واشنطن / 14 أكتوبر / متابعات :
علقت الحكومة السودانية مشاركتها في نظام عالمي لرصد الجوع قبيل صدور تقرير من المتوقع أن يظهر انتشار المجاعة في أنحاء البلاد، وهي خطوة من المرجح أن تقوض الجهود الرامية إلى معالجة واحدة من أكبر أزمات الجوع في العالم.
وفي رسالة بتاريخ الـ23 من ديسمبر الجاري قال وزير الزراعة في الحكومة السودانية إنها علقت مشاركتها في نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي. واتهمت الرسالة التصنيف المرحلي "بإصدار تقارير غير موثوقة تقوض سيادة السودان وكرامته".
ومن المتوقع أن ينشر التصنيف اليوم الثلاثاء تقريراً يفيد بأن المجاعة انتشرت في خمس مناطق في السودان، وقد تمتد إلى 10 مناطق بحلول مايو 2025، وفقاً لما ذكرته "رويترز".
وجاء في الوثيقة، "يمثل هذا تفاقماً وانتشاراً لم يحدثا من قبل لأزمة الغذاء والتغذية، نتيجة الصراع المدمر وضعف وصول المساعدات الإنسانية". وأحجم متحدث باسم التصنيف المرحلي ومقره في روما عن التعليق.
وقال رئيس منظمة غير حكومية تعمل في السودان، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الانسحاب من نظام التصنيف المرحلي قد يقوض الجهود الإنسانية لمساعدة ملايين السودانيين الذين يعانون الجوع الشديد. وأضاف، "الانسحاب من نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لن يغير من واقع الجوع على الأرض، لكنه يحرم المجتمع الدولي من بوصلته في التعامل مع أزمة الجوع في السودان. ومن دون تحليل مستقل، فإننا نتحرك بلا رؤية في عاصفة انعدام الأمن الغذائي هذه".
ولم يستجب دبلوماسي في بعثة السودان لدى الأمم المتحدة في نيويورك حتى الآن لطلب التعليق على خطوة تعليق المشاركة في التصنيف.
والتصنيف المرحلي المتكامل هيئة مستقلة تمولها دول غربية، وتشرف عليها 19 من المنظمات الإنسانية الكبرى والمؤسسات الحكومية الدولية.
ويشكل التصنيف المرحلي المتكامل محوراً رئيساً في النظام العالمي واسع النطاق لمراقبة الجوع ومعالجته، وهو مصمم لدق ناقوس الخطر في شأن تطور الأزمات الغذائية حتى تتمكن المنظمات من التحرك ومنع المجاعة وانتشار الجوع.
ويتعاون محللو التصنيف المرحلي عادة مع الحكومات الوطنية لتحليل البيانات المتعلقة بانعدام الأمن الغذائي والإبلاغ عن الأوضاع داخل حدود الدولة.
وترأست الحكومة مجموعة التحليل التابعة للتصنيف في السودان، لكن النظام يواجه صعوبات متزايدة في العمل منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل 2023. وتسبب القتال بين الحكومة المدعومة من الجيش و"قوات الدعم السريع" في عرقلة جمع البيانات في المناطق التي يسيطر عليها الجانبان.
وحذرت منظمة "أطباء بلا حدود" من أن الوضع عند حدود جنوب السودان "صعب للغاية"، مع فرار آلاف الأشخاص من السودان المجاور إثر اشتداد القتال.
وقالت المنظمة غير الحكومية إنه في كل يوم من شهر ديسمبر عبر أكثر من 5 آلاف شخص الحدود من السودان إلى جنوب السودان، حيث تستشري أعمال عنف مختلفة ومنتظمة، إضافة إلى كوارث مناخية.
وأشارت "أطباء بلا حدود" إلى أن "تدفق الأشخاص على مدينة الرنك (قرب الحدود شمال شرق) والمناطق المحيطة بها تسبب في استهلاك شديد للموارد الشحيحة أصلاً، ما ترك النازحين في مواجهة أزمة".
وقال منسق الطوارئ لمنظمة "أطباء بلا حدود" في الرنك إيمانويل مونتوبيو في بيان، "الوضع صعب للغاية (والموارد) غير كافية بتاتاً".
وما زال أكثر من 100 جريح، عدد كبير منهم يعاني إصابات خطرة، ينتظرون الخضوع لعمليات جراحية هناك. وفي الوقت الراهن يؤوي مركزا العبور في الرنك المصممان لاستيعاب 8 آلاف شخص كحد أقصى، أكثر من 17 ألف شخص، وفق المنظمة.
وقالت نائبة المنسق الطبي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في جنوب السودان روزلين موراليس إن آلاف الأشخاص الذين يعبرون الحدود يواجهون "نقصاً حاداً في الغذاء والمأوى والمياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية". وحذرت المنظمة من "الزيادة المثيرة للقلق والسريعة في انتشار الكوليرا"، خصوصاً في المخيمات، "بما يتجاوز قدرات الاستجابة".
وتوفي 92 شخصاً بسبب هذا المرض في ولاية الوحدة، وفقاً للمنظمة التي قالت إنها عالجت أكثر من 1210 أشخاص في أربعة أسابيع في بلدة بانتيو، أي ربع الحالات المشتبه فيها في الولاية والبالغة نحو 4 آلاف.
وقرب جوبا في مخيمات تؤوي عشرات آلاف الأشخاص، قالت "أطباء بلا حدود" إنها عالجت نحو 1700 حالة مشتبه فيها، وإن المجتمع المحلي أبلع عن 25 وفاة.
ومنذ أبريل 2023 تدور حرب بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو في السودان، وقد أدى القتال إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 11 مليون شخص.