قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) أية 37 سورة المائدة وهي آخر آية نزلت في القرآن الكريم وتؤكد أن الإسلام دين وليس سياسة والفرق بينهما شاسع ومن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الكثير من المتطرفين من الرجال الدين والتابعين لهم في هذا الزمن الرديء، وهناك فرق بطبيعة الحال، فالدين شيء ثابت لا يتغير وهو شرع الله وحده فيما السياسة متغيرات لا شيء فيها ثابت تحكمها قوانين وضعية ودساتير قابلة للتعديل والزيادة والنقصان بحسب الزمان والمكان، إضافة إلى أنها من وضع البشر وأعمالهم اليومية ومن هنا ضاعت الفكرة وبدأت الفرقة والتشتت فيما بينهم والذي لم يكن معهوداً عند بداية ظهور الإسلام وانتشاره في تلك الفترة الذهبية، وخلال القرن السابع الهجري بدأ ظهور المذاهب الأربعة حينما انقسم المسلمون وتوسعت الخلافات حتى أخذت طابع الصراعات والاقتتال ثم الغلو واستمرت زهاء (700) عام.
لقد تركت المذاهب اليوم تفرقة ومتاعب جمة بين المسلمين وانتشرت بأعداد واسعة تتمسك بما لديها من قناعات بعصبية غير مسبوقة باعتبارها أصحاب حق أو أنها الفرقة الناجية من النار كل ذلك جعل الناس تصل إلى قناعة تامة بأن النقص والعيوب ليست في الدين الأسلامي الحنيف، بل العيب الأساسي والكبير بالأوصياء على الدين الواحد الذين تركوا الكتاب والسنة إلا من رحم ربي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تتفرق أمتي إلى 73 فرقة كلها في النار إلا التي تتبع سنتي) والمذاهب كما هو معروف ليست بديلة عن الدين، وكفى عبثاً وصراعات لا يستفيد منها سوى الأعداء في كل زمان ومكان وما هو حاصل تجاه الأمة اليمنية غياب النصح السليم من الكتاب والسنة حيث ظلت ظاهرة التطرف وما زالت في متاهات السياسة والغلو لا يخدمون سوى أعداء الإسلام الذي جاء لينقذ البشرية من الضلال والضياع وعبودية الأوثان ويعيدهم إلى التوحيد وعبادة الله الواحد الأحد والعيش في سلام ومحبة، إلا أن ما يجري اليوم هو العكس حيث يعيش المسلمون قاطبة في تفرقة وقتال متواصلين مع الذين يختلفون معهم في أمور الدين الواحد.
فهل هذا هو الدين الإسلامي الحقيقي الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟..كلا. إذاً لماذا هذه الفرقة التي أوصلتنا إلى حالة مأساوية؟ في اعتقادي يعود السبب الرئيسي إلى الخلل الواضح بين المسلمين أنفسهم وعدم فهم بعضهم لدينهم حيث تراهم يأخذون ما يشاؤون ويدعون مثله من الشريعة كما يتضح ذلك في فرق البدع والضلال التي تتبع أهواءها (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) أية 159 سورة الأنعام. وهذا تحذير للمسلمين بالابتعاد عن التعصب الديني أو أن يتشبهوا بالمشركين الذين فرقوا دينهم مثل اليهود والنصارى والمجوس.
الإسلام دين سلام وليس دين عنف أو تطرف أو غلو (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً عن سواء السبيل) أية سورة الأنعام. أما الخلط بينهما والاستمرار في التطرف والغلو فلا يعكس سوى التعصب الأعمى بجهالة لتلك المذاهب التي فرقت الأمة الإسلامية حتى وإن كانت الاختلافات في الفروع كما يدعي أهل الفرقة، أن الله لم يأمرنا بإتباعها، بل أمرنا بالاجتماع والأئتلاف وينهى عن التفرقة في الدين وسائر الأصوليات والفرعية، بل الحقيقة المطلقة والتي يعرفها الجميع والتي لا خلاف عليها أن الدين واحد والرسول واحد والإله واحد، وبدلاً من نشر الدعوة الإسلامية وتجديدها كما ينبغي بين أوساط المجتمع الذي لا يزال يجهل أمور دينه اتجه البعض من الفقهاء إن جاز لنا تسميتهم بذلك إلى زرع الفتن والتفرقة بين المسلمين وإصدار الفتاوى حسب الطلب ودرجة الارتباط بالدوائر الخارجية التي تتآمر على بلادنا اليمن دون توقف.
الإسلام دين سلام
أخبار متعلقة