منذ أكثر من خمسين عاما و تعز غنيمة وبقرة حلوب يتقاسم خيراتها مثلث الشر معتادو ثقافة الفيد بأضلاعه العسكرية والحزبية الدينية والقبلية الوافدة عليها في غفلة من الزمن والذين استلبوا كل شي بدءا من تعيين مسئولي نقاط التفتيش العسكرية المدرة للدخل في مداخل المدينة مرورا بالاستحواذ على الوظائف القيادية العسكرية والأمنية والقضائية وانتهاء بالاستيلاء على الأراضي باهظة الثمن بما فيها التباب المطلة وأراضي الأوقاف وأملاك الدولة التي زوروا وثائقها .
كل شيء في تعز لم يكن لتعز ولا لأبنائها الصابرين حتى الضرائب والإيرادات المهولة كانت تورد مركزيا في الوقت الذي حرم أبناء تعز من شربة الماء النظيفة ا ليوم ومنذ أكثر من عامين وتعز تتوجع وتصرخ مستغيثة من هول ما تعانيه من تآمر وتدمير وتشويه منظم ولكن ليس هناك من مجيب .تعز التي فتحت ولازالت فاتحة ذراعيها لكل أبناء الوطن ضافية عليهم كل ما ادخرته عبر العصور من حب ووفاء وعطاء بنكران ذات عجيب أصبحت اليوم في مرمى سهام الجميع دون استثناء - فلا فرق في نظري بين الجاني والمتقاعس عن الدفاع عنها في هذه المحنة التي طال أمدها _ من منا في طول وعرض اليمن يرضى أن تصبح عاصمة الثقافة اليمنية والمدينة الأكثر مدنية ساحة للقتل والتقطع والنهب والسطو المسلح تحت تهديد السلاح إلى الحد الذي أصبح ضباط وأفراد الأمن المنوط بهم حماية امن المواطن يبحثون عمن يؤمن حياتهم بعد أن تعرض عدد منهم للتقطع واستلاب أسلحتهم الشخصية.
من يصدق أن تتحول تعز التي حمل أبناؤها مشروع الدولة المدنية الحديثة إلى ساحة للحروب القبلية كما هو حاصل اليوم في صبر والراهدة والجند وشمير وشرعب والبرح و غيرها من المناطق ,من يصدق أن يتحول الكثير من شباب تعز الذين حملوا مشاعل الحرية والتغيير والعلم والمعرفة إلى مدمني ومتعاطي حبوب الهلوسة والمخدرات بعد أن تكفل البعض بتوزيعها دون مقابل حبا فيهم .هذه الصورة ليست من بنات أفكاري أو نسيجاً من خيال بل هي حقائق مدونة كنقطة سوداء في تاريخ تعز الأبيض كبياض قلوب أبنائها الذين نشاهدهم اليوم بفعل الانقسام السياسي ينظرون إليها وهي تذبح وتستباح من قبل عصابة من المقاليع الخارجين عن النظام والقانون ومليشيات حزب الإخوان المسلمين المدعوم من قيادات عسكرية وقبلية في صنعاء وعمران أبت إلا أن تجهز على البقية الباقية في هذه المدينة المسالمة وتحويلها إلى نسخة مكررة من العصيمات التي تآمر عليها البعض- هي الأخرى - وحولوها إلى مقاطعة قبلية مشدودة للماضي الرهيب البعيد كل البعد عن إي مظهر من مظاهر العصر وروح المدنية الحديثة .وهنا يجدر بي أن أخاطب كل صاحب عقل وضمير حي من أبناء تعز واليمن عامة أن يتناسوا الأحقاد وان لا يجعلوا من الاختلاف السياسي طريقاً أو ممراً للخلاف والفرقة التي تدفع ثمنها تعز وأهلها ويأتي في المقدمة دور الأحزاب السياسية وقياداتها دون استثناء.
وكم كنت أتمنى أن أشاهد قيادات المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي والوحدوي الناصري والإصلاح والبعث وبقية الأحزاب وهي تعقد اجتماعا استثنائيا لمناقشة الوضع المتردي الذي وصلت إليه تعز وان يكون الجميع سندا وعونا أمينا مخلصا للمحافظ شوقي هائل الذي قبل أن يكون على رأس السلطة فيها رغم العثرات التي يسعى البعض لزرعها في طريقه .فهل آن الأوان أن نتدارك الأمر وننقذ الحالمة من براثن المتآمرين عليها وهم معروفون أم أن الأمر يتجه كما قال احد الأصدقاء من عمران بلهجته الدارجة العامية «فرحنا بثورتكم يا أهل تعز عتمدنونا وإذا بكم قبايل أعظم مننا». والأخطر من ذلك إذا استمر الوضع هكذا فإننا قد نصحو يوما على حراك تعزي يعلو صوته أصوات سابقيه وتفوق مطالبه حدود الزمان والمكان.
تعز : حراك يفوق حدود الزمان والمكان
أخبار متعلقة