دائمًا ما يلجأ المستبدون والتيارات الإقصائية إلى اتهام مخالفيهم بالتآمر على الوطن والشعب، كلما وُجِّهت إليهم كلمة نقد أو رأي مخالف. إنهم لا يرون في المعارضة سوى خيانة، ولا في النقد سوى تهديد لسلطتهم ونفوذهم.
حين تسمع سياسيًا أو مسؤولًا يلوّح بخطر “المتآمرين” و”الخونة”، فاعلم أنه لا يدافع عن الوطن بقدر ما يدافع عن كرسيه. فهذه النغمة القديمة ليست سوى وسيلة لتكميم الأفواه، وتبرير الاستبداد، وتخويف الناس من التفكير والاعتراض.
إن نظرية المؤامرة التي يرفعها المستبدون ليست إلا ستارًا دخانيًا يخفون وراءه فشلهم وفسادهم، ويبررون به قمعهم للشعوب ونهبهم للثروات. فكل من يختلف معهم يصبح عدوًا للوطن، وكل من يعارضهم يصنف خائنًا أو عميلًا.
وليس هذا جديدًا في التاريخ، ففرعون نفسه استخدم هذا الخطاب لتبرير قتله الأنبياء والمصلحين، كما قال الله تعالى في محكم كتابه: “وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدعُ ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد”.
بهذا المنطق الفرعوني، يعيش كثير من الطغاة اليوم، يرفعون شعار حماية الدين والوطن، بينما هم في الحقيقة يحمون مصالحهم الخاصة.
لقد آن الأوان أن تدرك الشعوب أن الاتهام بالمؤامرة ليس سوى قناعٍ يخفي خوف المستبد من الوعي والحرية. فالمؤامرة الحقيقية هي استمرار الاستبداد نفسه.
