تحتفل مدينة عدن يوم غد السبت ، الخامس عشر من مارس ؛ مع باقي المدن العربية الأعضاء في منظمة المدن العربية ؛ بيوم المدينة العربية ؛ الذي يأتي تزامناً مع الذكرى السنوية لتأسيس المنظمة المختصة بتطوير ، وإنماء المدن في مختلف أنحاء الوطن العربي .
ولعل أجمل ما في هذا الاحتفاء ؛ هو الهدف الذي يستشف من الشعار الذي رفعه المختصون بهذه الاحتفالات ؛ والذي نص على ( مدن مستدامة .. تحضر مستدام ) ذلك أن هذا الشعار قد لامس ؛ بل مثل استيعاباً رائعاً لمتطلبات ظلت مهملة ، ومعطلة على مدى سنوات طويلة منذ طرد المستعمر البريطاني ، وتحقيق الاستقلال ؛ الذي انشغل القائمون عليه ، ومن جاؤوا من بعدهم، وعلى مدى عشرات السنين من عقليات التطرف، والإقصاء ؛ ببعضهم البعض ، فلم يكن بإمكانهم سوى إلحاق الضرر بما هو موجود ، وإلحاق المتعوس بالمنكود ؛ حتى صار الحال حطاماً ، وركاماً ، وقمامات تزخر بالدود، ومخلفات متخمة بـ( عكابر ) سود ، فلا لقينا المراد ، ولا أدركنا المقصود !! .
لقد تسلم المهندس وحيد رشيد محافظ عدن المحافظة قبل سنتين ـ على سبيل المثال ـ تلالاً من القمامات المعجونة بمياه الصرف الصحي ، مع أن صندوق النظافة في المحافظة بقيادة المهندس الرائع قائد راشد أنعم ، وبجهود الأيادي السمراء الرائعة ، والجميلة لم يقصروا جميعاً ؛ بل لقد ضرب صندوق النظافة بعدن المثل الرائع في العمل، والتنظيم ، واعتماد أجدى السبل للوصول إلى ما ينبغي من النتائج المشرفة في النظافة ، والتحسين ، ولكن بسبب عدم توفر عامل الاستدامة في مشاريع البنية التحتية ؛ امكن في ظرف سياسي بسيط ، يحصل في كل بلاد الله ، أن تكون النتائج عندنا ، وكما رأينا جميعاً ؛ قاب قوسين أو أدنى من الكارثية المفجعة ؛ لولا أن تداركنا الله على يد ابن عدن الأصيل ، الأخ المحافظ وحيد رشيد ، والإخوة في صندوق النظافة ؛ الذين شنوا تحت توجيهاته، وبقيادة الأخ قائد راشد أنعم حملات واسعة ، وشاركوا العاملين بأيديهم في إعادة الاعتبار لنظافة عدن .
لقد نبهنا قبلاً المختصين جميعاً ، ونصحنا مراراً، وتكراراً ؛ منذ بداية التسعينات ؛ بضرورة جعل عامل الاستدامة نصب الأعين ؛ وهم ينفذون مشاريع الطرقات ، والكهرباء ، والمياه ، والصرف الصحي ، والهاتف ، والمشاريع الإسكانية عامة ، ونبهنا إلى أهمية الدراسات العلمية للمشاريع ، ومن مختلف الزوايا ، والأبعاد ، والاستفادة من خبرات الغير في هذه الشؤون ، وإلى أهمية الدقة ، والتنسيق ؛ للوصول إلى النتائج المرجوة ، ولكنا كنا كمن ينفخ في قربة مثقوبة ، وكما قال المتنبي : لقد أسمعت لو ناديت حياً ، ولكن لا حياة لمن تنادي !!
وهكذا ؛ جاءت المشاريع تلو المشاريع ، خراباً يتلو خراباً، وضياعاً بعد خسار ، وكما يقول المثل : رزق المجانين على المهابيل !! واشتغل يا فساد ، وارقصي يا رماد ؛ ضاع مال البلاد ، في جيوب العباد ، واتخمت موبقات من خراب المزاد !!
إننا نعتقد أن رفع شعار الاستدامة سيمثل ـ إن شاء الله، ثم بعناية المخلصين من أبناء الوطن ـ مؤشر صحوة ، وخصوصاً في هذه المرحلة التي يتم البدء فيها جدياً ، وبرئاسة الأخ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية في عملية تأسيسية ضخمة ليمن اتحادي جديد ؛ تطبيقاً لنصوص مخرجات الحوار الوطني الشامل ؛ التي حملتها أهداف ثورة فبراير 2011 م ؛ المتواصلة اليوم بصياغة الدستور الاتحادي المأمول ، والذي سيعيد الأمور إلى نصابها بعد سنوات طويلة من الفساد ، والظلم ، والإقصاء.
ومع هذا ، وذاك نقول : إن العمل سيبقى مشوهاً ، وستبقى الاستدامة أملاً ؛ مالم تخلص النوايا وتتكامل جهود التنمية ، ويوضع هدف الاستدامة نصب الأعين، ذلك أن بقاء الحال على ما هو عليه ؛ سيجعلنا كمن يمشي؛ وهو ينظر في جهة واحدة ؛ فإذا سقط عاد من حيث بدأ ، وهلم جراً من العبث الذي لا يستفيد منه سوى أصحاب الكروش المنتفخة ، وبراثن الفساد الذي لن يشبع بحال من الأحوال ما لم نكن نحن من نقول له : قف !!
الاستدامة ستبقى أملاً
أخبار متعلقة