نشرت صحيفة (الغارديان) البريطانية مقالا نشره كنان مالك حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدن البريطانية، والتي شملت اضطرابات واحتجاجات، بل وصدامات في بعض الأماكن.
ويرى مالك في مقاله أن الاضطرابات الأخيرة في المملكة المتحدة تعود إلى ما وصفه بـ”تشويه المظالم الحقيقية للطبقة العاملة”.
ويشير إلى أنه بعد مقتل ثلاث فتيات صغيرات في ساوثبورت، سارع كثيرون إلى الاستنتاج بأن القاتل كان مسلماً وصل إلى البلاد على متن قارب صغير، ويضيف أنَّ هذه التكهنات المتعصبة أصبحت ذريعة لتحميل “الهجرة غير المنضبطة” و”رفض المهاجرين للاندماج بالمجتمع” مسؤولية المأساة.
ويتابع مالك في سرده لمجريات ما حدث بالقول، إنّ أول “الاحتجاجات” كانت خارج مسجد ساوثبورت، حيث حُطمت النوافذ وهُدّم أحد الجدران، ويبين أنه وحتى بعد الكشف عن هوية القاتل وهو أكسل روداكوبانا، المولود في كارديف لأبوين مسيحيين متدينين من رواندا، استمر المتظاهرون في استهداف المساجد وإشعال النار في مساكن المهاجرين والاعتداء على المارة السود أو الآسيويين.
وينوّه بأنّ العديد من المعلقين برّروا هذه الأفعال على أنّها “تنفيس عن الغضب ضد النخبة الليبرالية”.
ويبين أن الليبراليين لطالما تعرضوا للانتقاد، لأنهم تعاملوا مع الناخبين من الطبقة العاملة الذين يدعمون السياسيين الخطأ أو لديهم آراء غير صحيحة حول الهجرة على أنهم عنصريون أو جاهلون.
لكن يرى الكاتب أن هناك خلطاً أحدثته الاحتجاجات الأخيرة بين العنصرية وغضب الطبقة العاملة.
وهنا يعرض الكاتب، المظالم التي تعاني منها الطبقة العاملة في مدن مثل سندرلاند أو ستوك، بدءاً من نقص المساكن إلى نقص الوظائف، وعدم توفر عيادات طب الأسنان في هيئة الصحة الوطنية إلى نظام النقل العام المتعطل.
لكن الكاتب يقول إنّ مهاجمة المساجد وأماكن إقامة المهاجرين والاعتداء على الأشخاص بسبب لون بشرتهم أو ديانتهم هو تعصب بحت، ويضيف أن هذه الأفعال تكشف كيف يمكن أن تتحول المظالم إلى حالة مشوهة داخل نقاش وطني مهووس بإلقاء اللّوم على المهاجرين وتحميلهم مسؤولية المشاكل الاجتماعية.
ويضيف أنّ بعض شرائح الطبقة العاملة أصبحت منفتحة على الحجج القائمة على الهوية بسبب الطريقة التي تبنى بها جزء كبير من اليسار، بل والمجتمع ككل، سياسات الهوية، في الوقت الذي قلل فيه من أهمية سياسات الطبقة.
ويوضح الكاتب بالقول إن الأطر التي يستخدمها كثيرون لفهم علاقتهم بالعالم ابتعدت عن السياسة – مثل “ليبرالي” أو “محافظ” – واتجهت أكثر نحو العرقية، مثل “مسلم”، “أبيض”، “إنجليزي”.
ويقول مالك إنه لا ينبغي التعامل مع أعمال الشغب باعتبارها مجرد مسألة تتعلق بالقانون والنظام، مبيناً أنه يجري ترسيخ الحركات الطائفية، ودفع الناس إلى رؤية أولئك الذين يتجاوزون حدود هويتهم باعتبارهم تهديداً، وفق قوله.
ويشدد الكاتب على أهمية قضايا الهجرة والهوية وعدم التخلي عن مجتمعات الطبقة العاملة، مؤكداً أن آلية التعامل مع تشابك هذه القضايا الثلاث ستترك آثاراً بعيدة المدى على السياسة والمجتمع البريطاني.