في حضن عدن الدافئ.. ومن بين خلجات الوطن المليء بالأنين والأمل عادت الشقيقة «الأيام» إلى حضن الشارع الصحفي، بكثير من بقايا التعب والإنهاك، وبكثير من طموحات النجاح الذي رافقها في مسيرتها منذ إعادة إصدارها الأول في أوائل التسعينيات.
التعب والإنهاك باديان على صدر صفحاتها لكنه تعب المحارب الذي خاض معارك بعضها مفترض بحجة ممارسة مهنة المتاعب وبعضها متجاوز بحكم المواجهة الدامية مع السلطة.
وأتذكر أنه في قمة نشاط «الأيام» ذات الصبغة المعارضة، ظلت «14 أكتوبر» وهي الصحيفة الحكومية التي من المفترض أن تقع في الخط المعارض لمعارضة «الأيام» كانت على خط حياد تام مما يجري ولم تستمع لكثير من الأصوات التي تلوم «14 أكتوبر» على هذا الموقف.
ولم تستخدم الصحيفة «14 أكتوبر» كخنجر مسموم في ظهر «الأيام» أو هكذا ما كانت هيئة تحرير الصحيفة تحاول أن تتفادى الوقيعة بينها وبين «الأيام» وكان هذا الخط العام- وان شذ قليلاً بحكم سطوة السلطة الحاكمة- لكن قلوب المحررين والقيادة كانت مع القلب المجروح الذي كان ينزف دما لـ «الأيام» في أيامها الأخيرة.
ومما أذكره أن أحد الكتاب نشر مقالة ظاهرها عسل وفي جوفها سم زعاف يمس باشراحيل الأب المؤسس في لحظة غفلة تحصل في أي صحيفة فما كان من قيادة الصحيفة وأنا أولهم بحكم سفر رئيس التحرير السابق إلى الاستباق بتقديم الاعتذار الشخصي لهفوة تحصل في زحمة العمل إلى الأستاذ تمام باشراحيل عبر الاعتذار المباشر بالتلفون موضحا أن ما كتب لا يعبر الا عن سريرة الكاتب غير السوية.
كان هذا هو الموقف العام لصحيفة «14 أكتوبر» الحكومية أن ترى في عامل الزمالة والمشترك المهني أقوى وأكبر من الاختلاف في سياسة الصحفيين.
ولم تنجح محاولات البعض من كبار متنفذي السلطة يومها أن تجر صحيفة «14 أكتوبر» إلى مهاترات جانبية مع شقيقتها في الانتماء لمدينة عدن المعروفة بسماحتها، تلك المدينة التي شهدت أول تعددية حقيقية للصحافة رغم القانون الاستعماري الذي كان ينظمها، وكانت صحف ما قبل الاستقلال منذ الأربعينيات حتى الستينيات مثالا للتعدد الفكري والصحفي وهي مرحلة تدرس في أروقة قسم الصحافة في عدن وصنعاء وهي مرحلة ذهبية في تاريخ الصحافة الوطنية.
وامتالا لهذه الحقبة الخصيبة في تاريخ الصحافة بمدينة عدن وكذا في حضرموت المكلا، كانت بقايا تقاليد احترام الآخر رغم تعارض سياسات النشر هو سيد الموقف في كثير من المواقف والضغوطات التي تعرضت فيها صحيفة (14 أكتوبر) لتكون سلاحا بيد آخرين لنشوب صراع الأخوة الأعداء، كما يرون.
«14 أكتوبر» احتفظت بالشيء الكثير من الاحترام وامتثالاً لمهنية «الأيام» وكانت عنصرا مؤثرا في تطوير أدائها وأدوات العمل التقني فيها في ظل التنافس الشريف.
اليوم «والأيام» قد عادت بعد سبات قسري يحق للصحافة العدنية والصحافة في الوطن كله أن تستقبل «الأيام» بروح التعدد والتنافس الشريف، والاحتفاظ بالقيم المهنية وقبل ذلك احترام الإنسان الصحفي في «14 أكتوبر» و«الأيام» وغيرهما، لأنهما ينتميان لهذه المدينة المتعددة الأعراق والارومات والمنفتحة على الآخر.
عودة «الأيام» هذه الأيام هي انتصار لعودة الروح لمدينة عدن وانتصار لقيم المهنية الصحفية، والأخوية والزمالة في حمل رسالة التنوير ومشاعل الحضارة وتجسيد صحافة المجتمع لا صحافة السلطة.
فتحية من القلب من هيئة تحرير «14 أكتوبر» لشقيقتها العائدة بسلام إلى محراب صاحبة الجلالة «الأيام». وعدن بك تغتني إلى جانب ما شهدته خلال فترة الغياب من ظهور صحف يومية. وهذا ما يجعل المنافسة الصحفية على أشدها.
وجل ما نتمناه أن تستمر الأخوية الصادقة بين الصحف الصادرة في عدن مهما اختلفت الآراء وتعددت السياسات، لأن شرف المهنة الصحفية فوق كل اعتبار.
فتحية من القلب لعودة «الأيام» الحميدة.. وهنيئا للصحافة هذا البهاء الجديد الذي نتمناه أن يظل دائم البريق واللمعان في تلمس معاناة الناس وكشف الفساد وتقديم الرؤى والمعالجات لحال الوطن والمواطن.
وعادت «أيام» عدن
أخبار متعلقة