تشهد سوريا في هذه المرحلة تحركات مريبة لبعض الفصائل المسلحة المتمردة التي تسعى إلى استئناف العنف في توقيت حساس ، هذه التحركات تبدو وكأنها جزء من مخطط مدروس لإعادة إشعال نيران الحرب في وقت بدأت فيه الدولة السورية تستعيد عافيتها وقوتها ، إن هذا الوضع يتطلب من الحكومات العربية والشعوب العربية الوعي الكامل بما يحاك ضد سوريا والوقوف صفاً واحداً معها سواء شعباً أو دولة ، فالوقوف إلى جانب سوريا لا يعني فقط مساندة الشعب السوري في محنته وإنما أيضاً الانتصار للحق والدفاع عن السيادة الوطنية وضمان الاستقرار في المنطقة العربية بأسرها .
سوريا تمثل ركيزة أساسية من أركان الأمة العربية وأي تهديد لوحدة أراضيها أو محاولة لتفكيكها هو تهديد مباشر للأمن القومي العربي برمته ، وفي هذا السياق لا يمكن تجاهل المؤامرات الدولية والإقليمية التي تسعى إلى إضعاف دور سوريا المحوري في المنطقة ، والتحركات الأخيرة لبعض الفصائل المسلحة خاصة محاولاتها احتلال حلب تأتي في إطار مخطط أكبر يستهدف إعادة رسم خرائط المنطقة لتخدم أجندات خارجية ، وفي مقدمتها أجندة الكيان الصهيوني التي تهدف للتلاعب بالوضع السوري وتحاول تفكيك الدولة السورية وإضعاف قوتها في المنطقة .
لهذا من غير المنطقي استبعاد دور الكيان الصهيوني في دعم وتمويل هذه الجماعات المسلحة سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء ، فمنذ عقود والكيان الصهيوني يعمل بشكل دائم على تفتيت القوى العربية في المنطقة لضمان هيمنته المطلقة عليها ، واستمرار الفوضى والحرب في سوريا يصب بشكل مباشر في مصلحة الكيان الصهيوني حيث يمكنه من خلال هذا التدمير المستمر للدولة السورية أن يضعف قدراتها العسكرية والاقتصادية ويستنزف مواردها مما يتيح لهذا الكيان البغيض ترسيخ نفوذه على حساب الدول العربية الأخرى .
إن وحدة سوريا واستقرارها ليست مسؤولية السوريين وحدهم وإنما هي واجب عربي مشترك فكل ما يهدد وحدة سوريا يشكل تهديداً مباشراً للأمة العربية بأكملها ، ورغم كل ما مرت به سوريا من ويلات الحرب وما تواجهه من تحديات مستمرة يبقى الشعب السوري وجيشه بإراده قوية وصامدة لا تنكسر ، فهذا الشعب قد عرف تماماً ثمن الحرب ويدرك جيداً معنى السلام والاستقرار وهو يقف اليوم صفاً واحداً خلف مؤسسته العسكرية التي تواصل تقديم التضحيات لحماية الوطن السوري ووحدة أراضيه .
اليوم وأكثر من أي وقت مضى يجب على الدول العربية أن تؤمن بأهمية التضامن القومي لمواجهة التحديات المشتركة والوقوف الفوري إلى جانب سوريا ، ودعم وحدة سوريا واستقرارها هو السبيل الوحيد لضمان أمن المنطقة العربية واستقرارها ، إن دعم سوريا في هذه اللحظة الحاسمة يعني حماية الأمة العربية من التدخلات الخارجية التي تسعى إلى تفتيتها وتهدد استقرارها وإن التضامن العربي يجب أن يكون أساسياً في مواجهة كل المخاطر التي تتعرض لها سوريا .
ثقتنا بسوريا كبيرة بفضل شعبها الواعي وجيشها الصامد ، وسوريا ستبقى قوية رغم كل التحديات وستتمكن من تجاوز هذه المحنة كما تجاوزت كل المحن السابقة وستعود سوريا كما كانت تلعب دورها المحوري المؤثر في الأمة العربية وستظل تمثل محوراً مهماً في تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة .