بغض النظر عن مواقف الحكام العرب وحساباتهم وصفقاتهم التى تشمل فيما تشمل منظومات إعلامية و«دينية»، فإن المواطن العربي البسيط يعتصره الحزن والأسى لما آلت إليه أحوالنا، إذ لأول مرة في التاريخ الحديث، يستنجد سياسيون ونخبويون وشيوخ من الناطقين بلغة الضاد بالجيوش الغربية وعلى رأسها، الجيش الأمريكى بأداته، ذات السجل «المضىء؟»أي حلف الناتو، كما شاهدنا في العراق، ويتم الدفاع عن احتلال غربي، وفي قول آخر «صليبى!»، لقطر عربى، والأدهى، بدعاوى مختلفة أكثرها مدعاة للسخرية، أن بشار الأسد ليس ديمقراطيا؟؟؟ يا خبر! وكيف لا يقتدى بالنماذج التى تسيل ديمقراطية وتعتبر نموذجا يحتذى في بقية أصقاع الوطن العربى المزدانة أقطاره بحبات الماس الديمقراطية.. ولا تعنى إشارتى تلك أن النظام السوري، ليست عليه مآخذ، ولكنها وفى اعتقادى، أقل بفراسخ وأميال من سلبيات بعض الأنظمة العربية التى تبدى حماسا لا سابق له للديمقراطية، على أن تضمن لها القوات الأجنبية أنها سوف تسهر على أن تظل «ديمقراطية» ما بعد الاحتلال، حبيسة حدود الدويلات التي ستنتج عن تفتيت الوطن السورى، ولكن الأكيد أن الدعوة إلى احتلال دولة عربية هي سوريا، يمثل طعنة خنجر خائنة فى قلب كل عربى مخلص لعروبته، حيث لسوريا بتاريخها الطويل مكانة خاصة في قلوب العرب، ومكانة شديدة الخصوصية فى قلوب المصريين.. فالناس في مصر يتابعون تطورات الداخل بكل جوارحهم، ورغم هذه الظروف الخاصة، فالمصرى يصعب عليه تحمل ضرب وتدمير قطعة من أرض دولة الوحدة، التي بعد مؤامرة الانفصال وطلب البعض من عبدالناصر أن يأمر بإجهاضها بالقوة، أجاب الزعيم بما لا يقبل اللبس: «ليس من المهم أن تبقى سوريا جزءا من الجمهورية العربية المتحدة، ولكن من المهم أن تبقى سوريا!!».
ولا يستطيع مواطن مصري أن يمحو من وجدانه اختلاط الدم المصري والدم السوري في حرب أكتوبر المجيدة، ولا صيحة دمشق من وسائل البث بعد استهداف العدوان الثلاثي لإذاعتي القاهرة وصوت العرب، عندما دوّت هذه الصيحة معلنة من دمشق: «هنا القاهرة».. ووشائج القربي بين القاهرة ودمشق تحتاج إلى صفحات لا تنتهى، وسوف تتواصل أبد الدهر وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولكل هذه الأسباب لا يملك المتابع للمتغيرات على الساحة العربية وما بات شبه مؤكد من جهود أمريكية بواسطة تيارات اليمين الديني المتطرف في ولعه بكراسي الحكم، لتفتيت الوطن العربى وهو ما يقتضي تغيير الهوية، بحيث بدلاً من إعلان رفض التدخل الأمريكي فى شئوننا الداخلية عامة والعسكرية منها بوجه خاص، تتبارى أقلام وتصريحات الملحقين بالمشروع والموظفين، بمختلف اللفتات والوجوه لتحليل الحرام وتحريم الحلال الوطنى، لاستدرار دموعنا على كرامة الأخ باراك أوباما المهدرة، فيصل الفُجر إلى حد تبرير الضربات الحربية الأمريكية لسوريا، واستباقا لأية تقارير دولية بصدد ادعاءات استخدام النظام وليست المعارضة التى يسلحونها بكافة أنواع وسائل القتل والتدمير، ويطلبون «تفهم» وضع أوباما «المضطر» يا عيني، لضرب سوريا عسكريا حفظا لماء وجه سيادته.. ولا تنبس ببنت شفه، عن الدماء العربية السورية الموعودة بالسفك، على اعتبار أن عدم إراقة ماء وجه أوباما أهم من الحفاظ على دمائنا، التى يراها الخونة، أرخص من الماء، لكن على أوباما وعملائه أن يعترفوا بأن ما يجرى في عروقنا دماء أغلى علينا من ماء أي وجه كان.
ماء وجه أوباما ودماء العرب
أخبار متعلقة