الموقف من العدوان الصهيوني على سوريا محك حقيقي لوطنية أو لا وطنية صاحبه، فردا كان أو جماعة، دولة كان أو حزبا سياسيا، زعيما كان أم مواطنا بسيطا. فمن العار أن يبرر البعض هذا العدوان، ولعل ما يندى له الجبين أن يطلع علينا ناطق باسم ما يسمى “الجيش الحر” اسمه حسن الرستناوي ليدلي برأيه الفرح ويعبر عن سعادته لتدمير منشآت سورية على يد الجيش الإسرائيلي عبر التلفزيون الإسرائيلي ؛ فيجيب على سؤال الصحفي الإسرائيلي إيهود يعاري بقوله : لقد أثلجت الغارة قلوب الثوار. أي ثوار هؤلاء الذين يفرحون لتدمير بلدهم؟ وأي جيش وأي حر هذا الذي يعبر عن فرحه لعدوان على بلده؟
إنه من المعيب أن نسمع مثل هذه التصريحات. لكن كما يقول المثل “ العيب من أهل العيب مش عيب” فالذين يقاتلون النظام في سوريا هم أنفسهم من فتحوا بلادهم لعشرات الآلاف من المرتزقة الأوروبيين والأفارقة، العرب وغير العرب، وهم أنفسهم من شرعنوا الدعارة باسم الجهاد وهم من ينقل جرحاهم للمشافي الإسرائيلية. أي عيب أكثر من هذا؟ بعد العدوان أيضا نسمع بعض المسؤولين والزعامات الحزبية العربية يحمّلون النظام السوري مسؤولية الهجمة، شكرا لهم، هذا لسان حال إسرائيل برمتها، ماذا تريد إسرائيل أكثر من عرب يبيضون صفحتها ، ويبرئون ساحتها من شر أعمالها واعتداءاتها؟
أي منطق هذا الذي يحكم هؤلاء المصابين بالعمى ليخالفوا منطق التاريخ والجغرافيا والأخلاق فأدلوا بما أدلوا به؟ ألا تحمّلون أيضا النظام السوري وزر العدوان الإسرائيلي واحتلال فلسطين عام 1948؟ وهل يتحمل النظام السوري وزر أكثر من 300 مجزرة ارتكبتها إسرائيل في تاريخها؟ وهل النظام السوري يتحمل عدوان 1967؟ وهل النظام السوري يتحمل وزر العدوان الثلاثي على مصر ؟ وهل النظام السوري يتحمل مسؤولية احتلال سيناء وقصف قرية الكرامة واحتلال جنوب لبنان ومجزرة قانا وصبرا وشاتيلا ؟ وهل النظام السوري يتحمل مسؤولية الحصار على غزة والحرب عليها؟ وهل النظام السوري يتحمل قصف مصنع الحليب في السودان؟
أية شرعة وأية وطنية وأي مبدأ هذا الذي يبيح حرف الأنظار عن فلسطين الذبيحة ويبرئ ذابحها ؟ هؤلاء العرب الذين سكتوا دهرا ونطقوا كفرا، ليتهم لم ينطقوه، نحمد الله صبحا وعشية أنهم لا يمثلون سوى قلة قليلة من الناس الذين ارتبطت مصالحهم تاريخيا بإسرائيل وأمريكا، بعض هؤلاء ، والزعماء منهم خاصة ، يحتاج لتعلم الديمقراطية مائة سنة ، ليرقى بعلاقته مع شعبه لمستوى” قمعية النظام السوري”. بيوتهم من زجاج هش ، ويرجمون البيت السوري بالحجارة.
أستاذة إعلام في جامعة بير زيت / رام الله فلسطين
من أثلج العدوان صدورهم
أخبار متعلقة