أمس الاثنين .. كان يوماً عدنيا مميزا بتميز حضور نوعي للمتضامنين المحتجين على جريمة مقتل شابين في مقتبل عمرهما في صنعاء بطريقة بشعة لا تنم عن سلوك بشري إطلاقاً بل تدل على سلوك وحشي أقل ما يمكن القول عنه بأنه ( همجي) ولا يعبر عن سلوك إنسان في الألفية الثالثة، ولا عن يمني ( قبيلي) إطلاقاً .. فالقبيلة انتماء وسلوك ونصرة للحق، وليس العكس .. وما حدث هو هدم للقيم والأخلاقيات.. ولكن..
لقد حضر جمع من أهالي وساكني وأبناء عدن إلى أمام مكتب المحافظة بالمعلا ، وحشدوا الجمع بشعارات وكلمات معبرة عن الصدمة ومطالبة بالقصاص، شرع الله الذي لن نحيد عنه ، كما أوضحوا منددين بانفلات الأمن وتراخي الدولة ، رغم معرفة القتلة ومكانهم ، وبذلك كان الأمل أن يتلقف المحافظ أو من ينوبه على الأقل من أعضاء المحافظة أو المجلس المحلي بالمديرية ( المعلا) لكي يستمع للمحتشدين ، ولكن لم يحدث..ربما هو الخوف الذي رأيناه قد تم به إغلاق بوابات المحافظة من رجال الأمن خوفاً من الصدمات لكن الحشد كان بعيداً عن أي توقعات، فهو تجمع مدني طلابي شبابي ثقافي اجتماعي نسوي وبه عدد من أولياء وأقرباء الشهيدين، الذين أظهروا سلوكاً مميزاً رغم ألمهم وخسارتهم الفادحة إلا أنهم حمدوا الله على كل حال وطالبوا بالقصاص ليس إلا!
أحد أقرباء الشهيد خالد الخطيب - ربما والده - ألقى كلمة عبر الهاتف عبر فيها عن شكره للمتضامنين وحبهم للشهيدين ، حامداً الله على ما حصل ، مطالباً بأن يتم تسليم القتلة إلى القضاء لسرعة القول الفصل وتنفيذ شرع الله.
المذيع المتألق الأخ/جهاد لطفي جعفر أمان ألقى كلمات مختصرة عبر فيها عن شعوره إزاء الحدث شاكرا الجميع على مؤازرتهم إزاء الحدث الجلل مطالباً بالمحاكمة العادلة وتنفيذ كلمة القضاء التي لا مهرب منها.
الحشد كان معبراً والعيون ذرفت الدموع ، ورغم شدة حرارة الشمس الحارة ، ظل الحشد يتكاثر ويتزايد في مشهد تعبيري تضامني فريد .. وكم كان المشهد حزيناً وأنت ترى صور الشهداء الأبرياء وهم في عمر الزهور تزهق أرواحهم لأسباب لا يقرها عقل أو منطق حتى أهل( الأمازون) أو ( الاسكيمو) المعروف عنهم مثل هذه المواقف لكن بأسباب غير أسباب ضحايانا هنا.
حقاً إنها مواقف تشهدها عدن بصدق التعبير والتضامن ، بعيداً عن التسييس والتدليس .. وقد حاول البعض فعل ذلك ، لكن أهالي الضحايا وجمع من المحتشدين رجوهم بأدب جم أن لا يسيسوا الموضوع، ويكفي تضامنهم وحضورهم المرحب به.. وهنا فعلاً اختفت الرغبات التي كانت تريد أن تحول الموضوع إلى مواقف أخرى، ربما كانت ستؤدي إلى مصادمات .. إلخ
شكراً لمن حضر ، وشكراً لأهالي الشهيدين الذين أظهروا رباطة جأش عظيمة رغم مصابهم .. وهكذا هي عدن .. عدن المدنية والحضارة والأخلاق العظيمة وبشهدائها .. كباراً وصغاراً سيخلدها ويخلدهم الزمن، وسيتحدث التاريخ يوماً عن هذه المواقف في أسفاره للأجيال القادمة.. إن شاء الله.
الرحمة لشهدائنا كافة، و شهيدينا الشابين ، خاصة .. ولكل من سقط ظلماً وعدواناً.. والعزاء يتكرر لهم على الدوام.
وعزاء خاص للعم عبد الحميد السامعي الرجل الطيب الذي عرفناه في الأزمة الحالكة ، رجل حب وإنسانية وأخلاق عالية .. بفقدان ابنه عبدالرحيم .. «إنا لله وإنا إليه راجعون»
يوم عدني مميز بموقف مهيب
أخبار متعلقة