لا جديد في خطابات الرئيس، هي ذات القاعة التي كان يخطب بها مبارك وذات الوجوه التي كانت تصفق وتهلل مع فارق الذقن، لكن بإخراج في منتهي السوء وبإدارة بدائية وساذجة في إعداد الديكور الخاص بمسرح قاعة المؤتمرات والتي عكست ألوانه افتقاد من قام بها لأبسط قواعد الفن والرسم وقلة الذوق في اختيار الألوان والرسومات التعبيرية على المسرح التي تعبر عن مدى التدني في مستوى الذوق العام للعاملين بالرئاسة وانعدام الإحساس بأهمية المناسبة - إذا كان للمناسبة أهمية في الأساس - التي لم تثمر عن شيء جديد سوى مزيد من تأزم قضية سد النهضة مع إثيوبيا. ولا ندري من في مؤسسة الرئاسة أو من يتم الاستعانة بهم من خارجها لتصور وإعداد ديكورات المسرح أو الخطاب الذي سيتحدث مرسى من فوقه، ولا ننسى خطاب مرسى ومن خلفه حقول القمح وأمامه البوابات الأمنية التي كانت مثاراً للسخرية والتندر وكانت الأكثر تأثيرا وتداولا بين الناس من مضمون الخطاب نفسه. وأظن أن مشهد الخطاب الأخير كان مثارا للتندر أيضا واعتبره البعض فرصة لبرنامج «البرنامج»، بما حواه من لغة التهديد والحرب والدم والرسومات والألوان الفجة والمزعجة و«الأيدي الناعمة» التي تحمل الزرع، ناهيك عن الحالة المسرحية التي انتابت بعض أفراد الأهل والعشيرة في التهليل والتكبير والتشنج في التعظيم والتفخيم لمرسي بحركات متفق عليها مسبقا بالتأكيد.
المشهد برمته كان بائسا وفقيرا، فالرئيس الذي كان من المفترض أنه يخطب في مؤتمر القوى الشعبية لمناقشة أزمة سد النهضة الإثيوبي، لم يكن حاضرا أمامه سوى الأحزاب والقوى والحركات الإسلامية من الأهل والعشيرة، بل حضر لأول مرة من يطلقون على أنفسهم الآن «جهاديون» من الإرهابيين المتقاعدين السابقين المتهمين في قضايا اغتيالات سابقة للرئيس الراحل أنور السادات والدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق والمفكر والكاتب الدكتور فرج فودة، بل من الذين يمنحون قتلة جنودنا وضباطنا في سيناء الغطاء السياسي الشرعي ويقفون حائط صد ضد مطاردتهم واعتقالهم ومعاقبتهم.
فالرئيس كان يخطب ويعلن أن دماء الشهيد النقيب محمد أبوشقرة ضابط الأمن الوطني الذي اغتالته يد الخسة والندالة والإرهاب في سيناء لن تضيع هدرا، وهو يشاهد الجالسين أمامه من الذين يتعاطفون ويؤيدون ما يقوم به الإرهابيون في سيناء.
أما في المضمون فبعيدا عن الدعوة الاستهلاكية للحوار الوطني الشامل مع القوى السياسية الرافضة لأدائه السياسي، فقد جاء حديثه عن أزمة سد النهضة متوترا ومرتبكا كالعادة، مليئا بلغة التهديد والتلويح باستخدام السلاح والقوة في قضية لا ينفع معها سوى لغة الحوار الهادئ والدبلوماسي مع إثيوبيا. فالدول في مثل هذه القضايا المعقدة لا تستهلك كل أوراقها السياسية والدبلوماسية مرة واحدة وتصل إلى الحل العسكري الذي يعكس عجزا وفشلا في إدارة الأزمة دبلوماسيا وسياسيا، فالحديث عن الدماء والبدائل العسكرية يزيد من الأزمة ولا يساهم في حلها.
بشكل عام الرئيس مرسي كلما تحدث نرفع أيدينا للسماء وندعو «استرها يارب».
الدم والحل العسكري وخطاب الرئيس
أخبار متعلقة