
في تطور لافت، أقدم الحوثيون على تفجير سفينة شحن تحمل العلم الليبيري في مياه البحر الأحمر، في توقيت بالغ الحساسية يتقاطع فيه ثلاثي تصعيد متزامن:
1. تكثيف هجمات الحوثيين تجاه الأراضي الإسرائيلية.
2.قرب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن.
3.وتقارير غربية حديثة تحذر من أن إيران تقترب من استئناف تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تقارب الحدّ العسكري.
فهل يُعد هذا المشهد المتداخل مقدمة لضربات أميركية–إسرائيلية جديدة؟ سواء ضد الحوثيين أو حتى إيران نفسها؟
تفجير السفينة الليبيرية: خرق أم رسالة؟
رغم أن ليبيريا ليست حليفاً استراتيجياً مباشراً للولايات المتحدة، فإن معظم السفن التي ترفع علمها مملوكة أو مستأجرة من قبل شركات غربية—وأحيانًا أميركية بالكامل. لذلك ينظر صانعو القرار في واشنطن إلى استهداف هذه السفن باعتباره تهديدًا مباشرًا للبنية التحتية التجارية والأمنية الغربية في البحر الأحمر.
الأهم من ذلك أن إدارة ترامب الثانية كانت قد جمّدت ضرباتها ضد الحوثيين منذ أبريل 2025م، بموجب تفاهمات غير معلنة، تم التوصل إليها بوساطة عمانية وبدعم إيراني ضمني، مقابل تعهد حوثي بعدم استهداف السفن التجارية.
وبناء عليه فإن تفجير السفينة ليس مجرد خرق تقني، بل خيانة سياسية لهدنة هشة. والسؤال المطروح الآن: هل سيمرّ هذا الهجوم بهدوء، أم سيفتح الباب أمام ردٍّ مضاد؟
زيارة نتنياهو إلى واشنطن:
مناخ جديد بعد مرحلة بايدن
تأتي زيارة نتنياهو المرتقبة إلى واشنطن في ظلّ مناخ سياسي وأمني مختلف تمامًا عن ذلك الذي ساد خلال عهد بايدن. فقد كانت العلاقة بين الإدارة الأميركية السابقة ونتنياهو متوترة بسبب ملفات غزة، وإيران، والسلطة الفلسطينية.
لكن مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، باتت هناك تقاطعات أوضح بين الجانبين، خصوصاً في ما يتعلق بالتهديد الإيراني متعدد الأوجه:
•من البرنامج النووي..
•إلى الأذرع العسكرية: الحوثيين، حزب الله، والحشد الشعبي في العراق.
ومع ذلك لا تزال إدارة ترامب الثانية تتبنى حذرًا أكبر في استخدام القوة المباشرة، مفضلة الردع غير المعلن أو العمليات بالوكالة، ما لم تُستهدف القوات أو الأصول الأميركية بشكل مباشر.
لذا لا يُستبعد تفجير السفينة الليبيرية بردّ فوري، لكنه ـ إذا ترافق مع هجمات حوثية إضافية على الأراضي الإسرائيلية ـ قد يُنظر إليه كدليل على انهيار تفاهمات التهدئة، ما يُمهّد لتصعيد كبير.
الحوثيون يستهدفون إسرائيل: تحوّل نوعي
في سابقة خطيرة أطلق الحوثيون طائرات مسيّرة وصواريخ باتجاه أراضي إسرائيل نفسها، لا فقط نحو الموانئ أو السفن، ما يُشكل تحوّلًا نوعيًا في سلوكهم العسكري. وهذا بحد ذاته يفتح الباب أمام تبرير الردّ الإسرائيلي، تمامًا كما استهدفت تل أبيب مواقع إيرانية في سوريا والعراق في السنوات الماضية.
وقد تختار إسرائيل:
•تنفيذ ضربات جوية محدودة على مواقع حوثية في الحديدة أو صنعاء..
•أو استخدام طائرات مسيّرة بعيدة المدى لتوجيه رسالة دون التورط في حرب شاملة.
الملف النووي الإيراني: عودة ظل نطنز
تشير تقارير غربية حديثة إلى أن إيران باتت على بُعد أسابيع من إعادة تشغيل أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم إلى ما يتجاوز60 %، ما يقربها من “عتبة السلاح النووي” أي القدرة على إنتاج قنبلة خلال فترة قصيرة دون إعلان رسمي بذلك.
وتعيد هذه التطورات إلى الأذهان سيناريو يونيو 2025م، حينما شنّت إسرائيل ضربة استباقية على منشآت إيرانية في كرمان وأصفهان، قبل أن تتوقف نتيجة وساطة أميركية.
اليوم وفي ظل تصعيد الحوثيين وتجدد المخاوف النووية، قد تجد إدارة ترامب نفسها مضطرة لإحياء “استراتيجية الردع النووي”، عبر:
•ضربات مزدوجة ضد إيران والحوثيين..
•أو تعزيز الضغوط الاستخبارية والعقوبات المصحوبة بتهديدات عسكرية مباشرة.
الخلاصة: الحوثيون في مرمى نيران تل أبيب وواشنطن
حادثة السفينة الليبيرية، إلى جانب الهجمات على الأراضي الإسرائيلية، قد تمثل آخر خطوط التماس في “شهر العسل” القصير بين الحوثيين وواشنطن.
وقد نشهد في الأيام المقبلة:
•ضربة إسرائيلية استعراضية للحوثيين لإعادة تثبيت الردع.
•تجدد الحديث عن ضربات مشتركة على منشآت إيران النووية..
•أو على الأقل تصعيدًا سياسيًا–أمنيًا يعيد إيران ووكلاءها إلى حافة التهديد.
هذه المرة قد لا تكفي الوساطة العمانية، ولا تبدو التطمينات الإيرانية قادرة على كبح أذرعها. الحوثيون ـ عن قصد أو تهورـ دخلوا دائرة النار الدولية، والخروج منها قد يكون مكلفًا جدًا.