الفعل الاقتحامي البناء ؛ الذي اجترحته المكونات السياسية المصغرة لفريق القضية الجنوبية ( يوم الاثنين الماضي ) والمتجسد بشموخ في التوقيع على وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية ، لا يمثل فقط ترجمة بليغة لحرص المخلصين من كل الأطراف المشاركة على مستقبل هذا البلد ؛ بل ويمثل كذلك إدراكاً عميقاً لما يقتضيه نبض الشارع ، ومطالبه الملحة الموجهة للمؤتمر الوطني الشامل للحوار ، والمتحددة بجلاء؛ بضرورة الخروج الآمن من نفق التجاذبات ، والتناقضات المتقدة ، وبما يحقق الانتصار الحقيقي، الرائع ، والواعي لمستقبل اليمن، وجيلها الجديد ؛ الذي نهض بكل قواه لصنع غده بيده ، بعيداً عن وصاية ، وهيمنة قوى الفساد ، وعقلية الاستحواذ ، والقهر ، والقمع ، والتخلف .
وإذا كان هذا التوقيع قد اعتبر من أهم الثمار اليانعة للحوار الوطني الشامل باعتبار هذه الوثيقة ( الموقعة ) الركيزة الأساس للإصلاح الشامل ، وفاتحة مبشرة لحل كل الملفات العالقة حتى الآن في ضوء الاتجاه العام للمؤتمر الوطني الشامل ؛ فإن القوى المتحاورة لم تزل مطالبة بمزيد من العمل المخلص ، والسريع، وبما يحقق صفة الاستدامة لهذه الحلول، ويمكِّن بحق من إقامة مداميك الدولة اليمنية، الديمقراطية، الموحدة ، القوية ، دولة النظام والقانون، دولة العدل ، والمواطنة المتساوية ، باعتبار أن مؤتمر الحوار قد مثل جوهر التغيير الشامل ، وأساسه ؛ من أجل الخروج بمنظومة حكم جديدة ، فاعلة ، تتواكب وعصر الحداثة ، ومتطلبات القرن الحادي والعشرين، وبما يلبي طموحات ، وتطلعات الإنسان اليمني ، بمختلف اتجاهاته ، وشرائحه الفاعلة .
إننا ـ أيها السادة ـ بحاجة إلى أن يقف اليمنيون، وفي مقدمتهم المتحاورون مع الوطن ، وفي صفه.. أن يقفوا مع أنفسهم .. مع الإنسان .. مع دولة القانون القوية .. فقد طحنتنا المراحل السابقة بما يكفي ويزيد لسنين طويلة ، وحولتنا إلى طوابير من الجوعى ، والمرضى ، والمكتئبين بحر قهرنا ، ونار فقرنا ، بل وعوزنا الساحق ، الماحق ؛ جراء سوء توزيع الثروة ، وفرص العيش ، وتركيز ، وتمركز رأس المال ، وتسلط رأس المال المتطفل ، والمتعلق بجدران الفساد النافذ ؛ على حساب رأس المال الجاد ، والصادق ، والذي ظل محارباً ، ومنفياً في كل أصقاع المعمورة .
إن المهم اليوم ، وبعد أن أتفقنا على الإطار الواسع للدولة ـ ليس أن يغدو لدينا إقليمان ، أو ستة أقاليم؛ بل المهم أن نعمل سوية في ظل الدولة الاتحادية ، القوية ، العادلة
على طي صفحة الماضي ، والتوجه صوب وطن آمن، متطور ، ومزدهر ، تحترم فيه إنسانية الإنسان، وتصان فيه الحقوق .
هذا هو المحك .. فإما أن نكون في مستوى المسؤولية الوطنية ، فنعيش كما نحب أحراراً ، كراماً ، وإما أن نعيش أذلاء نستجدي الغير ، مشردين ، مطرودين.. سيظل الأمل في الله كبيراً ، ولن نيأس مادام في اليمن حكمة ...
[email protected]
فعل اقتحامي
أخبار متعلقة