كشفت أعمال تنقيب أثرية بالمغرب (وادي بهت/أحد روافد نهر سبو) عن “أقدم مجتمع زراعي بشمال غرب إفريقيا لم يكن معروفا في السابق، عاش تحديدا بالعصر الحجري الحديث”.
وفي دراسة يمكن وصفها بـ “غير المسبوقة” في المنطقة، تم نشرها بمجلة “Antiquity” العريقة، قام بها باحثون مغاربة وأجانب، تم الكشف عن “بقايا نباتية وحيوانية غير مسبوقة، بالإضافة إلى الفخاريات والأحجار، يعود تاريخها جميعها إلى العصر الحجري الحديث الأخير. كما كشفت أعمال التنقيب عن أدلة واسعة النطاق على وجود حفر تخزين عميقة”.
وفق الدراسة التي لخصتها منصة “PHYS” المختصة، فإن “منطقة الاكتشاف جاءت في وادي بهت بشمال المملكة المغربية، ما أبرز أهمية المغرب في ظهور المجتمعات المعقدة في منطقة البحر الأبيض المتوسط”.
وأشار المصدر عينه إلى أنه “في حين إن أهمية المنطقة خلال العصر الحجري القديم والعصر الحديدي والعصر الإسلامي معروفة جيدا، إلا أن هناك فجوة كبيرة في المعرفة بالآثار في المغرب بين حوالي 4000 و1000 قبل الميلاد، وهي فترة لها من التغيير الديناميكي الكبير في معظم أنحاء البحر الأبيض المتوسط”.
وبحسب المجلة سالفة الذكر، فإنه “بفضل بيئته المتوسطية، وحدوده مع الصحراء الكبرى، وامتلاكه أقصر معبر بحري بين أفريقيا وأوروبا، احتل المغرب العربي موقعا مثاليا كمركز للتطورات الثقافية الكبرى والاتصالات بين القارات في الماضي”.
وقال البروفيسور بروودبانك، وفق الدراسة، إنه “مقتنع منذ أكثر من ثلاثين عاما بأن علم الآثار في منطقة البحر الأبيض المتوسط كان يفتقد إلى شيء أساسي في شمال أفريقيا في عصور ما قبل التاريخ المتأخرة. والآن، تبين أن ذلك كان صحيحا”.
تكشف هذه النتائج التاريخية كما أكدت “Antiquity”، أن الموقع كان “أكبر تجمع زراعي في هذه الفترة في أفريقيا خارج منطقة النيل بمصر، وتشير جميع الأدلة إلى وجود مستوطنة زراعية واسعة النطاق مماثلة في الحجم لمدينة طروادة في العصر البرونزي المبكر”.
وأورد المؤلفون أنه “على مدى أكثر من قرن من الزمان، كان آخر ما لم نكن نعرفه عن عصور ما قبل التاريخ المتأخرة في البحر الأبيض المتوسط هو الدور الذي لعبته مجتمعات سواحل إفريقيا الجنوبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط إلى الغرب من مصر، وثبت من خلال هذا الاكتشاف أن هذه الفجوة سببها افتقار العلماء إلى وسائل البحث الكافية”.
وختم المصدر عينه بأنه من الواضح أن “وادي بهت وشمال غرب المغرب الكبير كانا يشكلان جزءا لا يتجزأ من منطقة البحر الأبيض المتوسط الواسعة”. وعلى هذا النحو، فإن “هذه الاكتشافات تغير بشكل كبير فهمنا لعصور ما قبل التاريخ اللاحقة للبحر الأبيض المتوسط وأفريقيا”.