لم يكن من السهل على الرئيس اليمني اجتياز أصعب المراحل التي مرت عليه في حياته السياسية منذ أن عرف نفسه وهو يخوض اشد المعارك شراسة وهي تحوم حوله من مختلف الاتجاهات ويقف أمامها بعقل الحكيم المداوي لكل الأمراض المستعصية والمزمنة التي ظلت عالقة في المجتمع وازدادت حدتها بعد قيام ثورات الربيع في العالم العربي لتدق ناقوس الخطر في اليمن وتلفت النظر إلى تلك الأوضاع المتردية التي أوصلت الجماهير من كل حدب وصوب إلى رفض الواقع القديم والمطالبة بالتغيير والحرية والديمقراطية، وبثقة الإنسان الوقور استطاع حقاً أن يجمع من حوله أطياف اللون السياسي والقبلي والعسكري والقوى الثورية في آن ليضع الجميع أمام المسؤولية في إنقاذ الوطن من براثن أوجاع الماضي الكئيب والذي يعاني منه المجتمع وجر الأجيال إلى مستقبل مجهول الرؤية إلى مالا نهاية وتحريره من قبضة العصابات المتخفية بثوب الوطنية والتي جعلت البلد تعيش حالة من التشرذم والتفكك معطلة التنمية الحقيقية ولا تزال تنهش الوطن بلا هوادة أو رحمة.
والرئيس العصامي يعي تماماً مايقول عندما افتتح مؤتمر الحوار الوطني في 18 مارس 2013م أشار على الأعضاء من البداية إلى ضرورة وأهمية الجلوس والحوار على طاولة المحادثات والتفاهم على كلمة سواء ووضع كافة القضايا الوطنية التي بحاجة إلى حلول جذرية دون استثناء احد من المشاركة وان لا يكون حكراً على أحد في وقت كانت حالة التوتر والقلق بين السياسيين مرتفعة إلى أعلى مستوى ومع كل ذلك تمكن بحنكته السياسية والصبر وبشجاعة نادرة وحكمة يمانية تمكن من احتواء الجميع ووضع اللبنات الأساسية كمبدأ يتحاور معه الجميع والذي لا خلاف عليه برغم بروز عدد من العراقيل أمام قيام مؤتمر الحوار إلا انه تم تجاوزها في حينه، وكان يدرك أكثر من أي وقت مضى أن إضاعة فرصة عقد المؤتمر لا يمكن أن تتكرر مرة أخرى وهي لحظة تاريخية ينبغي إلتقاطها وإعطاؤها حقها من الاهتمام في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة التي تساعدنا على الخروج من الأزمة التي أرهقت الشعب وسرعة التغلب عليها وإزاحة رموز الفساد في كافة أجهزة الدولة والسعي إلى إنجاح المؤتمر الذي يؤسس لبناء الدولة المدنية الحديثة.
استمر الرئيس في حرصه على لم شمل الوطن وتمكن من السيطرة بحزم كامل على كافة المسائل وفق برامج محددة يتم متابعتها وتنفيذها بآليات مزمنة ساعدت على نجاح المناقشات في المؤتمر حتى بدأت الأمور متماسكة متفانية من خلال سخونة القضايا المطروحة والتي تهم مستقبل الوطن دون أن يفرض قناعاته الذاتية أو توجهاته الحزبية أثناء تناولها فالمسألة اكبر من ذلك. حاول وبخبرته السياسية أن يضع خارطة طريق حتى يصل الأعضاء إلى قناعة تامة بأن الحوار أصبح ضرورة هامة وتاريخية قد فرضتها ظروف المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها البلاد من اجل حل العديد من المشاكل المقدمة من ممثلي الشعب. حينها ادرك المشاركون أنهم أمام واجب يحتم عليهم الوقوف بمسؤوليتهم الجادة من اجل مراجعة مختلف القوانين والخروقات ومظاهر الفساد التي عصفت بالبلاد واستنزفت ثرواته لسنوات طويلة وخلال فترة انعقاد المؤتمر ظلت شعوب العالم تراقب سير الحوار ومناقشة كافة المسائل المطروحة وشكل نجاحاً منقطع النظير بخطوات متقدمة في اتجاه معالجة واستقرار امن البلاد واقتصاده في ضوء معالجة القضايا الحيوية الهامة الأخرى التي تدور رحاها في ساحة الوطن وتحمل الجميع مسؤوليته أمام الشعب الذي كان يتابع عن كثب كل ما يدور في هذا المؤتمر وهذا يعني أن مخرجات الحوار سوف يستمر العمل بها وانجاز بنودها حتى الانتهاء منها للخروج باليمن من النفق المظلم.
وانطلق الرئيس في موعد آخر مع اختتام مؤتمر الحوار في 25 يناير 2014م وهو يحمل مؤشرات المستقبل منذ البداية متجاوزاً كافة العقبات التي رافقت سير المؤتمر ليؤكد من جديد كعادته المعهودة في زرع بذور الأمل في النجاح حيث تم التقارب لدى الدول أثناء الخروج بقرارات ملموسة اثبت فيها قدرات الشعب اليمني على حل مشاكلهم بأنفسهم دون وصاية من الغير وان إرادة الشعوب لا تقهر والحكم الأول والأخير للشعب وليس من يحكم اليمن كالرقص على رؤوس الثعابين كما هو مشاع.
وبذلك يكون الرئيس المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية حفظه الله قد دخل التاريخ من أوسع أبوابه واثبت عن جدارة بتجاوزه اخطر مرحلة مرت بها البلاد وقضى على الصراع الدائر بين أطراف الحكم واجتهد بما لديه من خبرات وقدرات على جمع المكونات السياسية والمدنية في ضوء المبادرة الخليجية إلى حين إعداد دستور جديد وانتخابات رئاسية وبرلمانية بعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انتهى بنجاح كبير ومشهود له من العالم اجمع يضاف إلى رصيده السياسي عند انتخابه كرئيس بحضور شهادة المراقبين الدوليين للإشراف على صناديق الاقتراع يكون بذلك أول رئيس يمني يتم انتخابه بنزاهة وشفافية منذ ثورة 26 سبتمبر 1962م.
لله درك يارئيس
أخبار متعلقة