تكون عبر طريقة واحدة معتمدة وشرعية للتعبير عن صندوق الاقتراع، وان الوصول إلى أعلى منصب قيادي في الدولة يمكن ان يكون بواسطة إقناع اكبر عدد من الناخبين وليس بوساطة العنف والثورات الشعبية أو التوريث.-ان جعل المنصب الأول في النظام السياسي محل تنافس ومادة للنقد والاعتراض يعزز فكرة المشاركة السياسية الفاعلة أو التأثير على القرار السياسي، ومن ثم سيساهم في إزالة الشعر وبالإقصاء والإبعاد لدى الفئات والجمعات والمناطق المختلفة، وهو مايعزز مسار الوحدة الوطنية ذاتها.والانتخابات الرئاسية الأخيرة سبتمبر 2006م بمشاركة النسبة العالية من الناخبين قد أعطى مؤشراً ايجابياً على مدى النضج الذي وصل إليه العمل الديمقراطي ومستوى تنامي الوعي بالمفاهيم الحقيقية الحية للديمقراطية في الأوساط الشعبية.وان الناخب ومن خلال مابداه من تفاعل جاد في المشاركة الانتخابية قد أراد من ذلك التأكيد على تمثيله بالخيار الديمقراطي وممارسة حقوقه التي كفلها الدستور والمضي قدماً نحو تطوير تجربة الديمقراطية وترسيخها بشكل أقوى، وتحقيق المزيد من النجاحات على صعيد الممارسة العملية والإسهام في رسم الخارطة المستقبلية للدولة اليمنية الحديثة، وشكلت الانتخابات الرئاسية بنجاحها الكبير نصراً للديمقراطية وخطوة متقدمة في اتجاه مبدأ التداول السلمي للسلطة وبناء الدولة اليمنية المؤسسية الحديثة. ولعل أبرز هذه الحقائق أن قيام ونجاح الانتخابات قد حققت هدفاً استراتيجياً في الانتخابات في غاية الأهمية، يتمثل في قضية تعزيز الوحدة أكان على صعيد مفهومها الدلالي في الوعي الوطني أو على صعيد رسوخها السياسي والاجتماعي والفكري في الواقع المعاش، وهو الأمر الذي يؤكد منطق أن الوحدة باتت أقوى من كل التحديات الداخلية والخارجية كونها محاطة بسياج إرادة الجماهير.ويشكل قانون السلطة المحلية رقم "4" "الحكم المحلي" إنجازاً تاريخياً وديمقراطياً كبيراً وضعت الأسس التشريعية والقانونية للانتقال إلى نظام الحكم المحلي القائم على مبدأ اللامركزية والمشاركة الشعبية لتمكين المواطنين في مختلف مناطق الجمهورية اليمنية من ممارسة حقوقهم الدستورية في السلطة، من خلال مجالس محلية منتخبة ديمقراطياً تعتبر جزءاً لايتجزأ من سلطة الدولة وممارسة الرقابة والإشراف على عمل الأجهزة التنفيذية، وتسيير وإدارة شؤونهم العامة والاستفادة من مواردهم واستخدامها بصورة عقلانية في تنمية وتطور مجمعاتهم المحلية، الأمر الذي يفتح الباب أمام تضافر كل الجهود الرسمية والشعبية للإسهام في عملية البناء والتنمية في المستويين المحلي والوطني.وليس من المبالغة القول أن اليمن ومبادرة فخامة الأخ رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية وما يرتبط بتحويل السلطة المحلية إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات من النواحي الإدارية والمالية من ضرائب وموارد محلية تخصص في تنفيذ مشاريع المحافظات والمديريات في اطار قانون الحكم المحلي.يعد نموذجاً رائعاً ورائداً ومتقدماً في هذا المجال تسبق الكثير من البلدان العربية، وبالنظر إلى حجم الصعوبات التي نواجهها فإن عملية الانتقال إلى نظام الحكم المحلي الجديد ليست بالأمر السهل، إذا تتطلب العملية جهوداً مكثفة متواصلة من الجميع وتعاوناً مستمراً على كافة الأصعدة والمستويات ومن مختلف الأطر والهيئات الرسمية والشعبية والفعاليات المختلفة.ولكن في نفس الوقت ومما يبعث على الاطمئنان فإن الحكم المحلي واسع الصلاحيات المطروحة في المبادرة الرئاسية للتعديلات الدستورية لم يأت من فراغ وليس تقليداً أعمى لتجارب الآخرين، أو نقلاً حرفياً عنها، وإنما هو نابع من تراكم تجربتنا في السلطة المحلية وعن بيئة يمنية خالصة ويلامس إحتياجات ومتطلبات الواقع اليمني وتلبية آمال وتطلعات اليمنيين في بناء دولتهم الحديثة.والمجلس المحلي سيتمتع بصلاحيات أشمل وأوسع منها مثلاً:1) رئيس الحكم المحلي منتخب من هيئة الناخبين ويصدر قرار من رئيس الجمهورية لتسميته.2) تنشأ شرطة محلية في المحافظات ويكون هناك أمن عام مركزي يمثل كافة المحافظات.3) الضرائب والموارد المحلية تكون من اختصاص المجالس المحلية، ويحدد القانون ما يحق ضرائب سيادية مركزية.4) الإشراف والرقابة المباشرة على أعمال الأجهزة التنفيذية في المديرية أو المحافظة مع تقييم مستوى تنفيذ الخطط والبرامج، ومساءلة رؤساء الأجهزة ومحاسبتهم وسحب الثقة منهم عند الإخلال بواجباتهم وفقاً للقانون النافذ.5) اقتراح ودراسة وإقرار ومشروعات خطط التنمية وموازنتها السنوية والموافقة على حسابها الختامي في المديرية والمحافظة.6) تشجيع قيام المشاريع الاستثمارية ومعالجة الصعوبات المتعلقة بالاستثمار.7) مناقشة الحالة الأمنية واتخاذ بما يساعد على تعزيز الأمن والاستقرار للمواطنين، وحماية الحقوق والحريات العامة والمحافظة على الأقوال والممتلكات العامة ومعالجة الشؤون العامة التي تهم المواطنين.8) ضبط الحالة التنموية واتخاذ التدابير بشأنها.9) الإشراف على الأنشطة التعاونية والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي وتنشيط السياحة وتشجيع الاستثمار السياحي.10) تنمية الموارد المالية وحمايتها من الاستنزاف وغيرها من الصلاحيات المرتبطة بقضايا المديرية أو المحافظة، بمعنى يكفل الصلاحيات المالية والإدارية الواسعة إلى المجالس المحلية المنتخبة في المحافظات والمديريات وأجهزتها التقليدية بهدف تعميق المسار الديمقراطي والمشاركة الشعبية الواسعة عبر انتخابات محلية حرة ونزيهة وتحسين نظام تقديم الخدمات للمواطنين، والإستجابة إلى حاجة المجتمع المحلي وتطلعاتها إرساء تقاليد مساءلة السلطات المحلية المنتخبة وهيئاتها من قبل قواعدها الانتخابية.[c1] * الخاتمة:[/c]إن المبادرة الرئاسية للتعديلات الدستورية، تنطلق من حيثيات المرحلة ومتطلباتها، ومن أن الدستور ليس شيئاً جامداً أو مفروضاً، بل هو اساساً جاء ملبياً للإرادة الشعبية، ومن ثم يمكن إدخال أي تعديلات دستورية ضرورية ومواتية ووفقاً للظروف التي تتطلبها، حيث يقوم بذلك اعضاء السلطة التشريعية الذين هم ممثلون عن الشعب، ومن ثم تصبح السيادة للشعب، أو تحتاج الموافقة على التعديلات الدستورية لاستفتاء شعبي إذا اقتضى الأمر لذلك.فمبادرة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للتعديلات الدستورية تشكل حدثاً نوعياً وإيجابياً، سيكون لها مردود إيجابي ومؤثر على حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية وجوهرية تطوير النظام السياسي، وستعزز من التجربة الديمقراطية في اليمن، وستتيح فرصة مشاركة أوسع في اتخاذ القرارات، ومن هذا المنطلق ينبغي الالتفاف حولها لإغنائها وإثرائها وخاصة من قبل الأحزاب والتنظيمات السياسية التي هي مطالبة بإجراء حوار جاد ومسؤول حول المبادرة الرئاسية، وبما يسهم بالدفع بها لتصبح واقعاً ملموساً دستورياً وإطاراً جامعاً لكل التيارات الوطنية المخلصة التي تسعى لتطوير وتقدم الوطن.
|
دراسات
الحكم المحلي من منظور مشروع التعديلات الدستورية
أخبار متعلقة