الطفولة هي لبنة المجتمعات، وكثير من البلدان تهتم بأمر الامومة والطفولة بل تأتي ضمن الاولويات لديها.
في مجتمعنا شهد الامر تراجعا مخيفا في ذلك فتردت اوضاع المستشفيات العامة وقلّت امكانياتها ناهيك عن ممارسات الفساد التي طالت كل شيء .. كان لدينا في عدن صرح طبي عملاق مختص بالامومة والطفولة الا ان اوضاعه تردت الى درجة لا يمكنه معها تلبية خدمة الاعداد الكبيرة من المرضى القادمين من مختلف المحافظات .. قبل عامين تماما كانت لنا مريضة في المستشفى اعني (مستشفى الصداقة) وعانينا مثل غيرنا من تلك النواقص التي يطلب منك شراؤها للمريض من الخارج .. واجهنا الاسعار الخيالية المتفاوتة بين مجموع الصيدليات المرخصة في حرم المستشفى دون ان تلتزم بتقديم ادنى تسهيلات .. بل العكس المضاربة في الاسعار واستغلال المرضى بصورة مؤسفة.
مع مرور الايام ونظرا لحالة المريضة قرروا اجراء عملية قيصرية واخراج طفل غير مكتمل من بطن الام وكانوا قد انهوا العملية حوالي الساعة الواحدة ظهرا .. فجأة يسلمون لنا الطفل الخديج في لفافة قائلين لاتوجد لدينا حضانة.
الامر الطبيعي ان يتم تجهيز الحضانة من المستشفى قبل العملية لكن هذا لم يحدث ولم نشعر بذلك حتى نحضر حضانة خاصة.
عموما أخذنا الطفل الخديج في حر الصيف ظهرا وهرعنا ندور ونبحث عن حضانة وكان مرور الوقت يعني موت الجنين، وبعد جهد وجدنا حضانة بسعر خمسين الف ريال يوميا ومثلها علاج يومي.
مكث المولود ما يقارب شهرا في حضانة قطاع خاص..لا اشير هنا الى التكاليف الخيالية والتي هي خارج نطاق قدرات الناس..ولكن اشير للخطأ الطبي وتبعياته المؤسفة.. بمعنى يفترض ان لا تتم العملية الا بتحضير حضانة ما لم فان مصير كل طفل يسلم بتلك الطريقة هو الموت وعليكم تخيل كم طفل يموت جراء ذلك!! امر مؤسف ومحزن لاشك رغم ان توفير حضانات كافية ليس بالامر المستحيل.
عموما انقذنا المولود بأعجوبة بل هي اعجوبة الخالق التي ابقته على قيد الحياة مع ما واجهه من معاناة ومخاطر.
وهو حتى اللحظة يعاني من تبعات ذلكم الخطا الذي نأمل ان لا يتكرر مع مواليد كثر ربما يواجهون نفس المشكلة.
ما جعلني استعيد تلك الحادثة هي تبعياتها المؤسفة والتي ابرزها موت الاطفال جراء تلك الطريقة اللا انسانية في التعامل .. لاشك أننا لايمكن ان نقلل من جهود الطبيبات وكل العاملين في المستشفى ومع ذلك لايتم الاعفاء من المسؤولية في حالات من النوع الذي اسلفنا شرحه.