لم تفاجئني تصريحات الفريق أول عبدالفتاح السيسي مثلما فاجأت وصدمت الكثيرين ممن ضاقوا بحكم الإخوان ويرونه كارثة ووبالاً علي مصر والمصريين، ويضعون بيض آمالهم في سلة القوات المسلحة علي أنها ستنزل إلي الشارع وتقضي علي الإخوان ومن معهم، ثم يتولون إدارة البلاد بتشكيل مجلس رئاسي مؤقت، ونبدأ من حيث تخلي مبارك عن الحكم يوم ١١ فبراير ٢٠١١.
نعم كانت هناك إشارات من القائد العام للقوات المسلحة ومتحدثه الرسمي تكشف عن غضب المؤسسة العسكرية وغليان ضباطها من التصريحات المستفزة لبعض قيادات الإخوان والتيارات الإسلامية، وكان هناك تأكيد متكرر أن الجيش لن يتخلي عن الشعب، ولن يسمح باستئثار فصيل بالحكم وتغيير هوية مصر، ولكن هل هذا يعني أن الجيش، الذي سمع سبابه بنفسه «يسقط يسقط حكم العسكر»، سيستجيب علي الفور لنداء قوي متفرقة لا تجتمع علي رأي وتعجز عن تحريك الشارع في مليونية غضب، ولا تجد لها زعيماً، سينزل إلي الشارع بدباباته ومعداته الثقيلة ليدخل معركة ستراق فيها دماء المصريين؟ وهل يجرؤ جيش وطني، تسليحه مرتبط بالدولة العظمي وبمعوناتها، وسيتعرض حتماً هو وبلده لحصار دولي، أن يغامر ويفقد تاريخه مع احتمالات انهياره من أجل دعوات عاطفية أول ما تكشف عنه هو ضعف المعارضة وعجزها عن مواجهة الاحتلال الإخواني فلم تجد أمامها سوي اللجوء إلي الجيش؟!
لهذا كله لم تصدمني تصريحات الفريق السيسي عندما اصطحب ودعا نجوم السياسة والفن والإعلام والرياضة لحضور تدريب وتفتيش الفرقة التاسعة مدرعة ليقول لهم إن الجيش لن ينقلب علي الحكم ولو فعل ستعود مصر ٤٠ عاماً إلي الوراء، وطالبهم بالمشاركة في الانتخابات التي سيحميها الجيش ويضمن نزاهتها. الرسالة واضحة لمن انتقاهم الفريق السيسي ليقول لهم هذا الكلام وسط جنوده، فأغلب من حضر هم خصوم الإخوان والذين هتفوا في البداية «الجيش والشعب إيد واحدة» ثم أصيبوا بخيبة أمل بعد كلمات السيسي، ولا أعرف لماذا.
هل كانوا يتوقعون أن يعلن لهم السيسي عن خطته للانقلاب علي الإخوان ليتطوعوا هم أيضاً في تلك الحرب الأهلية والمرتجاة؟!
ولأنني أنتمي إلي المعارضة -عضوة في حزب الوفد وبالتالي في جبهة الإنقاذ- فإنني أدعو زملائي وأساتذتي وأبناء الشعب المصري إلي أن يتذكروا أيام الثورة الثمانية عشرة، وأنهم بتجمعهم حول حلم ومشروع واحد استطاعوا أن يسقطوا نظام حكم أقوي بكثير من الإخوان المسلمين، وأن البحث والاختباء خلف قواتنا المسلحة العظيمة ما هو إلا ضعف ويأس وعدم ثقة في قدرات هذا الشعب وقوته.
تعالوا نجتمع خلف حزب واحد، ونقاوم من أجل الوصول إلي ضمانات لنزاهة الانتخابات، ونجوب القري والنجوع التي غزاها الإخوان بكيلوات السكر والسمن، لنخاطب تلك العقول الطيبة النقية، وليقف معنا قضاة مصر الشرفاء ليشرفوا علي الانتخابات ويمنعوا ألاعيب الإخوان في التزوير.
بيدنا، كما أسقطنا نظاماً فاسداً مستبداً سنسقط من هو أكثر فساداً واستبداداً، ووقتها سيكون الجيش لنا، لمصر التي ستبقي دوماً حرة أبية علي الظالمين.
بيدنا لا بيد الجيش!
أخبار متعلقة