التهديد باجتياح صنعاء وحشد المسلحين في مداخلها وبعض أحيائها؛ أعاد للأذهان ما حدث من استباحتها ونهبها عام 1948م، ولا غرابة أن يأخذ سكان صنعاء التهديد مأخذ الجد فأخرج بعضهم أولاده إلى الأرياف، والبعض حرص على شراء ما يكفيه من لوازم الحياة لأكثر من شهر، وآخرون استعدوا لمواجهة المخاوف بشراء ذخيرة ليدافعوا عن أعراضهم وأموالهم، وشباب الحارات تداعوا للتناوب على الحراسة الليلية، وكثيرون حبسوا أنفاسهم استعداداً للأسوأ..
وكما كان متوقعاً؛ المهلة المحددة بيوم الجمعة مضت بسلام، لأنه من الأساس لا داعي للقتل والقتال، ولا لزوم للتهديد والوعيد، والمطالب المشروعة يمكن تحقيقها من دون عنف، والوصول إلى السلطة يمكن أن يتم بالسلم وعن طريق صندوق الإقتراع، والتعايش والاحترام المتبادل أكثر تأثيراً من التخويف وبث الرعب في النفوس.
من حق سكان صنعاء أن يعيشوا حياتهم الطبيعية في أمان؛ ويجدر بهم أن لا يخضعوا للشائعات والأراجيف، وحريٌّ بهم أن ينطلقوا إلى أعمالهم ويرتادوا أسواقهم، ويخرجوا للصلاة في مساجدهم، ويتزاوروا فيما بينهم، يجب أن يذهب عنهم شبح الخوف، ولن يكونوا هشيماً تذروه رياح الفوضىٰ والطيش، وليسوا حشرات يخشون أن يحطمهم متطرفون وهم لا يشعرون؛ فهم بشر لهم حريتهم وكرامتهم، عليهم أن يثقوا بالله أولاً، ويعلموا أن دولتهم لن تتخلى عنهم؛ ولو فعلت فما زال في كل جسد روح تدفع عن صاحبها وشرفه، ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها.
القلق الذي أبداه اليمنيون على عاصمتهم جسّد معاني الانتماء والإخاء عندهم جميعاً، وخاصة أن الفوضىٰ المحتملة أوجدت المبرر للسفن الحربية الأجنبية التي اقتربت من مياهنا الإقليمية بذريعة الحفاظ على المصالح الدولية من مخاطر انهيار الدولة، وعلى جميع المخلصين الحرص على سيادة واستقلال وطنهم!!
اللهم احفظ اليمن وألهم اليمنيين الصواب واجمعهم على كلمة سواء، اللهم أصلح ذات بينهم، واصرف عنهم كيد الداخل والخارج.