الحوار الوطني محاولة لتجنيد الرؤى المستقبلية لبناء دولة مدنية حديثة، تقوم على مبدأ المشاركة الواعية لمختلف مكونات المجتمع اليمني، وإبراز مدى قدرة الشباب الناشئ في رصد المرحلة القادمة التي تواجهها اليمن، ووضع أهم المشاكل والأزمات التي يعاني منها الواقع السياسي، الذي عجز وفشل في المرحلة الماضية عن معالجة الأزمات التي أحاطت وتمكنت من المجتمع، مما أفرز أحزاباً وطوائف مذهبية متناحرة، كادت تؤدي إلى حرب أهلية وطائفية، ومستقبل الحوار ينعقد الآن بطرح هذه الأزمات ومناقشتها بعيدا عن المصالح الحزبية والطائفية، والوصول إلى اتفاقيات وتوصيات دولية، تقوم بتنفيذها الدولة، بما يضمن العدالة والمواطنة المتساوية لمختلف أطياف المجتمع واتجاهاته، ومن أهم التكتلات التي تؤدي دورا كبيرا في عملية سير الحوار، وتبني مخرجات سليمة، هي شريحة الشباب ومشاركة المرأة.
الشباب المستقل الذي يعقد عليه مستقبل البلاد الآن هم أكثر انفتاحاً ووضوح رؤية لمستوى العلاقات بين أبناء البلد الواحد، فهم لا يتبنون فكراً عنصرياً متجمداً، أو اتجاهاً حزبياً، أو مصالح فردية، لأنهم هم من أقصوا طويلاً عن تقرير مصيرهم، في وطن عاث فيه المفسدون، ولن يسمح هؤلاء أن يسرق منهم هذا الوطن باتفاقيات أو مبادرات، ولن يتركوا ثورتهم نهباً لمن تسلقوا عليها، وحاصروا أحلامهم، واخترعوا لهم ساحات صراع، ليضيعوا وسطها. والشباب الآن غير ما كان عليه آباؤهم أو أجدادهم.
ومن مكونات الحوار المهمة “المرأة” التي أصبحت اليوم أكثر وعياً وتحرراً، ومعرفة بما يحيط بها، ورغم ضعف المشاركة السياسية للمرأة في الماضي إلا أنها الآن تثبت حضوراً كبيراً بعد أن خرجت إلى ساحات التغيير، والمرأة هي العنصر الفاعل دائماً لولا اقصاء الرجل لها، وتقنينها في المجتمع وتحديد صيغة معينة لسير حياتها، وفي ظل قضايا المرأة العديدة التي تُشكل لها عائقا نحو التقدم والانطلاق، وامتلاك مصير حياتها، يؤسس لها الحوار الوطني أرضية قوية لطرح أهم هذه القضايا، فهي الأعلم بها، وطرحها للمناقشة، لتضمن أحقيتها في صياغة القوانين المدنية التي تضمن لها حياة كريمة.
وتعد المرأة أهم شرائح المجتمع التي عتم عليها في ظل عادات وتقاليد، وسياسة دينية. وهي إن امتلكت العلم والمعرفة، وشاركت بنصيب أوفر في القرارات السياسية، ستضيف وتغني الساحة في مختلف الجوانب، والتطور والتقدم لا يكتملان في مجتمع بغير تكامل الجنسين، فالمرأة في بلادنا قد دخلت معترك الحياة، منذ القدم وشاركت الرجل الحقل، وهي أكثر من عانت بسبب غربة الرجل وتركها تتحمل أعباء الحياة، في البيت والحقل، فقد تألمت وصبرت، والآن أصبح في مقدورها أن تحدد مصيرها وتعالج مشاكلها، وفي ظل التغيرات الراهنة، ليس بعيدا أن ترتقي لمناصب عليا في الدولة، والحوار الوطني ليس إلا عجلة دفع لتلك المتغيرات نحو نسق منتظم، وتوحيد آراء اليمنيين لمخرجات واضحة، لاستقرار البلاد والمنطقة.
المرأة.. والحوار الوطني
أخبار متعلقة