وانت في المكلا لاتحتاج إلى حجز تذكرة دخول إلى مسرح، او إلى دعوة حضور من صديق، فحفلات الطرب هذه في المكلا تقام في الشارع والهواء الطلق، ومتاح حضورها للجميع كبارا وصغارا، وفي الغالب تكون حفلات أعراس تستمر حتى قبيل الفجر... على المنصة الخشبية المطرب وفرقته الموسيقية، التي لاتتجاوز عدد أصابع اليد، عازف العود، وفي الغالب هو المطرب نفسه، وعازف او عازفان للكمان، وضارب الدربوكة (الإيقاع )، وعازف( الناي ) وضارب (الدف ) بينما الجمهور يفترش الأرض، ويوقع بيديه مع الإيقاع دليل الانسجام فيشكلان معا جزءا يكمل المشهد الغنائي.
***
أحببت المكلا كثيرا، واكتشفت انني لست الوحيد المهووس بها، فللشعر والشعراء والمطربين نصيب كبير من هذا العشق، وبقدر ماتحمل اكثر اغانيهم التغني بالحب والحبيب، فللمكلا فيه نصيب، ومن تلك الأغاني التي اشتهرت على نطاق واسع واجتازت الحدود وحصدت ولاتزال اعجاب الملايين : “سر حبي”، للشاعر الكبير حسين المحضار وغناها اكثر من مطرب منهم ابوبكر سالم بلفقيه وكرامة مرسال، وغناها الفنان الكويتي عبدالله الرويشد قبل الفنانين العرب جميعا كما غناها راغب علامة وملحم زين، ولازمتها المعروفة: ( لاتعذبني والا سرت وتركت المكلا لك إذا مافيك معروف ) تحس منها ان الشاعر لايريد ان يفارق المكلا لكنه يرغب في عدم فقدان الحبيب ! و” بعد المكلا شاق “ للشاعر خالد عبدالعزيز، ألحان إبراهيم الصبان وغناء كرامة مرسال. وحبيبتنا المكلا للشاعر بدر بن عقيل غناء علي العطاس، وبغينا المكلا، لجاسم عبدالله...
***
وللمكلا نصيبها من السرد، فقد اتخذها الروائي صالح باعامر عنوانا وفضاءً لأحداث روايته( المكلا )، والأمر نفسه في رواية الكاتب البحريني د. عبدالله المدني ( من المكلا إلى الخبر ) كمثالين فقط على اتخاذ المكلا كفضاء مكاني تدور فيه احداث الروايتين. ولاشك هناك الكثير في اعمال كتاب القصة القصيرة وفي لوحات ورسوم الفنانين التشكيليين المكلاويين. فمواضيع البحر ومدن البحر كانت دوما تغري الكتاب والشعراء والفنانين في شتى انحاء العالم منذ “الاوديسا” لهوميروس مرورا بـ “موبي ديك” لهيرمان ماليفل، و”مغامرات روبنسون كروزو” للمؤلف دانيال ديفو حتى اصبح ادب البحار من أشهر انواع الأدب.
ومن اهم الكتاب الذين كتبوا عن عالم البحار ويكاد يكون إنتاجه الأدبي يدور فيه بيتر بنشلي، وروايته”الفك المفترس” التي حولتها السينما الامريكية عام 1975م إلى فيلم اضحى مع الوقت من ايقونات افلام الرعب. وغدا البحر عالما خصبا للحكايات، وكلنا قرأنا “الشيخ والبحر” لارنست هيمنجواي، “وعمال البحر” لفيكتور هيجو، و”جزيرة الكنز” لروبرت لويس، وفي الأدب العربي، فإن الروائي السوري حنا مينا من اكثر الكتاب العرب اشتغالا في إنتاجه على البحر منذ روايته “الشراع والعاصفة”، واتبعها بالياطر، والمصابيح الزرق، وكتب نحو 35 رواية اغلبها عن عالم البحر، ومن كتاب هذا النوع من السرد الروائي جبرا إبراهيم جبرا في روايته “السفينة”.