ونحن في موسم الأمطار والعواصف المطرية يجب على الجهات المعنية بالظواهر المرتبطة بالتغيير المناخي التنسيق مع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية لمتابعة حالة استقرار المنحدرات لجميع المنشآت وبالأخص الطرق العامة، لأن استقرار المنحدرات في ظل مناخ سريع التغير يعدُ مشكلة خطيرة للغاية. حيث التغير المناخي يسبب اضطربات في الهطولات المطرية ويعد ذلك خطرًا لاستقرارية المنحدرات ؛ كون المياه هي العامل الفعال في الانزلاقات الأرضية والانهيارات الصخرية… فإن العواصف المطرية الشديدة والقصيرة الأمد لا تشكل خطورة كبيرة، بينما العواصف التي تمتد لفترة أطول تعد في الواقع أخطر؛ لأن العواصف الكبيرة الشدة تسبب تصريفا سطحيا سريعا مما يجعل هذه المياه غير متاحة للتسرب الى التربة والطبقات الجيولوجية. بينما في حالة العواصف المطرية الطويلة الأمد هناك ظروف مثالية لتغلغل المياه الى التربة وتجعلها مشبعة بالكامل مما يؤدي الى فقدان تماسك التربة وينتج عنه الانهيارات الكبيرة مثل الانهيارات الطينية والانهيارات الصخرية ؟.
إن اليمن يقع في نطاق تكتوني وطبوغرافي وفلكي يساعد في حدوث كثير من الأخطار الجيولوجية منها الزلازل والبراكين والانهيارات الأرضية والفيضانات، وقد دأبت الحكومة اليمنية منذ أن حدث زلزال ذمار في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي وأدى إلى قتل وتشريد الآلاف من السكان، على الاهتمام بدراسة هذه المخاطر.وقد صاحب هذا الزلزال حدوث انهيارات أرضية، وهو ما تطلب من المختصين الاهتمام بهذا النوع من المخاطر وذلك من خلال إجراء تقييم لبعض المواقع المنهارة أو المحتمل انهيارها هذا التقييم يتم بواسطة تقرير أولي يصف الظاهرة ويقترح المعالجات الهندسية الممكنة.
ان اهتمام الحكومة اليمنية بدراسة وتقييم أخطار الانهيارات الأرضية جاء في قرار مجلس الوزراء رقم (4) وتاريخ 2006م عقب الكارثة التي لحقت بمنطقة الظفير بمحافظة صنعاء جراء انهيار الصخور على جزء من القرية ادى إلى وفاة 64 نسمة وتهدم حوالي 11 منزلا بشكل كامل وعدد آخر بشكل جزئي، ونص القرار على دراسة المواقع المشابهة لمنطقة الظفير والذي تبنته هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية التي قامت بموجبه بإنشاء مشروع إنتاج خارطة مخاطر الغطاء الصخري لليمن، وذلك بالتعاون والتنسيق مع متخصصين في جامعة صنعاء وقد مر هذا المشروع بمراحل مختلفة منها التدريب والتأهيل.
ونفذ مشروع إنتاج خارطة مخاطر الغطاء الصخري أعماله وفق اتجاهين الأول إعداد خارطة الأخطار للانهيارات الأرضية وفق استمارة احتمالية الانهيارات الأرضية ( Landslide Possibility Index (LPI) Project: LCHMPوهذه الخرائط ذات مقياس رسم 1:50000 والاتجاه الثاني إعداد التقييم الأولي لمواقع محتمل وحاصل فيها انهيارات أرضية وفق منهجية علمية تشمل وصف الظاهرة وطبيعة المنحدر والظروف الجيولوجية وصولاً إلى اقتراح المعالجات والخروج بعدد من النتائج والتوصيات.
الجدير بالذكر أن إمكانية حدوث الانهيارات مرتفعة جدا في الأيام القادمة وخاصة في ظل التغير المناخي، وسبق أن تم رصد 375 موقعا معرضا للانهيار من اجمالي 400 موقع شمله المسح ضمن (مشروع خارطة الغطاء الصخري) الذي أعدته هيئة المساحة الجيولوجية بوزارة النفط والمعادن في العام 2012م، وأكدت النتائج احتمال حدوث الانهيارات، وهو مايحدث بالفعل، معرضة حياة الناس للخطر، وتلف الممتلكات العامة والخاصة.
من الضروري ايضا الاهتمام بدارسة الصلاحية الجيولوجية ودراسة مواقع إنشاء المشاريع الكبيرة وخاصة الإنشائية (الشقق والعمارات السكنية) بالقرب من مواقع الصدوع والفوالق بعناية، وكذلك هناك خطورة البناء عند سفوح الجبال والمنحدرات غير المستقرة لان هناك احتمالا لانزلاق المنحدرات وتساقط قطع الصخور في مثل هذه المناطق، وهناك احتمالية كبيرة لحدوث الانزلاقات الأرضية بسبب عدم استقرار المنحدرات وتناوب المواسم الجافة والرطبة نتيجة تغيرات المناخ. وفقًا للحالات المذكورة أعلاه يتطلب الأمر البدء بإجراء المزيد من الدراسات وخاصة في المحافظات الشرقية «شبوة وحضرموت» والمناطق الجبلية مثل محافظات تعز وإب وحجة، حيث هناك العديد من الصدوع والفوالق تحت السطحية لا يمكن معرفة الكثير عنها إلا باجراء دراسات جيولوجية وجيوفيزيائية تفصيلية لتجنب الانهيارات الأرضية المحتملة ضمن استراتيجية وخطة دراسات للحد من المخاطر لحماية الأرواح والممتلكات.