ويخلص نازاروف إلى أن “ الأهم هو الحقيقة المجردة للضربة الروسية ضد دولة من دول الغرب وتبعاتها السياسية، أكثر من الأضرار التي تلحق بالأهداف العسكرية”. وأن أمام الرئيس ترامب “ حياة سياسية طويلة، وخطوطه الأمريكية الحمراء تبدو وكأنها مادة للتفاوض بين روسيا والولايات المتحدة بشأن المساعدات الأمريكية لأوكرانيا وهيكلة النظام العالمي الجديد بشكل عام”.
ومع ذلك فإن الكاتب يرى أن “بوتين لن يتعجل في ضرب الولايات المتحدة. فلرقصة “التانغو” إيقاعها وسرعتها المتمهلة، وكل ضربة صاروخية سيتم الإعلان عنها من قبل بوتين مسبقا، باستخدام التقنية الغربية القديمة: تسريبات إلى الصحافة أولا حول ضربة مرعبة، ثم نفي لهذه التسريبات، فتأكيد لضربة أصغر نطاقا، ثم الضربة الفعلية نفسها”، [4]
تحديث العقيدة النووية الروسية:
وتزامنا مع هذه الأحداث أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 19 مارس، مرسوما يقضي بالمصادقة على العقيدة النووية الروسية بعد تحديثها، وتنص وثيقتها على احتفاظ روسيا بحق استخدام الأسلحة النووية ردا على أي استخدام لأسلحة دمار شمال ضدها أو ضد حلفائها، تعتبر ان أي عدوان على روسيا أو حلفائها من قبل دولة غير نووية، بدعم من دولة نووية، سيتم النظر إليه كهجوم مشترك.
وتعليقا على مصادقة بوتين على العقيدة النووية المحدثة “لدولة الاتحاد (الروسي -البيلاروسي) كما وصفها سيرغي لافروف، قال الأدميرال توماس بيوكانن ممثل القيادة الاستراتيجية في البنتاغون أن أمريكا (تقر بإمكانية تبادل الضربات النووية إذا ما ظل لدى الولايات المتحدة احتياطي في ترسانتها النووية يسمح لها بالهيمنة). ودعا بيوكانن إلى إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا والصين وكوريا الشمالية، حيث أنه “لا أحد يرغب في نشوب حرب نووية”.
كلام توماس بوكانين استدعى ردود فعل روسية وصينية وربما دول أخرى. علق دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكريملين بالقول: “تدعو موسكو الدول الأخرى إلى التخلي عن الاستفزازات واتخاذ موقف مسؤول لمنع نشوب صراع نووي”. مؤكدا “استعداد روسيا لبذل كل الجهود لمنع مثل هذا السيناريو”. ونقلت نوفوستي عن تصريحات صحفية للمتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان إن “تصريحات المسؤولين الأمريكيين تعكس تفكير الولايات المتحدة الذي عفا عليه الزمن، والسعي إلى الهيمنة والتفوق الاستراتيجي المطلق”. وقد طالب الولايات المتحدة بالوفاء بالتزاماتها في مجال نزع السلاح النووي وتخفيض ترسانتها النووية، وتهيئة الظروف لتقليل المخاطر الاستراتيجية وتحقيق نزع السلاح النووي الشامل والكامل والحد من المخاطر الاستراتيجية والحفاظ على السلام والاستقرار في العالم. وهكذا بعثر الصاروخ القاتل -حسب وصف الأمريكيين- كل الأوراق.
سيناريوهات محتملة:
يمكن أن تقود هذه المتغيرات إلى وضع دولي أكثر تعقيدا، قد يقربه نحو حرب عالمية أكثر تدميرا. هناك احتمال باتجاه الأمور نحو واحد من أربعة سيناريوهات.
السيناريو الأول: أن تتجاهل الدول الغربية مثل فرنسا التحذيرات الروسية وتقتدي بالنموذج الأمريكي وتسمح لأوكرانيا باستخدام سلاحها لاستهداف العمق الروسي، ولكن هذا الاحتمال بدأ بالتضعضع بعد مجاهرة عدة دول في الناتو كإيطاليا وبعض الدول الأخرى بالمخاطر العالية لهذا التوجه، خاصة وأن الصاروخ الجديد ذا السرعية الجنونية متوسط المدى، أي ان الدول الأوروبية فقط ستكون في مرماه، وترى أن الاكتفاء بنظام العقوبات خيار أفضل.
السيناريو الثاني: أن تتمادى أوكرانيا بدوافع أمريكية خصوصا خلال الفترة المتبقية من العمر الرئاسي لبايدن وتكثف من قصف العمق الروسي الأمر الذي يستدعي معه الرد الروسي باستهداف القواعد الأمريكية والبريطانية في المرحلة الأولى.
السيناريو الثالث: أن تؤكد الولايات المتحدة نيتها تبادل الضربات النووية مع روسيا حتى ولو من باب المكايدات اللفظية، هذا من شانه التسريع بتشكيل تحالف حرب يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران تحسبا لأي طارئ، وستتخذ الدول موقفها الخاص بناء على تفضيلات معينة. بعض الدول العربية قد حددت موقفها مسبقا عقب 7 أكتوبر 2023، حسب ما بينه الصحفي الأمريكي بوب وودورد في كتابه (الحرب).
السيناريو الرابع: قد يكون خليطاً من الاجراءات من السيناريو الأول والسيناريو الثالث، أي أن حرص الولايات المتحدة على تحقيق السيطرة العالمية من خلال تبادل الضربات النووية لا محالة سيدفع إلى تأسيس تحالف استراتيجي وقائي.
هوامش:
https://arabic.rt.com/world/1621561
https://www.aljazeera.net/news/2024/11/20/
HYPERLINK “https://www.theguardian.com/world/2024/”https://www.theguardian.com/world/2024/
https://arabic.rt.com/press/1621826