والحكومة وصحف الحكومة لا تبدي هذه المرة اهتماماً لائقاً بهذه المناسبة، ولا ندري هل هذا بسبب” مشاغل” أم أن الأمور تسير على قدر؟ وأي مشاغل هذه التي تشغلها عن الاحتفاء باليوم الوطني الرسمي للبلاد؟ وإذا كان هذا الإهمال مقصوداً فلا أقل من وصفه بالعار الوطني. إن استمرار تجليات الأزمة السياسية والحرب على الإرهاب لا يجوز التذرع بها لتبرير عدم فعالية الاحتفال اللائق باليوم الوطني للجمهورية اليمنية، بل أن رد الفعل الهادف على هذه التجليات السلبية هو رفع مستوى تمجيد هذا اليوم ، وأن يكون الاحتفال به هذه المرة مرتبطاً بدعم التسوية السياسية ودعم حملة مكافحة الإرهاب من خلال حملة إعلامية وثقافية تتصدرها منابر التوجيه والتأثير الحكومية المختلفة والمتعددة.
* وفي هذا المقام نسجل للإعلام المؤتمري كلمة شكر لأنه كعادته يتفاعل مع ذكرى الأيام الوطنية الخالدة ، كما نتوقع من رئيس مجلس إدارة مؤسسة (14 أكتوبر) رئيس التحرير أن يفاجئنا بالجديد حول هذا اليوم ومقدماته كما فاجأنا في المرات السابقة بملاحق لا تزال إلى الآن مرجعاً للباحثين ، وما الغريب في ذلك ، فالوحدة اليمنية أصلها وفصلها جنوبي .. أول وحدة في اليمن كانت توحيد أكثر من عشرين سلطنة ومشيخة وإمارة في دولة واحدة هي جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية التي صار اسمها بعد ذلك جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، بعد حذف ( الجنوبية) في مطلع السبعينات ، وهو ما أثار غضب الحكام في الشمال حينها .. وثقافة الوحدة نشأت وترعرعت في الجنوب ، وشعارها الأول جنوبي ونشيدها الوطني - رغم أن صاحب كلماته شمالي - فإن الذي اتخذ قراراً به جنوبي والذي لحنه جنوبي وأول من كتب في الوحدة جنوبي .. وفكرة الوحدة الاندماجية هي في الأساس جنوبية .
* هناك اليوم من يفسر التغاضي عن الاحتفال باليوم الوطني ( 22 مايو) أنه مقصود بحكم أن كثيرين في حكومة الوفاق وخارجها يطرحون مشاريع كالفدرلة أو الأقلمة، وهذه على أية حال لا تزال مشاريع نظرية ، وحتى لو صارت في يوم من الأيام حقيقة فذلك لا يبرر التعاطي مع اليوم الوطني بهذه اللامبالاة التي نراها اليوم ، إذ أن اليوم الوطني للجمهورية اليمنية (22 مايو) لا يتعارض مع تقسيم البلاد إلى أربعة أو حتى عشرة أقاليم فيدرالية في ظل الجمهورية اليمنية، خاصة وأن المشاريع التي تطرح اليوم تلتقي عند وحدة الهوية اليمنية باستثناء مشروع ( فك الارتباط ) وتحديداً ذلك القسم منه المرتبط بمسمى “ الجنوب العربي” الذي يتعسف الواقع وحقائق التاريخ والثقافة من خلال محاولة “خلع” الجنوب عن هويته اليمنية، وهذا المشروع لا يمكن أن تكتب له الحياة للأسباب السابقة وأسباب أخرى، فضلاً عن أنه مبني على ردود أفعال على الأخطاء التي ارتكبتها السياسيون والمستفيدون، ويجب أن يحملوها ولا تحمل على الوحدة.