
لقد ظهر جلياً أن الألعاب الإلكترونية تحمل في طياتها محاذير عديدة، فالاستخدام المفرط لها ينعكس بشكل مباشر على صحة اللاعبين، حيث تسبّب مشاكل في النظر نتيجة الجلوس الطويل أمام الشاشات، وآلاماً في العمود الفقري والعضلات بسبب قلة الحركة، إضافة إلى اضطراب النوم وضعف التركيز. أما على الجانب النفسي، فإنها تؤدي إلى الانطواء الاجتماعي، والعزلة عن الأسرة، والعيش في عالم افتراضي بعيد عن الواقع.
ولعل أبرز مثال على خطورة هذه الألعاب ما شهدناه في عام 2016م عند انتشار لعبة “بوكيمون” الكرتونية الشهيرة، التي غزت الهواتف الذكية والأخرى بشكل لافت. هذه اللعبة أثارت حينها جدلاً واسعاً، وواجهت محاربة مجتمعية في أغلب الدول العربية، بل إن عدداً من كبار العلماء في الوطن العربي أفتوا بعدم جواز ممارستها بل وتحريمها، لما تحمله من أضرار على المجتمع، سواء من الناحية الدينية أو الاجتماعية أو الأمنية. وقد كان ذلك درساً بليغاً ينبهنا بخطورة الانجراف وراء مثل هذه الألعاب دون وعي.
إن ألعاب اليوم قد تكون أكثر خطورة، إذ تهدد الصحة النفسية للأطفال والشباب بشكل مباشر، فتزرع في نفوسهم العنف والعدوانية، وتدمر استقرارهم النفسي، وتزيد من حالات القلق والاكتئاب بينهم. كما أنها تُضعف قدراتهم على التحصيل العلمي، خصوصا وأن العام الدراسي الجديد قد بدأ، حيث أصبح كثير من الطلاب يقضون ساعات طويلة في اللعب على حساب وقت الدراسة والمدارس، مما أدى إلى تراجع مستواهم التعليمي.
ولهذا، فإن مسؤولية مواجهة هذه الظاهرة تقع على عاتق الأسرة أولاً، من خلال متابعة الأبناء وتوجيههم نحو الاستخدام السليم للتقنية، ثم على المدرسة والمؤسسات التربوية التي ينبغي أن تعزز ثقافة التوازن بين الترفيه والتعليم. كما أن دور الإعلام والمجتمع لا يقل أهمية في التوعية بخطورة هذه الألعاب على حاضر الأجيال ومستقبلها.
وهنا يمكن القول إن الألعاب الإلكترونية سلاح ذو حدين.. فهي قد تكون وسيلة نافعة إذا استُخدمت بوعي وضوابط، لكنها تصبح خطراً مدمراً إذا تحولت إلى إدمان يسرق صحة أبنائنا وتحصيلهم التعليمي ويهدر أوقاتهم. ومن هنا، علينا جميعاً أن ندرك أن حماية أطفالنا وشبابنا من آثارها السلبية مسؤولية مشتركة لا تحتمل التأجيل.