لا شك ان اليمن يخسر مئات المليارات من الريالات سنوياً التي تذهب إلى جيوب الفاسدين والنهابين للمال العام فمنهم من يقوم بالاستيلاء عليه عن طريق الاحتيال والغش والتزوير وقبل ان يصل إلى خزينة الدولة ومنهم من يستولي عليه في اطار مسؤوليته في أحد الأجهزة الإدارية حيث يستغل تلك المسؤولية في الاحتيال والاستيلاء على المال العام بدل ان يصرفه في المجالات الصحيحة التي حددتها ميزانية الجهاز الإداري الذي يرأسه كما ان خزينة الدولة تتكبد الكثير من النفقات التي تدفعها إلى شخصيات طبيعية أو اعتبارية بطريقة لا تستحقها وانما صرفت لها لاعتبارات لا تخدم المصلحة العامة حيث اصبح قطعها يمثل صعوبة على القائمين على خزينة الدولة لما تمثله هذه الجهات من ضغط وتهديد.
ومن المؤكد ان النظام السابق قد خلف تركة ثقيلة من الفساد في مختلف المجالات في اليمن حيث انه كان نظاماً فاسداً يتنافى في وجوده واستمراره مع بناء دولة حديثة يسودها النظام والقانون واحترام الحقوق والحريات، ولذلك فإن هذا النظام لم يحقق شيئاً يذكر لهذا الشعب سوى ما نعيشه اليوم من تخلف واختلاف بينما نهب هذا النظام الفاسد واعوانه من الفاسدين عشرات المليارات من الدولارات من أموال هذا الشعب المظلوم ولم يكتف بهذا النهب والسلب والفساد وانما يحاول واهماً الوقوف ضد مصالح الشعب وحقه في بناء يمن واحد يسوده الأمن والاستقرار وتحقيق العيش الكريم لكل ابنائه.
وكم اليمن بحاجة الآن إلى اتخاذ كل الاجراءات والوسائل التي تحفظ المال العام وتصونه من الاحتيال والنهب والاستيلاء غير المشروع حتى تعود للمال العام حرمته واحترامه وبذلك تسترد الخزينة العامة للدولة عافيتها وينخفض العجز في الميزانية ويتحسن ميزان المدفوعات ولذلك فإن من الاجراءات لتحقيق ذلك ان تؤدي اجهزة الرقابة والمحاسبة عملها بكل كفاءة واقتدار وان توضع لها الامكانات التي تساعدها على كشف الفاسدين الذين ينهبون المال العام والتحقيق معهم واحالتهم إلى أجهزة القضاء لينال الفاسد جزاءه مهما كانت وظيفته أو مكانته وان لا يكون وضع هذه الاجهزة كما كانت في السابق مجرد واجهات وخاصة امام الخارج ليتسول من الدول والمنظمات الدولية المال والمساعدات لتذهب إلى مصالحه الخاصة، كما انه لابد من الأخذ بالنظام الإداري الحديث الذي يساعد على اختصار الوقت وسرعة الانجاز وكشف الخلل والفساد في اجهزة الدولة المختلفة .. ومن الاجراءات التي لا بد من اتخاذها لصون المال العام وحفظه ان يتم تغيير المسؤولين الفاسدين في اجهزة الدولة بشكل عام وفي مرافق الايرادات المالية بشكل خاص وبحيث يعين بدلاً منهم الاشخاص المشهود لهم بالامانة والنزاهة والاخلاص وبغض النظر عن انتماءاتهم السياسية وان يكونوا تحت المراقبة المستمرة لمعرفة كفاءتهم وحرصهم على المال وصونه من ان تصل إليه أيادي الرشوة والعبث والفساد وهذا اجراء مهم لابد منه إذا أردنا التصحيح والتغيير لأن النظام السابق كان إذا أراد ان يكافئ شخصاً ما ويقاسمه في الفيد يعينه على رأس جهاز مالي ايرادي كالجمارك والضرائب وغيرهما من الاجهزة المالية الاخرى.
ولذلك فإنه من خلال الواقع والتجربة وما نلمسه جميعاً ان كل من يرأس جهازاً ادارياً سواء كان مدنياً أو عسكرياً فإن النظام الاداري والوضع السياسي يتيح له ان يمارس الفساد ونهب المال العام دون ان يتعرض لأية محاسبة أو عقاب وعلى سبيل المثال لكم ان تتصوروا ان احدى الادارات العامة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع وتحديداً الادارة العامة للتوجيه المعنوي للقوات المسلحة هذه الادارة المهمة كانت تتبع وزارة الدفاع من حيث الشكل ولكنها من حيث الواقع الفعلي كانت عبارة عن امبراطورية خاصة يديرها ويتصرف فيها بصورة مطلقة ولسنين طويلة احدى الشخصيات العسكرية المحسوبة على النظام السابق، ولذلك فإنه عندما صدر قرار بتغييرها وتعيين شخصية عسكرية اخرى بدلاً عنها، ما كان منها إلا ان قامت بتفكيك ونهب محطة ارسال تلفزيونية فضائية تعتبر من املاك التوجيه المعنوي للقوات المسلحة وسلمتها للنظام السابق والذي يستخدمها الآن كقناة فضائية للتضليل والكذب وضد تطلعات الشعب اليمني في التغيير إلى الأفضل في ظل دولة اتحادية يسودها الأمن والاستقرار والمواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية في تقاسم السلطة والثروة.
لقد قامت الثورة الشعبية في اليمن من أجل التغيير وتشكلت الحكومة الحالية بهدف التغيير وانتخب الشعب اليمني الرئيس المناضل عبدربه منصور هادي وبنسبة لم يسبق لها مثيل من اجل التغيير .. وعلى الشعب اليمني ان يسير الآن باتجاه التغيير .. لنصنع جميعاً اليمن الكبير.
صيانة المال العام بين الواقع والشعارات
أخبار متعلقة